انهت السلطة الفلسطينية إعداد خطة تنمية ثلاثية لتقديمها الى مؤتمر المانحين الذي سيعقد في باريس في السابع عشر من الشهر الجاري. وتتسم الخطة التي شاركت وزارات ومؤسسات السلطة على مدار الاشهر الخمسة الماضية في اعدادها بطابع انقاذي، اذ جاءت بعد سبع سنوات من انتفاضة قام خلالها الجيش الاسرائيلي بتدمير واسع للبنية التحتية، وبعد اكثر من عام ونصف العام على توقف الدول المانحة عن تقديم دعم مباشر للسلطة بعد فوز حركة"حماس"في الانتخابات التشريعية وتشكيل حكومتين تولتا ادارة السلطة منذ آذار مارس 2006 وحتى حزيران يونيو 2007. وقال وزير التخطيط الدكتور سمير عبدالله ان تكاليف تنفيذ الخطة التي تشمل السنوات من 2008 الى 2010 تصل الى 5.5 بليون دولار، وتشمل اعادة اعمار البنية التحتية، وتوفير رواتب موظفي السلطة. وتلقى رئيس الحكومة سلام فياض الذي يحظى بدعم غربي واسع، تأكيدات من دول وحكومات غربية عديدة بدعم خطته. لكن هذا الدعم مرهون بقدرة الحكومة على اعادة هيكلة نفقاتها وتحديد اولوياتها، فعلى سبيل المثال تدفع الحكومة نحو 500 مليون دولار سنويا فاتورة كهرباء عن الأسر التي توقفت عن دفع الكهرباء منذ اندلاع الانتفاضة جراء تردي اوضاعها الاقتصادية. وقال فياض امس في لقاء مع بلديات رام الله والبيرة وبيتونيا ان الحكومة وضعت خطة لوقف دفع هذه الفاتورة الضخمة التي تساوي قيمتها تقريبا ايرادات الحكومة من الضرائب والجمارك والرسوم. واضاف ان الخطة تشتمل على حصة كبيرة لدعم البلديات لتطوير البنى التحتية من طرق ومياه وصرف صحي ونفايات ومدارس وتطوير انظمة مالية ومعلوماتية وغيرها. كما تتضمن الخطة توفير دعم مالي لموازنة الحكومة لتمكينها من دفع فاتورة رواتب موظفيها ونفقاتها الجارية التي تصل الى نحو 180 مليون دولار شهريا، علما ان ايراداتها من الضرائب والجمارك التي تجبيها اسرائيل عن البضائع المستوردة تتراوح بين 50 إلى 70 مليون دولار شهريا. ويحاول فياض اقناع الدول المانحة بدعم الموازنة الحكومية لفترة محددة يُتوقع خلالها ان تبدأ خطة التنمية بتحقيق انتاج محلي يقود الى استغناء الحكومة عن الدعم الخارجي. ودأبت الدول المانحة على رفض تقديم دعم مباشر للموازنة، وفي الحالات المحدودة التي قدمت فيها مثل هذا الدعم اشترطت على وزير المال في حينه سلام فياض ادخال اصلاحات جوهرية، في مقدمها تقليص الجهاز الحكومي المتضخم. لكن التغيرات التي اعقبت سيطرة"حماس"على قطاع غزة بالقوة المسلحة، جعلت كثيرا من الدول الغربية تتساهل في شروطها تقديم الدعم للرئيس محمود عباس وحكومته التي يقودها فياض. وحددت الخطة ثلاثة اسس للتنمية الحقيقية في الاراضي الفلسطينية، وهي على النحو التالي: - فرض القانون والنظام في الاراضي الفلسطينية، وتنفيذ اصلاحات رئيسية تمكن السلطة من خلق اقتصاد مستدام، وبناء مؤسسات فاعلة تشكل نواة لدولة مستقلة. - قيام اسرائيل بإزالة العقبات التي تعرقل سير عمل الحكومة والاقتصاد، وبالتالي قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. - مطالبة المجتمع الدولي مواصلة دعمه لصمود الشعب الفلسطيني وتوفير دعم متسق ومرن للسلطة الوطنية الفلسطينية. وتشدد الخطة على ضرورة إقدام حكومة اسرائيل على اجراءات كبيرة وجوهرية مثل ازالة الحواجز العسكرية، مشيرة الى انه من دون ذلك فان استثمار السلطة والجهات المانحة في خطة الاصلاح والتنمية الفلسطينية لن يحقق تحسينات مستدامة. كما تربط الخطة بين نجاحها وحدوث تقدم ملموس في عملية السلام والتفكيك الفوري للقيود المفروضة على حركة الشعب الفلسطيني والبضائع. ومن دون حصول السلطة على مثل هذا الدعم، فانها ستعجز الشهر الجاري عن دفع رواتب موظفيها البالغ عددهم اكثر من 175 الف موظف. واعتمدت السلطة في دفع رواتب موظفيها منذ حزيران يونيو الماضي على التحويلات المالية التي احتجزتها اسرائيل من اموال الجمارك طيلة فترة سيطرة"حماس"على الحكومة.