تراجع الوفد الفلسطيني المفاوض عن تهديدات سابقة بجعل الاستيطان بندا وحيدا على جدول المفاوضات الى ان توقف اسرائيل نشاطاتها الاستيطانية، بما فيها"النمو الطبيعي"في المستوطنات، ووافق على استئناف المفاوضات بصورة منتظمة بدءا من الاسبوع المقبل. وأعلن رئيس الوفد المفاوض احمد قريع امس ان المفاوضات ستستأنف رسميا الاسبوع المقبل، وسيجري بحث هيكلية اللجان التفاوضية وبرامج التفاوض. وكانت المفاوضات شهدت ازمة شديدة قبل ان تبدأ رسميا في موعدها الذي حدد في"مؤتمر انابوليس"في 12 الجاري عندما اعلنت اسرائيل عن خطط للتوسع الاستيطاني في مستوطنات مقامة على اراضي القدسالشرقية الجاري التفاوض على مصيرها. واعلن الجانب الفلسطيني ان المفاوضات لن تنتقل من موضوع الاستيطان الى اي مسألة أخرى ما لم تعلن اسرائيل تجميد المشاريع الاستيطانية كاملة في انحاء الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما في ذلك ما تسميه اسرائيل"النمو الطبيعي في المستوطنات". لكن الجانبين لم يتوصلا الى اتفاق في هذا الشأن في لقاء القمة الذي جمع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت اول من امس. وحسب مسؤولين فلسطينيين، فإن اولمرت وعد عباس بعدم بناء اي مستوطنات جديدة، وعدم مصادرة اي اراض جديدة، معللا القرارات الاخيرة ببناء اكثر من ألف وحدة سكنية في مستوطنتي"هارحوماه"و"معاليه ادوميم"بالقول"انها نمو طبيعي داخل المستوطنات القائمة وليس في مناطق جديدة". وبرر ناطقون باسم اولمرت هذه القرارات قائلين:"انها بناء داخل احياء قائمة"او"بناء في مستوطنات سيجري منح الفلسطينيين اراضي بديلة عنها عندما يتم التوصل الى اتفاق على اقامة دولة فلسطينية مستقلة". ويبرر الجانب الفلسطيني موقفه من استئناف المفاوضات من دون إلغاء قرارات البناء الاستيطاني الجديد بالاشارة الى قبول اسرائيل مبدأ تجميد الاستيطان وعدم القيام بخطوات جديدة من شأنها الاجحاف بمفاوضات الوضع النهائي، وقبول ان يتولى الجانب الاميركي دور الحكم في وفاء كلا الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بالتزاماته الواردة في المرحلة الاولى من"خريطة الطريق"، وهو ما تم الاتفاق في شأنه في"مؤتمر انابوليس". ومن المستبعد ان يحقق الجانبان تقدما في المفاوضات في هذه المرحلة بسبب حجم الخلافات والتناقضات بين الجانبين وداخل الحكومة الاسرائيلية نفسها. ويتوقع بعض المراقبين الا يشهد عام 2008 اي تقدم في المفاوضات السياسية وان يقتصر التقدم، في حال حدوثه، على الامور الحياتية فقط. ويتوقع البعض المتفائل ان يُقدم اولمرت على التوصل الى اتفاق مع الرئيس عباس لدى اقتراب موعد الانتخابات الاسرائيلية كي يقدم مثل هذا الاتفاق لاستفتاء قد يعيده وحزبه المتراجع"كاديما"الى الحكم. ويؤدي الموقف الاسرائيلي من الاستيطان الى تنامي توجه فلسطيني يطالب بوقف المفاوضات السياسية التي يرى فيها غطاء لتواصل الاستيطان، مهددا بشطب مطلب الدولتين واللجوء الى مطلب دولة واحدة لكل مواطنيها. ويرى الفلسطينيون في هذا الخيار تهديدا استراتيجيا للطبيعة اليهودية التي يحاول قادة الدولة العبرية تكريسها في دولتهم.