سلمت روسيا أول شحنة وقود نووي للمحطة النووية الايرانية في بوشهر، في خطوة طلبت القوى الغربية القلقة من طموحات طهران النووية من موسكو عدم الإقدام عليها. وتزامن الإعلان عن تسليم الوقود النووي مع الكشف عن بدء قوات الحرس الثوري بمناورات عسكرية في مياه الخليج وبحر عمان، بعدما أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية في وقت سابق عن تحضير لهذه المناورات، من دون تحديد موعدها . وفي توقع للعاصفة الديبلوماسية التي سيثيرها الإعلان عن هذا النبأ، أفادت الخارجية الروسية أمس، بأن ايران قدمت ضمانات خطية جديدة لعدم استخدام الوقود النووي الروسي الذي سلم لمحطة بوشهر في أي أغراض اخرى. وحضت روسياايران على التخلي عن برنامجها الخاص لتخصيب اليورانيوم. واعتبرت الوزارة في بيان ان تسليم الشحنة الاولى من الوقود النووي لبوشهر مطلع هذا الاسبوع، أوجد ظروفاً يجب ان تسمح لإيران بوقف برنامجها الخاص لتخصيب اليورانيوم، لأن روسيا توفر لها كل حاجاتها من الوقود النووي. وأكد مصدر ايراني مطلع ل"الحياة"في طهران، ان عملية تسليم الوقود من جانب روسيا ، تكشف مدى"الافتراق بين الموقفين الروسي والاميركي، ليس فقط في الملف النووي الايراني بل في كثير من الملفات"، واضاف ان تقرير مدير الوكالة الدولية محمد البرادعي وتقرير الاستخبارات الأميركية ساهما في شكل كبير في دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى اتخاذ مثل هذا القرار. وتوقع هذا المصدر ان ترد ايران على الخطوة الروسية بتمرير رسائل تفيد بدرس طهران إمكان التوصل الى اتفاق حول عمليات التخصيب المشترك في الخارج. لكن المصدر لفت إلى أن إيران ستشترط لتحقيق ذلك الحصول على تعهدات دولية بتزويدها بالوقود اللازم من الأسواق العالمية وبأسعار مدروسة، مقابل وقف تطوير قدراتها التكنولوجية في مجال نشاطات تخصيب اليورانيوم مع الاحتفاظ بالمستوى الذي حققته حتى الآن بعيداً من التخصيب الصناعي. واكدت الخارجية الروسية ان دفعات الوقود النووي التي يتم تسليمها إلى إيران تجرى تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. واضافت انه"ستتم اعادة الوقود بعد استخدامه في بوشهر الى روسيا لإعادة معالجته وتخزينه"لضمان عدم ذهابه الى جهات اخرى. وجاء في بيان للوزارة ان"التعاون الروسي - الايراني في شأن محطة بوشهر للطاقة يبين بوضوح انه يمكن ضمان تحقيق الخطط الوطنية لتطوير قطاع الطاقة النووية المدنية في شكل فعال وموثوق". وترفض روسيا الدعوات الاميركية لتعليق مشروع بوشهر, وتؤكد أنه لا دليل يدعم شكوك البيت الابيض بأن ايران تعمل على بناء قدرات عسكرية نووية سراً. وأعلنت شركة"اتوم ستروي اكسبورت"في بيان أن عملية التسليم ستستغرق شهرين، إذ تبدأ المحطة التي يبنيها اختصاصيون روس في انتاج الكهرباء خلال ستة شهور تقريباً. وبحسب خبراء المؤسسة تتطلب عملية شحن الوقود الأولى تجهيز المشروع ب 163 قضيباً أساسياً من"اليورانيوم 235"المخصب حتى 62.3 في المئة و17 قضيباً احتياطياً. ويجرى التجهيز على مراحل، وتستغرق العملية شهرين. وقال سيرغي شماتكو رئيس مؤسسة"آتوم ستروي اكسبورت":"نسقنا موعد إكمال مشروع بناء محطة بوشهر الكهرذرية. وعالجنا كل المشكلات العالقة ونستطيع إعلان الموعد الدقيق لإنجاز المشروع وتشغيل المحطة في آخر الشهر الجاري"، علماً بأن خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية قاموا مع الخبراء الروس بين 26 و30 من الشهر الماضي، بفحص الوقود النووي المخصص لمحطة بوشهر وختم الحاويات التي سترسل إلى إيران. وأكدت الوكالة الدولية"عدم وجود أي ملاحظات لديها حول نوعية الوقود النووي الروسي"المخصص لبوشهر. لكن مدير وكالة الطاقة الذرية الايرانية غلام رضا آغازاده، قال أمس إن ايران لن توقف تخصيب اليوارنيوم تحت أي ظرف حتى بعد تسليم الوقود النووي الروسي لأول محطة نووية ايرانية. وقال غلام رضا آغازاده:"الدفعة الاولى وصلت الى ايران الاثنين. وسيتواصل تسليم الوقود وسيتم اعطاء ايران كل شيء بحسب الجدول الزمني". ويجرى تخزين الشحنة الاولى في بوشهر، وستسلم بقية الوقود خلال الشهرين المقبلين، وبعد ذلك يمكن للمحطة ان تبدأ العمل خلال ستة شهور. وأكد آغازاده ان الشحنة الاولى زنتها نحو 82 طناً، وأشار إلى انها الكمية اللازمة لتشغيل محطة بوشهر في السنة الاولى. ووعد آغازاده بتشغيل المفاعل منتصف العام المقبل ، لكنه المح الى امكان الاستمرار ببرنامج التخصيب، بتأكيده حاجة إيران لمزيد من الوقود في المستقبل لتشغيل مفاعل تعمل على بنائه في منطقة دارخوين في محافظة خوزستان،"وهذا الوقود سيتم توفيره من منشآت ناتانز التي سيتم توسيعها من اجل ذلك"، معرباً عن امله بأن يعود الملف النووي الايراني من مجلس الامن الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. في برلين، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إن تقرير أجهزة الاستخبارات الأميركية حول برنامج إيران النووي وفر مزيداً من الوقت للتفاوض على حل. وقال شتاينماير لصحيفة"فرانكفورتر الجيماينة تسايتونغ"إن"الأخبار السيئة هي أن أجهزة الاستخبارات الاميركية السرية كانت متأكدة من ان ايران عملت على انتاج سلاح نووي حتى عام 2003". وأضاف:"الخبر الجيد ان الضغوط التي ترتكز على الوقت للتوصل الى حل سياسي تضاءلت. ولكن ذلك لا يغير المهمة التي ينبغي تأديتها. فالمهمة هي ذاتها: منع ايران من تطوير قدرات نووية تمكنها في النهاية من انتاج مواد تستخدم لإنتاج اسلحة".