يستغرق أحد حراس متحف الفنون الافريقية في دكار في النوم في البهو الكبير، فيما يدخل زائر وحيد الى المكان. انه مشهد يأمل خبراء المتاحف الافريقية بأن يصبح من التاريخ. وداخل المتحف يجلس ثلاثة اشخاص يتجاذبون أطراف الحديث في القاعة الرئيسة وينظرون بدهشة الى الزائر. يهرع اثنان منهم الى مكتب تحصيل تذاكر الدخول، فينسى الزائر للوهلة الأولى ثمن تذكرة الدخول البالغ 4 دولارات و50 سنتاً. ويسأل متعجباً: "هل هناك عدد كبير من الزائرين اليوم؟". تجيب امراة وهي تسلمه التذكرة: "لا". فيسأل مرة اخرى:"هل انا الاول؟". فترد بأسف: "نعم". ويضم المتحف مشاهد كاملة من قرى تضم تماثيل بالحجم الطبيعي، تغطي وجوهها اقنعة مزركشة وتضع ملابس يرتديها أفراد القبائل في غرب افريقيا في الاحتفالات التقليدية. وهو يختلف كثيراً عن المتاحف الكبيرة التي تعتمد على التكنولوجيا المتطورة في الدول المتقدمة التي اجتذبت من خلال نماذج تتحرك وتتكلم او رسوم متحركة مشغولة بواسطة الكومبيوتر، ملايين الزائرين في السنوات الاخيرة. يشرح رئيس برنامج متاحف غرب أفريقيا نيي كواركوبومي أنه"منذ نهاية الحقبة الاستعمارية تطوّرت المتاحف الوطنية... ولكننا لم نشهد أي تطوير آخر للمجموعات التي جمعت في بداية الاستقلال". وذكر في احتفال أقيم في العاصمة السنغالية لمناسبة مرور 25 سنة على تأسيس برنامج المتاحف، أنه في الآونة الاخيرة"يعاني عدد كبير منها حالة ركود رهيبة". ويقول كواركوبومي وهو غاني:"نحن متخلفون كثيراً في ما يتعلق بالتفاعل. ينبغي ان نفكر في شكل مبتكر في شأن كيفية اداء عملنا، لأننا لا نحتاج الى الكومبيوتر ليقوم بهذا العمل نيابة عنا. يمكننا ان نستغل الموارد المحلية". وفي متحف القوات المسلحة القريب يمكن الزائرين مشاهدة مدفع نادر بماسورتين يطلق عليه اسم"القناص السنغالي"، وهو مأخوذ من اسم وحدة مشاة افريقية افرادها من مواطني المستعمرات الفرنسية، قتل الآلاف منهم في معارك من اجل فرنسا في كل انحاء العالم، جراء خنادق شديدة البرودة ابان الحرب العالمية الاولى، اضافة الى معارك في الهند الصينية. وفي قاعة اخرى، يتدلى علم كان ملفوفاً حول نعش مؤسس السنغال الرئيس الشاعر ليوبولد سنغور. وتشمل تذكرة زيارة المتحف، خدمات جندي سنغالي يرشد الزائرين الذين يأتون من وقت الى آخر، عبر الغرف المعتمة والممرات المظلمة. وفي الفناء يقف تمثال برونزي للحاكم الفرنسي لوي فيديرب الذي جاء الى البلاد في القرن التاسع عشر، وأطلق عليه السنغاليون اسم "ناديي"اعترافاً باهتمامه بالثقافة المحلية وإتقانه اللغة المحلية. ويؤكد كواركوبومي أن"مفهوم المخازن المتحفية للآثار والفنون التاريخية هو غربي في الاساس بالنسبة الى معظم دول افريقيا جنوب الصحراء". ويفيد أن"معظم المجتمعات في افريقيا هي تاريخ حي في حد ذاتها، ما زالت تمارس تقاليدها وعاداتها. لذا فإن وضع عمل فني تاريخي مهم في صندوق زجاجي لتسلط عليه الأضواء المبهرة كما نرى في المتاحف الغربية، أمر لا تتقبله هذه المجتمعات بالكامل في الوقت الحالي". وكانت السنغال أعلنت عن خطة لبناء متحف عسكري جديد ضخم للتعليم والابحاث، ولكن لم يحدث شيء يذكر بعد مرور عشر سنوات على الاعلان. ويقول كواركوبومي ان المتاحف ليست على رأس اولويات موازنات الحكومات الافريقية، لكنها قد تسهم في التنمية الاقتصادية. وتابع:"تهتم الدول الافريقية بتنمية السياحة في شكل متزايد بصفتها قطاعاً مهماً لاقتصاداتها"، متسائلاً:"كيف يمكننا الحديث عن تطوير السياحة من دون تطوير متاحفنا؟".