أهم سؤال في الشرق الأوسط اليوم ليس من يخلف اميل لحود رئيساً للبنان، كما يعتقد اللبنانيون، وإنما هل توجه ادارة بوش ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية؟ ثمة اتفاق على أن الضربة، اذا حصلت، ستكون عبر غارات جوية مكثفة وصواريخ، وبعد ذلك اختلاف كبير، فهناك من يرجح الضربة، وهناك من يتمنى الضربة، وهناك من يعارضها أو لا يريدها. لعل أدق كلام سمعته عن ايران وأميركا والمواجهة العسكرية المحتملة كان من الشيخ خالد بن أحمد بن محمد، وزير خارجية البحرين، فهو قال انه اذا وجهت ضربة عسكرية الى ايران فسندفع ثمنها مع ايران، واذا اتفقت أميركا وايران فستتفقان على حسابنا، ويبقى أن نرى ما هو الأقل ضرراً على البلدان العربية، ضربة عسكرية أميركية، أو اتفاق أميركي - ايراني. أعرف أن في الجمهورية الاسلامية أطماعاً فارسية لم يطوها التاريخ، وأقدر تماماً قلق الجيران من نيات طهران، إلا أنني أعارض بشدة كمواطن عربي يملك حرية ابداء رأيه، أي ضربة عسكرية أميركية أو غيرها لايران، وأكتفي بتقديم سبب واحد طاغ للمعارضة هو أن الذين يقودون الحملة لضرب ايران هم أعداء معروفون للعرب والمسلمين جميعاً، من عصابة اسرائيلية ستضحي بالولاياتالمتحدة نفسها لفرض هيمنة اسرائيل على الشرق الأوسط كله. عصابة الحرب بقيادة نائب الرئيس ديك تشيني، إلا أنه ليس من المحافظين الجدد، وإنما هو يريد امبراطورية أميركية تفرض نفسها على العالم كله، وقد التقت طموحاته، أو أحلامه، مع تخطيط المحافظين الجدد ضد ايران والعرب والمسلمين جميعاً. عراب المحافظين الجدد هو المتطرف القديم نورمان بودهوريتز، وكان كتب مقالاً لئيماً في"وول ستريت جورنال"في 30/5/2007 عنوانه"القضية لضرب ايران: آمل وأصلي أن ينفذها الرئيس"دخل فيه في الخرافة، وهو يحذر من محرقة أخرى، ويقارن بين ايران والمانيا النازية. وكنت أشرت الى هذا المقال في حينه فلا أعود اليه، وإنما أسجل أنني بعد رجوعي الى لندن من الولاياتالمتحدة وجدت على مكتبي مقابلة صحافية انكليزية مع بودهوريتز تحدث فيها عن اجتماع له في الربيع الماضي مع الرئيس بوش ومساعده كارل روف شكا فيه من عبث اعطاء الديبلوماسية فرصة، فانفجر بوش وروف ضاحكين على حد زعمه، ما جعله يفهم أن الرئيس يعرف أن الديبلوماسية ستفشل وهو يعد لضربة عسكرية. أرجو أن ينسى القارئ الموضوع الايراني لحظة ويركز معي على المحافظين الجدد، أو عصابة اسرائيل. بودهوريتز يعتقد بأن بوش سيضرب ايران قبل نهاية ولايته، وآخر كتاب لهذا المتطرف هو"الحرب العالمية الرابعة: الكفاح الطويل ضد الاسلام الفاشستي"، فقضيته هي الاسلام والمسلمون لا ايران وحدها، ونورمان بودهوريتز متزوج من ميدج ديكتر، المتطرفة مثله، وابنتهما راشيل هي زوجة ايليوت ابرامز، بطل فضيحة ايران/كونترا وممثل اسرائيل في مجلس الأمن القومي. ولنورمان بودهوريتز ابن يكتب عموداً يمينياً خالصاً في"نيويورك بوست"وتستضيفه شبكة فوكس نيوز بانتظام. ثم هناك ديفيد وورمزر الذي عمل مع بول وولفوفيتز ودوغلاس فايث في تلفيق أسباب الحرب على العراق في وزارة الدفاع وحاول جهده ربط صدام حسين بارهاب 11/9/2001، وانتقل بعد ذلك الى مكتب تشيني"خبيراً في الشرق الأوسط"وترك قبل شهر ليعود الى مراكز، أو عصابات، البحث اليمينية. ديفيد وورمزر متزوج من الاسرائيلية ميراف التي جاءت مع الكولونيل في الاستخبارات الاسرائيلية ايغال رامون الى واشنطن بعد فوز بنيامين نتانياهو بالانتخابات الاسرائيلية سنة 1996 وأسسا شركة ميمري للترجمة التي تترجم انتقائياً عن المتطرفين العرب تترجم بدقة وتوزع على المسؤولين الأميركيين والعالم. دوغلاس فايث ابن دالك وقد منحتهما المنظمة الصهيونية وساماً لخدماتهما لاسرائيل. وهناك الآن دانيال بايبس صاحب"مراقبة الاسلاميين"وهو ابن ريتشارد بايبس الذي مارس تطرفه مستشاراً لرونالد ريغان. ومع هؤلاء مايكل ليدين الذي طالب دائماً بضرب ايران، ولا نزال نحاول معرفة ان كان له دور في تزوير أوراق النيجر في روما حيث عمل يوماً واعتبرته الاستخبارات الأميركية عميلاً لاسرائيل. وما دمنا في"العوائل الكريمة"فهناك دونالد كاغان البروفسور المتطرف الذي أنجب ابنين مثله هما روبرت وفردريك، والأخير صاحب الدراسة"اختيار النصر: خطة للنجاح في العراق"التي قرر جورج بوش على أساسها زيادة القوات في العراق. وضاق المجال وهناك مئة اسم اختار منها ايرفنغ كريستول، مدير تحرير"كومنتري"في حينه، الذي تزوج جيرترود هيملفارب وانجبت له وليام، رئيس تحرير"ويكلي ستاندارد"الناطقة باسم المحافظين الجدد. هؤلاء جميعاً ليسوا أعداء ايران وحدها، وإنما أعداء العرب والمسلمين جميعاً، وكثيرون منهم دينوا بتسريب معلومات سرية لاسرائيل، ثم عادوا الى مناصب حكومية، ووقعوا رسائل الى بيل كلينتون وجورج بوش لمهاجمة العراق. وهم يريدون ايران اليوم. وغداً البقية الحيّة منا.