كشف رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض أمس أن حكومته باتت غير قادرة على دفع رواتب موظفيها بسبب احتجاز اسرائيل أموال التحصيلات الجمركية عقب التوقيع على اتفاق المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس». جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مع القنصل الفرنسي العام في القدس عقب توقيعهما إتفاقية حوّلت فرنسا بموجبها للسلطة الفلسطينية مساعدة مالية بقيمة 10 ملايين يورو. وتشكل التحويلات المالية الجمركية من إسرائيل ثلثي عائدات السلطة، فيما تشكل هذه العائدات 66 في المئة من النفقات الجارية للسلطة، ما يضطرها للبحث عن ممولين خارجيين لسد الفجوة بين الايرادات والنفقات. وأقدمت اسرائيل على وقف التحويلات الجمركية للسلطة عقب توقيع إتفاق المصالحة، متعللة بالخوف من وصول الاموال الى «حماس». وتقوم إسرائيل بموجب إتفاق باريس الاقتصادي الذي وقع بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية عام 1996 بجمع الجمارك عن البضائع القادمة الى أراضي الفلسطينية وتحويلها لها في نهاية كل شهر مقابل أجر يساوي 3 في المئة من قيمة الاموال المحصلة. وجاء هذا الاتفاق لتنظيم العلاقة الاقتصادية بين الجانبين خلال الفترة الانتقالية بحكم سيطرة إسرائيل على المعابر الموصلة الى الاراضي الفلسطينية. وقال فياض امس ان قرار إسرائيل الذي جاء بعد اتفاق المصالحة جعل الحكومة في وضع مالي «حرج للغاية»، مضيفاً ان السلطة كانت تدفع الرواتب للعاملين عندها والبالغ عددهم 150 ألفاً في اليوم الخامس من كل شهر منذ منتصف عام 2007. وأوضح ان السلطة تعاني من عجز مالي متراكم منذ العام الماضي بقيمة مئة مليون دولار، يضاف اليه عجز مالي شهري منذ مطلع العام بقيمة 30 مليون دولار. وأشار الى أن العجز المالي المقدر في موازنة السلطة للعام الحالي يبلغ نحو 970 مليون دولار، يجري تغطيته من الدعم الخارجي. لكنه قال ان ما وصل الى السلطة من دعم خارجي للموازنة العام الحالي بلغ 209 ملايين دولار، منها 52 مليون دولار فقط من الدول العربية. وطالب فياض المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتحويل الاموال المحتجزة، كما طالب الدول العربية بمد يد العون للسلطة التي تتعرض الى الابتزاز السياسي من إسرائيل بسبب المصالحة الفلسطينية. وأعرب عن إستغرابه من الانتقادات التي وجهتها جهات فلسطينية لحكومته من أنها تؤخر دفع الرواتب لإظهار وجود أزمة مالية لأغراض سياسية، وقال: «الأزمة معروفة للقاصي والداني، وهي متراكمة منذ العام الماضي». واوضح: «إسرائيل تحتجز أموالنا التي بلغت قيمتها عن الشهر الماضي 105 ملايين دولار، وهذا السبب الذي حال دون قدرتها على دفع الرواتب في موعدها للمرة الاولى منذ عام 2007». وقال إن السلطة لن تتمكن من دفع الرواتب الا في واحدة من حالتين: إما أن تحول إسرائيل المستحقات الجمركية الفلسطينية، او أن تقدم الدول المانحة للسلطة منحة مالية بقيمة المبلغ المحتجز. في هذه الاثناء (أ ف ب)، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان امس تحويل «10 ملايين يورو الى السلطة» ضمن مساعدة لموازنة عام 2011، معتبراً ان تحويل الأموال «يندرج في إطار مساعدتنا لبناء مؤسسات دولة فلسطين المستقبلية، والذي ترجم بين 2008 و2010 بمساعدة قدرها 68 مليون يورو في السنة، من بينها 25 مليوناً سنوياً مساعدة للموازنة». واضاف: «في الوقت الذي يواجه الوضع المالي للسلطة صعوبات، فإن هذه الأموال تشكل مساهمة لتسديد رواتب موظفين»، مندداً بقرار اسرائيل «الامتناع عن صرف عائدات الضرائب المستحقة للسلطة»، وقال: «نأسف لقرار تعليق القسط الاخير. فهو ينعكس سلباً على مواصلة الاصلاحات وتشكيل مؤسسات فلسطينية تحت سلطة الرئيس عباس». وشدد على ان «دفع مبلغ العشرة ملايين يورو يأتي في فترة حرجة، ونحن نرحب بقرار المفوضية الاوروبية الموافقة على مبدأ منح مبلغ اضافي بقيمة 85 مليون يورو الى السلطة». وكانت اسرائيل نددت الاحد بالمبلغ الاضافي، مشيرة الى «تناقض في سلوك» الاتحاد الاوروبي الذي «يعتبر حماس منظمة ارهابية لكنه لا يتخذ أي احتياطات عن الطريقة التي تتصرف بها بتلك المبالغ». ورد فاليرو بالقول: «نعتبر ان الحكومة الفلسطينية الحالية برئاسة سلام فياض تقدم كل الضمانات الضرورية لجهة شفافية المالية العامة وحسن استخدام المساعدات الدولية. ونتوقع ان تبقى الحكومة الفلسطينية المستقبلية على تلك الضمانات».