تسارعت الاستعدادات لعقد مؤتمر انابوليس المرتقب في 27 الجاري، وعقد الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت اجتماعا اتفقا خلاله على استمرار المفاوضات بين الجانبين"حتى اللحظات الاخيرة"في سبيل التوصل الى"وثيقة سياسية"تطرح على المؤتمر. وجاء الاجتماع عقب اجتماع للحكومة الاسرائيلية صادقت خلاله على اطلاق 450 اسيرا فلسطينيا، في حين تعهد اولمرت العمل على عدم بناء مستوطنات جديدة وازالة بؤر استيطانية عشوائية وحواجز وعدم مصادرة اراض. ومن المقرر ان يتوجه اولمرت اليوم الى مصر للقاء الرئيس حسني مبارك بهدف حضه على العمل من اجل مشاركة عربية واسعة في أنابوليس. راجع ص 6 و7 وقال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض صائب عريقات في مؤتمر صحافي عقب لقاء عباس - اولمرت:"تبادل الطرفان اقتراحات محددة ستتم دراستها في الفترة المقبلة. الاجتماع كان معمقا لكنه صعب". واضاف ان رئيس الوفد الفلسطيني احمد قريع ووزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني بدآ مفاوضات منذ الليلة في محاولة للتوصل الى"وثيقة سياسية مشتركة". وتزداد القناعة يوما بعد يوم بتراجع فرص التوصل إلى"وثيقة مشتركة"، ولم تستبعد مصادر فلسطينية أن يعلن كل طرف موقفه في وثيقة منفصلة خلال المؤتمر، على ان تتضمن الموافقة على اطلاق المفاوضات النهائية، في حين أوردت صحيفة"معاريف"احتمالاً آخر لانقاذ المؤتمر يتمثل في إلقاء بوش خطاباً يرسم"خريطة طريق"جديدة للسلام"تتضمن رؤيته لاطار اتفاق تاريخي"على أساس الخريطة الأصلية. في هذا الصدد، كشف وزير الاعلام الفلسطيني رياض المالكي في مؤتمر صحافي امس ان الرئيس عباس لم يعد يشترط التوصل الى"وثيقة سياسية"للمشاركة في المؤتمر، وانه استعاض عن ذلك بالمطالبة بتعهد اسرائيل القيام بأربع خطوات هي: تجميد النشاط الاستيطاني بصورة كاملة تماما، وازالة البؤر الاستيطانية، والبدء التدريجي بازالة الحواجز العسكرية، واعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس. من جانبه، عمد اولمرت الى خفض سقف التوقعات من المؤتمر بتأكيده أن"الهدف من انعقاده ليس التفاوض، إنما هو لقاء دعم دولي سيحرك العملية السياسية". لكنه سعى الى مقايضة الفشل في التوصل الى"وثيقة مشتركة"، بتطبيق اسرائيل استحقاقاتها في المرحلة الاولى من"خريطة الطريق"، وقال:"لن نبني مستوطنات جديدة، ولن نصادر أراضي، وسنخلي البؤر الاستيطانية العشوائية". كما حذر من الاستخفاف بالمؤتمر"الذي سيعقد بحضور زعماء أهم دول العالم وبحضور الرئيس الأميركي"جورج بوش، وقال:"سنحاول التوصل إلى اتفاق على القضايا الإجرائية، أما سائر القضايا فسيبدأ التفاوض حولها بعد أنابوليس، وستكون المفاوضات جدية وتتطرق إلى جميع القضايا الجوهرية التي ينبغي أن تؤدي إلى حل دولتين قوميتين للشعبين". في الوقت نفسه، صادقت حكومته امس بغالبية اعضائها على اطلاق 441 اسيرا"أياديهم ليست ملطخة بالدماء"، و16 منهم من قطاع غزة، وغالبيتهم من حركة"فتح". ولوحظ ان اولمرت لم يتطرق إلى وجوب انسحاب جيش الاحتلال من الضفة الغربية إلى مواقعه عشية الانتفاضة في خريف عام 2000، كما لم يشر إلى موعد الشروع في تفكيك البؤر أو عددها، أو إلى وقف النشاط الاستيطاني المكثف المتواصل في الكتل الاستيطانية الكبرى. وباطلاقه اقل من 500 اسير فقط، يكون ايضا قد رفض طلبا فلسطينيا مدعوما أميركياً بالإفراج عن ألفي أسير كبادرة طيبة تجاه عباس. ورأى مراقبون في تصريحات اولمرت انها تبغي اساسا ضمان نجاح المؤتمر عبر مشاركة دولية وعربية واسعة تسوقها اسرائيل على انها تعزيز لشرعيتها على الحلبة الدولية، تاركا التفاوض في القضايا الجوهرية للصراع ل"اليوم التالي"للمؤتمر، وواعدا بتنفيذ بعض استحقاقات اسرائيل في الخريطة، ليس قبل ان ينفذ الفلسطينيون المطلوب منهم، خصوصا في الشق الامني. ومن المقرر ان يتوجه رئيس الحكومة الاسرائيلية الى شرم الشيخ للقاء مبارك قبل اجتماع لجنة المتابعة العربية التي من المقرر ان تتخذ موقفا عربيا موحدا من مؤتمر انابوليس. وفيما قلل مبارك من التوقعات إزاء المؤتمر، متوقعا ألا يتمكن المؤتمر من حل كل القضايا بل"يُمكن أن يكون بمثابة بداية للمفاوضات"، أفادت مصادر سياسية إسرائيلية أن أولمرت سيحاول خلال اللقاء"تنسيق المواقف والتوقعات"وتأكيد أهمية مشاركة عربية واسعة في أنابوليس"حتى على مستوى منخفض"، كما سيطلب منه العمل من اجل إشراك المملكة العربية السعودية وسورية في المؤتمر"بأعلى مستوى ممكن".