سجال عقيم يدور في مجلس النواب العراقي حول خفض مفردات البطاقة التموينية. منشأ العقم انك لا تعرف على وجه التحديد من هو صاحب مقترح خفض مفردات البطاقة التموينية، فجميع الكتل السياسية أبدت امتعاضها من هذا القرار بأسلوب لا يخلو من المزايدة السياسية. حتى ان الوزير صاحب الفكرة والمنتمي الى التكتل الشيعي حذّر من حدوث كارثة إنسانية فيما لو خفضت مفردات البطاقة. من يريد اذاً تخفيض هذه المفردات التي باتت تشكل عصب الحياة للعائلة العراقية، وليس كما ذكر وزير التجارة من أنها تشكل 60 في المئة من العراقيين؟ بل هي اكثر من هذا بكثير، فغالبية العراقيين يعتمدون عليها في شكل أساس ولا نعرف من أين أتى وزيرنا الإسلامي بهذه الإحصائية. فكرة البطاقة التموينية جاءت بعد عام 1990 حينما فرض الحصار الاقتصادي على البلاد بعد غزو الكويت وعندما فرضت الأممالمتحدة قرارها الرقم 661. سارع النظام الى تأمين الحصة الغذائية للمواطن العراقي خوفاً من حدوث اضطرابات داخلية، خصوصاً بعد النكبات التي جرّتها حروبه الخارجية. اكتشف النظام آلية البطاقة التموينية لإيصالها الى كل بيت عراقي خشية ارتفاع الأسعار في شكل جنوني فيما لو ترك الأمر بيد الطبقة البورجوازية الجشعة، وكذلك خوفاً من تلاعب التجار بقوت الشعب، وقد كان محقاً في هذا القرار. مفردات البطاقة التموينية في زمن النظام البائد كانت تصل في شكل مستقر لم تنقطع عن المواطنين على رغم كل الظروف وشملت الألبان والدجاج والسجائر وحليب الصغار والكبار، إضافة الى المواد الأساسية قبل ان تقتصر في نهاية حكم النظام على مفرداتها العشرة التي ابقى النظام الجديد عليها من دون أية إضافة أو زيادة أو تحسين، بل بدأ المواطن يشكو من عدم تسلمه الحصة كاملة كما هو حاصل اليوم في مادة الزيت التي اختفت من البطاقة لما يزيد عن ستة اشهر. ثم اطل علينا وزيرنا بخفض مفردات البطاقة الى خمس مواد فقط، وهذه المواد الخمس أصابها أيضاً الترشيق، فمادة الطحين انخفضت من 9 كيلوغرامات الى 6 كيلو، والرز من 3 الى 2. وحجته ان العراقيين يبيعون هذه المواد ولا يستخدمونها. سبحان الله كيف عرف الوزير ان العراقيين يبيعون حصتهم التموينية وكيف أدرك ان مفرادته تسد حاجة المواطن. مفردات البطاقة التموينية ستكون المحك لصدقية الحكومة والضربة القاصمة التي تكسر ظهر البعير المريض الذي أوجع رأس العراقيين طوال هذه السنوات العجاف التي افتقد فيها الخدمات... كل الخدمات. الخوف ليس من خفض مفردات البطاقة وإنما من المستقبل المجهول الذي تسير فيه حكومتنا المبجلة. حكومة الشهداء والضحايا الذين انتخبوها بدمائهم. الخوف من ان خفض مفردات هذه البطاقة سيجعل حكومتنا مكشوفة الظهر. سعد البغدادي - بريد الكتروني