أكد مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت أن الأخير يدرس طلباً فلسطينياً بالإفراج عن دفعة جديدة من السجناء الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية قبل انعقاد المؤتمر الدولي للسلام في مدينة أنابوليس الأميركية نهاية الشهر الجاري، مشيراً إلى أن"جهات مختصة"تدرس الطلب أيضاً، لكنها لم تتخذ بعد أي قرار بعدد الأسرى المنوي الإفراج عنهم"كبادرة حسن نية إسرائيلية"لمناسبة الاجتماع الدولي. لكن يبدو أن إطلاق بضع مئات من الأسرى الفلسطينيين وإقدام جيش الاحتلال على تسهيلات في الحواجز العسكرية المنتشرة بكثرة في أراضي الضفة الغربيةالمحتلة وتسريع نشر أفراد الشرطة الفلسطينية في مدن الضفة إضافة إلى تفكيك بؤرتين أو ثلاث من أكثر من مئة بؤرة استيطانية عشوائية أكدت خريطة الطريق وجوب إخلائها، هي"خطوات على الأرض"طالبت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إسرائيل باتخاذها لخلق مناخ ايجابي عشية المؤتمر في مقابل موافقة واشنطن على المطلب الإسرائيلي عدم طرح قضايا الصراع الجوهرية للتفاوض في أنابوليس. وترى الوزيرة أن من شأن هذه الخطوات أن تتيح للمسؤولين الفلسطينيين تبرير مشاركتهم في الاجتماع الدولي بعدما رهنوها بمعالجة القضايا النهائية وتحديد سقف زمني للتوصل إلى تسوية بشأنها،"كما أن هذه الخطوات ترسخ مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في نظر شعبه". وذكرت صحيفة"هآرتس"على لسان مصدر إسرائيلي رفيع المستوى أن رايس قبلت بغالبية الشروط الإسرائيلية المتعلقة بالاجتماع الدولي، وفي مقدمها عدم خوض الاجتماع في مفاوضات حول القضايا الجوهرية. وأضاف المصدر أنه"في مقابل عدم طرح حلول لهذه القضايا في أنابوليس، فإن الفلسطينيين يريدون رؤية انجازات على الأرض في الأمور اليومية التي تنص عليها خريطة الطريق وفي إطلاق أسرى، والقضية الأخيرة بالنسبة لرئيس الحكومة الإسرائيلية هي الأسهل بسبب توافر غالبية في الحكومة تؤيدها". وتابع المصدر أن لقاءات رايس والمسؤولين الإسرائيليين أول من أمس أسفرت عن تفاهمات بأن لا تتضمن الوثيقة المشتركة حلولاً للقضايا الجوهرية أو جدولاً زمنياً ملزماً للتقدم في المفاوضات، كما تربط تطبيق أي اتفاق بالتقيد بخريطة الطريق. وتشير وسائل الإعلام العبرية إلى أن أولمرت يميل إلى إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى، لكنها استبعدت أن يبلغ العدد ألفي أسير، كما يطالب الفلسطينيون. وأضافت أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يدرس أيضاً إمكان الإفراج عن"أسرى تلطخت أياديهم بالدماء"قضوا عشرات السنين وراء القضبان. وأشارت إلى أن هذه المسألة قيد البحث في الأيام الأخيرة بين الجهات الإسرائيلية المختصة وكبار مساعدي رايس. ويشمل تعريف إسرائيل لمصطلح"ملطخة يداه بالدم"4000 أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، منهم 970 دينوا بالقتل وصدرت بحقهم أحكام متشددة. ونقلت صحيفة"يديعوت أحرونوت"عن أوساط قريبة من رايس أنها أبلغت المسؤولين الإسرائيليين أن الإدارة الأميركية تتوقع من إسرائيل أن تخلي قبل انعقاد الاجتماع الدولي بؤرتين استيطانيتين على الأقل وتواصل إزالة حواجز للتسهيل على الفلسطينيين. وأضافت الصحيفة أن رايس وجهت فشي اجتماعها مع وزير الدفاع إيهود باراك انتقادات شديدة إليه على"وتيرة التسهيلات للفلسطينيين"، محذرة من انعكاسات سلبية جدية"على جيل الشباب الفلسطيني وعلى فرص نجاح أنابوليس". وقالت أن إبقاء الوضع الميداني على حاله سيدفع بالشبان الفلسطينيين إلى التماهي مع عقائد أكثر تطرفاً من"حماس"مثل تنظيم"القاعدة". وتوقعت أن يبدي باراك مرونة في تشدده مع الفلسطينيين، تجاوباً مع الضغط الأميركي، ويصدر أوامره لجيش الاحتلال بتسهيل تنقلاتهم. وأعلن أولمرت أول من أمس أنه لا يستبعد التوصل إلى اتفاق سلام قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش في مطلع العام 2009، مكرراً أن إسرائيل تريد"تحقيق الأمن المبني على السلام". وأضاف أن إسرائيل كدولة"ديموقراطية وقوية"قادرة على مواجهة التحديات والمهمات الملقاة عليها"وهي مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة ومؤلمة من شأنها أن تغير الواقع". وكان أولمرت قال في محاضرة في"منتدى تسبان"في القدس إن إسرائيل لن تتردد في طرح كل المسائل الشائكة والتاريخية في الصراع مع الفلسطينيين على طاولة المفاوضات،"ولن نتهرب أو نتنصل من أي من هذه المسائل". وأشار إلى أن قرار إسرائيل المشاركة في أنابوليس جاء بعد أن أيقنت أن هناك شريكاً فلسطينياً حقيقياً يريد السلام، مضيفاً أن إسرائيل"لا تريد إرجاء المفاوضات إلى موعد آخر قد لا يكون فيه الشريك الفلسطيني الحالي". وتابع أنه اتفق ورئيس السلطة الفلسطينية على أن يكون تطبيق أي اتفاق يتم التوصل إليه وفقاً للخريطة الدولية،"فالفلسطينيون ملزمون محاربة الإرهاب وتغيير الأوضاع الداخلية عندهم، كما أن الخريطة تلقي على إسرائيل واجبات والتزامات لم ننفذها بعد". ورد وزير"التهديدات الاستراتيجية"المتشدد أفيغدور ليبرمان على الأنباء عن نية اولمرت إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بمطالبته بشن هجوم عسكري واسع على"مملكة الإرهاب"في قطاع غزة"بدل القيام بخطوات حسن نية". وأضاف مهدداً أن"الإفراج عن مزيد من الأسرى يهدد استقرار الائتلاف الحكومي"في تلميح إلى احتمال استقالته احتجاجاً. وأعلن وزير التجارة ايلي يشاي أنه ووزراء حركته الدينية المتشددة"شاس"يعارضون إطلاق سراح أسرى"أياديهم ملطخة بالدم"، مكرراً دعوته الحكومة إلى إطلاق سراح إرهابيين يهود دينوا بقتل فلسطينيين، كما دعا إلى حصر بادرات حسن النية تجاه رئيس السلطة الفلسطينية في المجال الاقتصادي.