تستأثر ظاهرتا تلوّث الهواء وتغير المناخ باهتمام قادة عالميين وشركات كبرى ومنظمات غير حكومية وحتى تلاميذ، ونتيجة لهذا الاهتمام بدأت أداة خاصة بسياسة البيئة تعرف بپ"السقوف والمقايضة"، وهي تبدو واعدة لخفض مستويات انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وتوجد آليات من"السقوف والمقايضة"، إلا أن نظاماً من هذا القبيل عموماً يطبق من خلال فرض سقف إجمالي، ولفترة زمنية محددة، على عنصر او أكثر من الملوثات المنبعثة الصادرة مثلاً عن معامل توليد الطاقة بموجب البرنامج. وجرت العادة أن يقرر السقف، الأثر البيئي المنشود. أما الهيئات المشاركة في هذا البرنامج، وتشكل مصادر تتجاوز حدود الإنبعاثات، فهي تغرّم. كما يجوز لتلك المندرجة في هذه الخطة أن تقايض أو تبيع أو تدخّر في بنك للبيئة، حصصاً أو أرصدة. وفي الولاياتالمتحدة خطط ملزمة للمقايضة والسقوف الخاصة بالملوثات تشرف عليها الحكومة، فضلاً عن برامج طوعية في القطاع الخاص تتعلق بغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري. ويعمل كل من هذه البرامج في شكل مختلف، إلا أن كلاً منها أبلغ عن نجاح في خفض مستوى المواد المنبعثة. وتملك وكالة حماية البيئة 20 سنة من الخبرة في مجالات تصميم برامج السقوف والمقايضة وتشغيلها وتقويمها. وأطولها عهداً هو"برنامج المطر الحمضي القومي"الذي تأسس في 1995 وهو يعمل على الحد من إنبعاث أوكسيد الكبريت الناجم عن الاستخدامات البشرية. وتشكل هذه المادة عنصراً مضراً يدخل في تركيبة المطر الحمضي الناتج عن مولدات الطاقة الكهربائية وعمليات صناعية. وثمة برنامج آخر للسقوف والمقايضة تأسّس في 1999، وهو يحد من انبعاثات أوكسيد النيتروجين. ويمكن أن تشكل برامج السقوف والمقايضة أدوات قوية لحماية الصحة العامة والبيئة، بحسب مدير برامج طبقات الهواء في دائرة الهواء والإشعاع في وكالة حماية البيئة بريان ماكلين، متحدثاً امام لجنة الطاقة والتجارة التابعة لمجلس النواب الأميركي في آذار مارس الماضي، وأشار في إفادته الى أن اقتراح اعتماد نهج السقوف والمقايضة حصل"عندما كان التشريع الخاص بالمطر الحمضي قيد التطوير، ولم يكن مجرّباً بعد وينظر اليه بريبة". وشكّك كثر في قدرته على تحقيق حماية البيئة الموعودة. تحديد حجم الكبريت ويحدد برنامج المطر الحمضي سقفاً على إجمالي أوكسيد الكبريت المنبعث من قطاع توليد الطاقة الكهربائية في أراضي الولاياتالمتحدة. وينفذ من خلال إصدار حصص مساوية للسقف، كما ذكرت غابرييل ستيفنز عالمة البيئة في دائرة"أسواق الهواء النقي"التابعة لمكتب برامج طبقات الهواء في وكالة حماية البيئة لموقع"يو إس إنفو"، كما يوزعها هذا البرنامج على مصادر خاضعة للتنظيم. وتبلغ الحصة الواحدة طناً من أوكسيد الكبريت، وهي مثابة تصاريح بالإنبعاث. وتطرح وكالة حماية البيئة في المزاد 2.8 في المئة من الحصص في آذار مارس من كل سنة، على أن تباع لأي جهة مستعدة لشرائها. والسعر المتداول الحالي هو في حدود 515 دولاراً للطن الواحد. ولفت ستيفنز الى وجود"سوق ناشطة في تجارة الحصص بين المصادر الخاضعة للتنظيم، إلا أن في إمكان أية جهة ان تشتريها، من سماسرة او تلاميذ مدارس. فإذا اشترت مدرسة حصة واحدة فسينبعث طن واحد أقل في البيئة". ويشكل عامل الامتثال الحاسم مطلباً من كل مصدر للإبقاء على حصص كافية في حساباتها للتعويض عن الانبعاثات السنوية من أوكسيد الكبريت، في حين تُغرّم تلقائياً الجهات التي لا تحتفظ بكميات كافية. وأشار ستيفنز الى أن الغرامة بلغت 3152 دولاراً للطن الواحد في 2006 ، وعلى الجهات المغرمة أن تسلم حصة من توزيعها في المستقبل. وتجاوز متوسط عدد حالات الامتثال 99 في المئة، في حين تراجع إنبعاث أوكسيد الكبريت من معامل الطاقة بمعدل 40 في المئة منذ 1990". وأسس الاقتصادي في جامعة نورثوسترن في شيكاغو ريتشارد ساندور، برنامج شيكاغو لمقايضة المناخ في 2003 بهدف تطبيق ابتكارات وحوافز مالية تؤدي الى تعزيز أهداف اقتصادية واجتماعية وبيئية. ويضم البرنامج أكثر من 300 مؤسسة عضو وهو الأول في العالم والوحيد في أميركا الشمالية، يمثل برنامج مقايضة حصص إنبعاث غازات الاحتباس الحراري الملزم قانوناً. كما أنه النظام العالمي الوحيد لمقايضة الانبعاثات، المرتكز على غازات الدفيئة الستة، ومن ضمنها ثاني أوكسيد الكربون والميثان والأوكسيد النيتراتي. والشركات الأعضاء فيه هي"فورد"للسيارات، و"دوبون"للكيميائيات، و"آي بي أم"لأجهزة الكومبيوتر وشركات أخرى متعددة الجنسية، فضلاً عن ولايتي نيومكسيكو وإيلينوي الأميركيتين، والجامعات وتجار ومهنيين في مجال البيئة. وعلى رغم أن القانون لا يلزم بذلك، إلا أن المؤسسات الأعضاء في برنامج شيكاغو لمقايضة المناخ تلتزم خفض انبعاث الغازات 6 في المئة في 2010. ويمكن للأعضاء غير القادرين على ذلك، شراء أرصدة من الذين يخفضون كميات إضافية، كما يمكنهم شراء تعويضات من مشاريع موافق عليها تعمل على تخزين غازات الإحتباس الحراري وإتلافها واستبدالها. وتتطوّع شركات لتبني هذه الالتزامات لأسباب منها، مطالبة المستثمرين والمساهمين وجماعات المصالح العامة بالكشف البيئي، كما أشار مؤسس برنامج شيكاغو ومديره لموقع"يو إس إنفو"، موضحاً أن في إمكان المساهمين والأسواق اعتبار الشركات التي"لا تحدّ بإحكام من الإنبعاثات، وهي في الواقع مقايضة الإنبعاثات، أنها تجهل كميات الطاقة التي تستهلكها، وينقصها نهج استراتيجي حيال تغيير المناخ من منطلق تجاري او سياسي". ويُعتبر"برنامج مقايضة الإنبعاثات للاتحاد الأوروبي"الذي تأسس في 2005 ، أفضل برنامج متعدد الطرف لمقايضة غازات الاحتباس الحراري في العالم. وأوضح هارفي ان برنامج السقوف والمقايضة هو"أداة بدأت تخترق أنحاء العالم بعدما بدأ الناس يتحققون من قيمة استخدامها".