نجح الرئيس فلاديمير بوتين في رسم صورة مزدوجة لدوره. فهو رمز وطني واجتماعي في آن واحد. وأفصح بكلمات قليلة عن مبادئه، وهي الليبرالية والمنافسة والمبادرة الفردية والخاصة. ورحب أول شطر من الروس، هو الشطر"المقاول"والمغامر، بخطاب بوتين، وأثنوا على مبادئه، في حين أن الشطر الثاني، وهو الشطر الضعيف والقليل الحيلة، سارع الى إعلان تحفظه عن التزام نموذج الديموقراطية الغربية. ودعا الشطر المتحفظ بوتين الى صوغ نموذج ديموقراطي مستمد من القيم الروسية. وكان حرياً به رفض مبادئ الرئيس، ولكنه رأى بارقة أمل في خطاب بوتين، هو الأمل في إرساء نموذج روسي يخالف نهج"أعلام"الرأسمالية الروسية ورجال أعمالها. ويترتب على افتراض ان بوتين هو رمز روسيا، أنه ليس قائدها. فقلب بوتين يميل الى إدارة الأعمال أكثر من ميله الى قيادة الأمة. وترددَ بوتين في تبوء دور القائد، والانحياز، تالياً، الى شطر من المجتمع الروسي المنقسم على نفسه. ولعل أبرز صفات القائد هي ان يتحلى بحكمة تعريف المخاطر المحدقة ببلده، وتحديد أهداف خططه وسبل تحقيقها. والحق ان رؤية بوتين السياسية تفتقر الى الوضوح، على خلاف رؤية ستالين. وهو فشل في معالجة مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة. ولكن هذا الفشل لم يلحق الضرر بشعبيته ولا برمزيته. فالروس مثل الغريق تمسكوا بقشة، ولن يفلتوا هذه القشة خوف الغرق، من جديد، في فوضى مطلع التسعينات إثر انهيار الاتحاد السوفياتي. ويأمل الروس في ان يعالج رأس السلطة المشكلات الفعلية، وأن تتحول، تالياً، القشة الى خشبة نجاة تحملهم الى بر الأمان. ويرجو الناس أن يتبنى الرمز شؤونهم الأرضية، وأن يصبح في ولايته الثالثة قائداً فعلياً. عن سيرغي كارا-مورزا، "روسكي جورنال" الروسية، 3/12/2007