انضمت مقاهي النارجيلة في فرنسا التي اصبحت معلماً لحياة المهاجرين الى صفوف المقاهي الفرنسية التقليدية التي تبيع التبغ في حرب من أجل البقاء في مواجهة قانون جديد يحظر التدخين. وما لم تتراجع الحكومة فسيمتد حظر التدخين حتى يقضي على هذه المقاهي التي ينفث روادها من الاراجيل دخان التبغ المطعم بالتفاح أو العسل. وفي مقهى"توارج"الواقع وسط حانات ومسارح بالقرب من حي بيغال، شمال باريس، تعبق رائحة التبغ الحلوة. المكان خافت الاضاءة في حين تمتزج همهمات أحاديث الزبائن مع أغنية شعبية عربية. يسترخي الزبائن على أرائك واطئة يتحدثون ويحتسون الشاي الحلو بالنعناع ويجذبون انفاساً بين الحين والآخر من النارجيلة الموضوعة أمامهم. وقال حكيم الشخاب صاحب المقهى مع اقتراب الموعد النهائي لفرض حظر التدخين في الاول من كانون الثاني يناير المقبل:"نحن نعد الايام". وفرضت قيود مماثلة في دول أخرى منها بريطانيا التي فرضت حظراً على التدخين في وقت سابق من هذا العام. وفي فرنسا ادى التهديد بحظر التدخين الى اقامة تحالفات بين أصحاب مقاهي النارجيلة واصحاب المقاهي الفرنسية التقليدية التي تبيع التبغ في مواجهة الحكومة التي تحصل على ضريبة نسبتها 64 في المئة من ثمن علبة السجائر. وانضم اصحاب مقاهي النارجيلة الى الوف من أصحاب المقاهي العادية في تظاهرة ضد الحظر في 21 تشرين الثاني نوفمبر الماضي يقولون انهم عازمون على مكافحته لأطول فترة ممكنة. وجاءت النارجيلة المعروفة كذلك باسم الشيشة من طريق المهاجرين من شمال افريقيا والشرق الاوسط. لكن المقاهي التي تقدمها أصبح لها مكانة مهمة في فرنسا اذ يقدر عددها بنحو 800 من بين 46 الف مقهى وحانة في البلاد بحسب بيانات اتحاد الفنادق والمطاعم والمقاهي في فرنسا. وبعدما كانت هذه المقاهي تعتمد اساساً على المهاجرين من كبار السن الذين يعانون الحنين إلى أوطانهم أصبح ارتيادها الآن شائعاً بين الشبان الذين يطلبون بديلاً من الحانات التي تقدم الخمور. وقال عدنان دباك بينما كان يشارك في تدخين نارجيلة مع صديق له في حين كانت شاشة تلفزيون تبث مباراة كرة قدم"هذه حالة لا تجدها في الوطن، انها ملتقى اجتماعي. تأتي مع اصدقائك الى مكان نظيف ولا تواجهك مشاكل مثلما يحدث في أماكن أخرى." وتتراوح هذه المقاهي بين صالات فاخرة تنساب منها الموسيقى الغربية في أحياء راقية مثل حي الباستيل وأماكن شعبية مثل مقهى توارج أو مجرد حجرة جانبية في أحد المطاعم التي تقدم المشويات العربية. ويقول خبراء في الصحة ان النارجيلة قد يكون لها أثر أكثر تركيزاً وضرراً من أنواع أخرى من التدخين. وتقول منظمة الصحة العالمية ان جلسة نارجيلة واحدة مدتها ساعة يستنشق فيها المدخن ما بين مئة مرة ومئتين مثل ما يستنشقه من تدخين سيجارة واحدة، قد تحدث اضراراً خطيرة لمستخدمها والمعرضين لدخانها. وحتى الذين يؤيدون النارجيلة فإنهم يقرّون بخطورتها لكنهم يقولون انه مادام تعاطي التبغ مازال قانونياً فلا معنى لتطبيق قانون يهدف الى خفض آثاره السلبية في الحانات والمطاعم وقصره على الاماكن المخصصة للتدخين فقط. ومع اقتراب الموعد النهائي لتطبيق القانون في الاول من الشهر المقبل يبدو أن فرص تأجيل التنفيذ تتضاءل. وقالت متحدثة باسم وزارة الصحة"القرار اتخذ. لن تكون هناك استثناءات للحظر الكامل للتدخين باستثاء الأماكن المفتوحة."