شهدت المواقف الإسرائيلية من مؤتمر أنابوليس تحولات كثيرة في الأشهر الأخيرة اختزلت ما بدا مؤتمراً لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي عند إعلان الرئيس جورج بوش عنه، إلى"لقاء دولي"تكمن أهميته في حقيقة انعقاده ليس أكثر، بحسب رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت و"نقطة انطلاق العملية السياسية". كما يراد منه ان أمكن، تحسين صورة إسرائيل الدولية وفتح أبواب دول عربية وإسلامية أخرى أمام التطبيع معها. وفي مراجعة لتصريحات اولمرت، كان واضحاً أن"الجمود السياسي"يؤرقه لقناعته بأنه سيأتي ب"حماس"إلى الحكم في الضفة، لكن"الهاجس الديموغرافي"عبر تبني مطلب"يهودية الدولة" هو المحرك الأساس لموافقته على العمل من أجل طرح"أفق سياسي"على الفلسطينيين، كما قال، فقام بجس النبض عبر"بالون اختبار"استعان بنائبه الأول حاييم رامون لإطلاقه، فتحدث الأخير عن تسوية في قضية القدس تشمل انسحاب إسرائيل من القدسالشرقية والقرى المحيطة بها"لتتخلص"إسرائيل من نحو 300 ألف فلسطيني وتضم إليها عدداً مماثلاً من المستوطنين في إطار"تبادل أراض وسكان"، وهكذا تتحرر إسرائيل من"دولة ثنائية القومية". لكن رداً سريعاً وغاضباً من قطبي الحكومة الآخرين وزيري الدفاع والخارجية ايهود باراك وتسيبي ليفني، أجهض البالون، فالأول أبدى استخفافاً بالمؤتمر وعاد إلى معادلة"الدولة الفلسطينية الموقتة"وإحياء مسار التفاوض السوري"الأكثر نضجاً"ورفض تقديم تسهيلات على تنقلات الفلسطينيين وإزالة الحواجز العسكرية، فيما الثانية سعت ونجحت في خفض التوقعات من المؤتمر إلى أدنى درجة. و"ابتكر"كلاهما مطلب"يهودية الدولة"شرطاً للتفاوض مع الفلسطينيين. ثم جاءت تهديدات الحزبين اليمينيين المشاركين،"شاس"و"إسرائيل بيتنا"، بانسحاب من الائتلاف، لتضطر اولمرت إلى تخفيف حماسته والتماشي بالتالي مع الجناح المتشدد في حكومته الرافض لتطرّق المؤتمر إلى القضايا الجوهرية في الصراع، ثم رفض اختتام المؤتمر ب"وثيقة مبادئ"للحل والتفاوض بدلاً من ذلك على"بيان مشترك"ضبابي خال من أي التزام. ومع تحذيرات المؤسسة الأمنية من أن"الفلسطينيين غير ناضجين"للتوصل إلى اتفاق، ذهب اولمرت إلى خيار بدء المفاوضات الجدية بعد"اللقاء الدولي"، رافضاً تحديدها في إطار زمني وساعياً إلى إنجاز"اتفاق رف"يكون تنفيذه مشروطاً بتطبيق الفلسطينيين استحقاقاتهم في"خريطة الطريق".