"لما عاكست استفدت إيه؟" سؤال طُرح على مئات الشباب حضروا يوم التوعية في حملة "من أجل شارع آمن للجميع" في مركز شباب الجزيرة في القاهرة، والتي تهدف إلى تقليل حجم المضايقات التي تتعرض لها النساء في الشوارع المصرية. صحيح أن الإجابة على السؤال عادة تكون"ولا حاجة"، إلا أن واقع الحال يشير إلى أن"المعاكسات"في الشارع المصري تسير من سيء إلى أسوأ. ما دعا المركز المصري لحقوق المرأة إلى تبني حملة مناهضة للتحرش بالنساء في مصر تنتهج نهجاً واقعياً لا يعتمد فقط على التوعية والمناداة بوقف التحرشات، ولكن بتمكين النساء والفتيات من الدفاع عن أنفسهن بتعلم مهارات الدفاع عن النفس. ورغم ان ظاهرة تغطية الرأس والحجاب انتسرت انتشارا واسعا في مصر في السنوات القليلة الماضية، الامر الذي يفترض ان يؤدي إلى مزيد من الالتزام الأخلاقي والارتقاء القيمي، إلا أن المشهد العام في شوارع القاهرة يشير إلى العكس تماماً. وأشارت نتائج دراسة أجراها المركز قبل شهور إلى أن جميع الإناث على اختلاف مستوياتهن يتعرضن للتحرش بصرف النظر عن مظهرهن، وأن التحرش رغبة ذكورية تتداخل معها البطالة والعجز عن الزواج والكبت الجنسي. هذه العوامل تتضافر مع حال من اللامبالاة التي تسود الشارع وتساعد على تحرش القوي بالضعيف. ولا تلقى مشكلة التحرش، رغم شيوعها وتعرض النساء لها في الشوارع في كل أوقات الليل والنهار، قدراً مناسباً من الاهتمام، الشعبي او الحكومي. محمد حسن 24 عاماً يقول بثقة بالغة:"الفتاة أو السيدة التي تتعرض للمعاكسة هي بالتأكيد تسعى لذلك، إما من خلال مظهرها المفتقد إلى الاحترام، أو نظراتها الخالية من الحياء. السيدة المحترمة لم تتعرض للمعاكسة أبداً". هذا الرأي الذي يحمِّل الأنثى المسؤولية الكلية لتعرضها للتحرش ليس استثناء، بل يكاد يكون القاعدة الفكرية التي تسيطر على الغالبية. من جهة أخرى، تبدو مشكلة التحرش بالنساء في الشوارع مشكلة"تافهة"أو"سطحية"مقارنة باهتمامات أخرى تشغل الحيز الأكبر من اهتمام المسؤولين. ورغم أن حملة"لما عاكست استفدت إيه؟"يتوقع لها أن تستغرق سنوات من العمل الجاد لتؤتي ثمارها، إلا أن هذه السنوات قد تكلف مصر الكثير سياحياً، بسبب تحذيرات أجنبية لمواطنيها من النساء من تحرشات الشارع في مصر. وفي الوقت الذي كان يتوقع فيه أن يؤدي الاهتمام الحقوقي المتنامي بالتحرشات الجنسية إلى تزايد الوعي الشعبي بخطورة هذه الظاهرة، ظهر اتجاه أصولي يقرأ نتائج هذه الدراسات باعتبارها نتيجة طبيعية للاختلاط بين الجنسين، مناديا بضرورة الفصل بينهما والمطالبة بعودة المرأة العاملة إلى البيت.