سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يشارك في أنابوليس على مستوى وزاري "على قاعدة الإجماع العربي" ... و"التيار الحر" ينتقد استقبال صفير السنيورة . لبنان : اليوم الأول من عهد الفراغ مر بسلام و"مرجعية" عون تنافس مرجعية بكركي
مضى اليوم الأول للبنان بلا رئيس للجمهورية بسلام، على رغم ان الانقسام السياسي الذي يشهده والذي حال دون انتخاب الرئيس العتيد، انسحب على الموقف من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود. إذ أن بعض جمهور الأكثرية أقام الاحتفالات بمغادرته القصر الجمهوري، بعد منتصف ليل الجمعة حتى الفجر، وأطلق الأسهم النارية ابتهاجاً، فيما كان"حزب الله"يخصص في محطته التلفزيونية برامج تمتدح عهده. ومع ارتياح المواطنين الى أن اليوم الأول من الفراغ الرئاسي لم يشهد انعكاساً للتوتر السياسي على الأرض، بعدما تعاظمت المخاوف خلال الأيام الماضية من إجراءات أو تدابير تتخذها المعارضة ضد تولي حكومة الرئيس فؤاد السنيورة صلاحيات الرئاسة، وفق المادة 62 من الدستور، فإن امتناع قيادة المعارضة، ولحود قبل مغادرته، عن اتخاذ أي إجراء، فضلاً عن نجاح التدابير المشددة التي طبقها الجيش اللبناني بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، أشاعا أجواء من الاطمئنان النسبي فعادت الحركة الى الشوارع والطرق والأماكن العامة التي انخفضت الحركة فيها كثيراً قبل أيام، نتيجة القلق من احتكاكات بين جمهوري الأكثرية والمعارضة. لكن السؤال الذي كان على كل شفة ولسان أمس هو: متى ينتخب الرئيس ومَن هو، وهل سيدوم الفراغ طويلاً؟ راجع ص 4 و5. وعبّر السؤال، والأسئلة المتفرعة منه، عن مرارة الرأي العام اللبناني، خصوصا المسيحي، إزاء فشل القوى السياسية في إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، علما أن الفراغ في الرئاسة يضعف موقع المسيحيين في السلطة السياسية ويزيد حال الإحباط في صفوفهم. وفي انتظار تجدد الاتصالات بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وزعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري، أو عبر الوسطاء الخارجيين، للتوافق على رئيس جديد سواء من لائحة البطريرك الماروني نصرالله صفير، أو بحثاً عن اسم من خارجها، كرر صفير أمام زواره أن المهم الإتيان بأي رئيس للخروج من الوضع الحالي. وأبدى صفير ارتياحه الى التطمينات التي تلقاها من الحريري أول من أمس، بأنه سيتابع جهود التوافق والسعي الى انتخاب رئيس جديد في"أسرع وقت". وفيما أعرب صفير أمام زواره خلال اليومين الماضيين، عن انزعاجه الشديد من اقتراح زعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون، الإتيان برئيس تقتصر ولايته على أقل من سنتين، بدلاً من الولاية الدستورية التي تمتد 6 سنوات، فإن التطمينات التي تلقاها من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي زاره أمس في شكل مفاجئ، بأن تولي الحكومة صلاحيات الرئاسة،"لا يعني أنها بديل من انتخاب رئيس توافقي، وأنها لن تحل مكان رئيس الجمهورية"، لقيت تقديراً لدى صفير، خصوصاً أنه أبلغ الأخير أن لا مانع لديه في أن تسمى حكومة تصريف أعمال أو غير ذلك،"لأن همنا ليس أن نتسلّم صلاحيات الرئاسة، بل أن ينتخب رئيس، أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، وأتمنى أن يتم ذلك خلال أسبوع الجلسة النيابية المقبلة التي دعا إليها بري يوم الجمعة في 30 الجاري أو 10 أيام في حد أقصى، ويقال إنه بعد مؤتمر أنابوليس للسلام قد يصبح ذلك ممكناً. وكل ما أتمناه أن يحصل ذلك وأن تصبح الأمور سهلة ليكون لدينا رئيس جديد". وعلمت"الحياة"أن السنيورة أبلغ صفير أن لبنان"لا يقوم إلا بالعيش المشترك الذي من أسسه رئاسة الجمهورية للموارنة. فأنتم أسستم لبنان وهو لا يقوم من دونكم، ولا يظننّ أحد أن الفراغ في الرئاسة يريح المسلمين لأن هذا الفراغ سيكون سبباً لتفاقم الخلافات بينهم أيضاً، لذلك نصر على تسريع التشاور من أجل انتخاب رئيس للجمهورية باتفاق الفرقاء وفي ظل نصاب الثلثين كما طرحت غبطتك". وكرر السنيورة إن"استمرار الحكومة في أداء مهماتها بعد الفراغ هدفه تسيير شؤون الناس وليس لاستغياب رئيس الجمهورية. وكنا نتمنى أن يحصل التوافق على أي شخصية مقبولة من الجميع، لكننا فوجئنا بأن ثمة حديثاً عن ولاية لمدة سنتين، وهذا يضعف دور الرئاسة والمسيحيين". واعتبر صفير، بحسب مصادر المجتمعين، أنه سعى جهده"وقمت بما طالبتموني جميعاً به، وأرسلنا اللائحة وحصل ما حصل". وتوجه نحو السنيورة شاكراً له موقفه، وقال:"نثق بك دولة الرئيس". وإذ حضر الغداء الذي أقامه صفير للسنيورة، عدد من المطارنة والآباء، فإن رئيس الحكومة سمع في البطريركية كلاماً مفاده أن الحديث عن قيام حكومة انتقالية أو تحوّل الحكومة الى حكومة تصريف أعمال غير منتج". واستنفرت زيارة السنيورة لصفير العماد عون وبعض نوابه، فقال عضو تكتله النيابي نبيل نقولا إنه كان يفضل ألا يستقبل البطريرك"أي مسؤول من الفريق الآخر"، مشدداً على أن"أي حديث عن أي رئيس يجب أن يمر في الرابية مقر عون لأنها الأكثر تمثيلاً للمسيحيين". الى ذلك، صدر ليلاً عن لجنة الإعلام في"التيار الوطني الحر"بيان جاء فيه:"في ظل الفراغ القائم والمشكلة الدستورية التي يعاني منها لبنان واللذين أدت إليهما سياسة فؤاد السنيورة وحلفائه في قوى السلطة، بعد رفضهم كل الاقتراحات والمبادرات الإنقاذية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فاجأ السيد فؤاد السنيورة اللبنانيين بزيارة للصرح البطريركي، صباح اليوم الأول للفراغ الدستوري... وكأنه يقول لهم، بمن فيهم سيد بكركي، إنه احتل الموقع المسيحي الأول وإنه الآمر الناهي والحاكم بأمره". وتابع البيان: إن التيار الوطني الحر كما جميع اللبنانيين يستنكر الزيارة في توقيتها والاستقبال برمزيته لما يشكلان من تطبيع للأمر الواقع، وتخطٍ لأبسط الأعراف والتقاليد". وإذ انتقد تيار عون، صفير لاستقبال السنيورة، بدا أن أزمة بين عون والبطريركية بدأت تطفو على السطح، عنوانها"المرجعية المسيحية والمارونية". إذ سبقت هذا التطور دعوة عون في بيان له"جميع الشخصيات المسيحية، الروحية والسياسية والاقتصادية... بدءاً بالرؤساء السابقين مروراً برؤساء الأحزاب وانتهاء بنقابات وفعاليات إعلامية وديبلوماسية وفكرية، الى لقاءات في منزله على امتداد الاثنين والثلثاء والأربعاء، للتشاور حول الفراغ في الرئاسة"وادعاء حكومة غير ميثاقية وغير دستورية وغير شرعية تسلمها الحكم خلافاً للأعراف والدستور وتغييب المسيحيين عن السلطة في شكل كامل للمرة الأولى". وأخذ السجال الماروني الذي ولّده الفراغ الرئاسي أبعاداً إضافية، بعد هذه الدعوة التي تنزع من البطريركية صفة رعاية التشاور بين قادة الموارنة، خصوصاً أن عنوانه الحملة على حكومة السنيورة واستنفار الجمهور المسيحي ضدها، مع دخول رئيس حزب"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع على خط السجال، إذ ركز على اتهام المعارضة وسورية بأنهما وراء الفراغ، لافتاً الى أن"القوات"و14 آذار حضرت جلسة البرلمان بأكثرية 68 نائباً، في حين لم يشارك نواب المعارضة في تأمين النصاب. وحمل على عون قائلاً:"أستطيع أن أفسّر موقف حزب الله ومن ورائه سورية بأنهم يسعون الى هدف أكبر من لبنان، يتخطى حدوده، يبدأ بتدمير إسرائيل ولا ينتهي بدحر أميركا، وأنهم لتحقيق هذا المشروع يريدون الإمساك بالرئاسة الأولى... لكن الموقف الذي أحزنني هو ما طرحته كتلة العماد عون، وهو إما أن يصل عون للرئاسة وإما نتركها فارغة". وذكر أن عون ليس الزعيم الأكبر عند المسيحيين بل هو أحد زعمائهم، وأضاف:"يحق لعون أن يكون رئيساً لكن هناك كثراً أيضاً يحق لهم ذلك". ورأى جعجع أن تعطيل انتخابات الرئاسة أدى الى"فتح الباب لدخول سورية مجدداً الى السياسة اللبنانية... وسنقوم بكل شيء داخل قوى 14 آذار لمنع سورية أو غيرها من الدول من التدخل في السياسة الداخلية". وزاد:"إننا ذاهبون الى انتخابات رئاسية، أما كيف وبأي شكل وبالنصف +1 أو غيره فنحن نشكل مجموعات عمل داخل فريق 14 آذار لدرس الأمر". وقال إن"المدى الذي نضعه نصب أعيننا ليس أكثر من 3 أسابيع". ودعا جعجع الى"عدم الخوف من الوضع الأمني لأن لدينا حكومة واعية تماماً". وقال إن"الخط الأحمر الوحيد هو بقاء سدة الرئاسة فارغة". وكان السنيورة صرح بعد لقائه صفير بأنه"لا توجد حال طوارئ في البلاد، والجيش يتولى منذ زمن المسؤولية عن الأمن بكفاءة عالية". وأكد أن"لا داعي على الإطلاق لأي قلق على الأوضاع الأمنية". كما أصدر الحريري بياناً لمناسبة اليوم الأول من الفراغ الرئاسي اعتبر فيه أنه"يوم حزين". وقال:"بالقدر الذي أسجل غبطة أكثرية اللبنانيين بانتهاء ولاية الرئيس السابق رمز الوصاية السورية، أشعر بالمرارة لحصول الفراغ... وأتعهد أمام اللبنانيين وأخواني المسيحيين خصوصاً أن أعمل بجهد لانتخاب رئيس". وقالت مصادر"تيار المستقبل"إن هذا التعهد أبلغه الحريري الى صفير أول من أمس. واستقبل الحريري مساء أمس الرئيس السابق أمين الجميل للتداول في الاستحقاق الرئاسي والاتصالات الجارية في شأنه. وأعلن وزير الثقافة وزير الخارجية بالوكالة طارق متري أن لبنان يشارك في اجتماع أنابوليس"على قاعدة الإجماع العربي". وجاء كلام الوزير لدى مغادرته بيروت للمشاركة في اجتماع أنابوليس، بعدما تم التشاور في موضوع المشاركة في الاجتماع الوزاري الذي عقد أمس في السراي الكبير. وقال متري:"تشارك الحكومة اللبنانية في اجتماع أنابوليس على قاعدة الإجماع العربي، والتشديد على مبادرة السلام العربية التي أطلقت في بيروت عام 2002 والتي أكدت قمة الرياض الأخيرة التزامها بها". وشدد على أن"المشاركة اللبنانية تأتي من دون أوهام لتؤكد حقوق لبنان الوطنية الكاملة والحقوق العربية وحقوق الشعب الفلسطيني". وأشار الى أن"الوفد اللبناني يذهب الى أنابوليس كسائر الوفود العربية ومعها متمسكاً بمبادرة السلام العربية وبالشرعية الدولية". وأجرى السنيورة مساء أمس اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لبحث الأوضاع المحيطة بلبنان والمنطقة والأجواء التي سادت اجتماع وزراء لجنة المتابعة العربية لمبادرة السلام العربية في القاهرة لاستشراف آفاق اجتماع أنابوليس. رايس تطمئن وكانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس اتصلت ليل أول من أمس برئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط. وقال عضو"اللقاء"النائب وائل أبو فاعور ان أي إغراءات لفصل سورية عن إيران"لن تكون على حساب لبنان واستقلاله. وهذا فحوى الاتصال بين رايس وجنبلاط... لمعرفتها بقلق اللبنانيين". وأضاف:"كثيرون من السياسيين الاستقلاليين اللبنانيين تلقوا في اليومين الأخيرين سيلاً من الاتصالات التي تؤكد أن لا تسوية على حساب استقلال لبنان وديموقراطيته وعلى مستويات عدة. وأي علاقة مع النظام السوري مستقبلياً لن تكون على حساب لبنان".