ربما ليس هناك لاعب تألق بشكل لافت ببداية الموسم الجديد في الدوري الفرنسي مثل مهاجم نادي ليون الجزائري الأصل الفرنسي الجنسية كريم بن زيمة. وعلى رغم أن فريقه أصبح، أو يكاد يكون أثراً بعد عين، إلا أن المهاجم الليوني بن زيمة خطف جميع الأضواء وبات أخطر مهاجم في الدوري بعد أن أثبت بكل مرة أنه أصعب من أن يراقبه المدافعون، وأكثر من ذلك وصل إلى شباك منافسيه عشر مرات في عشر مباريات ليتصدر هدافي الدوري. هذا التألق لم يكن مستغرباً على لاعب أظهر مهارات عالية منذ انضمامه للنادي الليوني، ومن عرفه وقتها تنبأ له بمستقبل زاهر، ولعل انضمامه لپ"الديكة"ومشاركته في خمس مباريات متتالية وتسجيله هدفين في مرمى جزر الفارو دليل على مهاريته وأهليته للمنتخب في ظل المنافسة المستمرة"للفيف الأجنبي"من المجنسين من اللاعبين الأفارقة. وأمام نادي ميتز وجه بن زيمة وفريقه ليون ضربة موجعة للجميع، إذ توّج نفسه بلقب أخطر لاعبي الهجوم بالفريق الفرنسي، بل في الدوري المحلي ككل، فبات هدافاً له برصيد تسعة أهداف في عشر مباريات. وخلال المباراة تألق بن زيمة كما لم يفعل من قبل وأحرز أول هاتريك لفريقه هذا الموسم، فبات سهماً سريع الاختراق. لكن فريقه المتوج بلقب الدوري ست مرات لم يعد مثلما كان مهاب الجانب، وهو ما يقر به بن زيمة، ويقول إن بداية الموسم جاءت مخيبة للآمال، لكنه يشدد على أنه"ليس أنانياً لا في حياته اليومية ولا داخل الميادين"، لافتاً إلى أن الأهم بالنسبة إليه يبقى مواصلة التألق وبلوغ مستوى عال. ومع تزايد التساؤلات حول منصبه الحقيقي بعد اضطراره للعب على الأجنحة، كشف بن زيمة، في أحدث تصريح صحافي، أن مهمته تكمن أساساً في هز الشباك لأن منصبه الحقيقي هو رأس حربة على حد تعبيره. ويتابع موضحاً:"تحدثت في هذا الأمر مع المدربين ألان بيران ولاكومب، واتفقنا على أن يكون مركزي رأس حربة لا على الأجنحة لأنني أجد راحتي في هذا المركز. ولست هنا لأوزع الكرات على الجناحين إنما هنا لأسجل الأهداف وأسهم في تسجيلها، أما في المنتخب فما زلت أتعلم..". ولأن الكرة فوز وخسارة، فقد سقط ليون وسهمه الأزرق صريع الأداء الراقي لبرشلونة ضمن دوري أبطال أوروبا، لكن بن زيمة، وبسرعة السهم أيضاً نسي الخسارة المذلة أمام العملاق الإسباني، واستعاد حيويته في الدوري الفرنسي، وهو نفسه قال:"يجب أن ننسى بسرعة برشلونة". وبالسرعة نفسها وجد اللاعب نفسه يهز شباك نادي لانس في الدقيقة التسعين من المباراة 3- صفر ليواصل السهم الأزرق اختراقه لجسد منافسيه. بدأ بن زيمة 20 عاماً، مشواره الاحترافي مع الفريق الأول لنادي ليون موسم 2004 - 2005 ، وفي أول موسم بدأ يجلب الأضواء إليه ويثير الحديث عنه في الوسط الكروي الفرنسي. ففي مباراة ميتز - ليون قدم تمريرة حاسمة لزميله برايان بيرغونيو سمحت للأخير بإحراز هدف حاسم في آخر المباراة. ومنذ يومها بات يشار إليه بالبنان كأحد النجوم الواعدين، وفي موسم 2005 شارك للمرة الأولى في مسابقة دوري ابطال أوروبا، إذ أحرز أول أهدافه في مباراة رسمية. شكل الموسم تأشيرة عبور إلى الأضواء عبر بوابة"الديكة"، إذ لم يتأخر المدرب ريمون دومينيك عن استدعائه في التاسع من تشرين الثاني نوفمبر 2006، وهو دون ال19 من عمره. وفي تشرين الأول أكتوبر من العام ذاته كان اللاعب يمنح بطاقة تأهل إلى الدور ثمن النهائي لدوري ابطال أوروبا من هدف جميل أثبت اختصاصه كهداف لا يشق له غبار.. في تلك الأثناء، وفي الجزائر تعالت أصوات تطالب بتوجيه الدعوة للاعب المتألق قبل فوات الأوان. رضخ المدرب الفرنسي للمنتخب الجزائري جون ميشيل كافالي لهذه النداءات، وتقدم إليه بطلب رسمي للانضمام لپ"الأخضر"الجزائري، لكنه آثر التريث إلى أن جاءته الدعوة رسمياً من المدرب الفرنسي دومينيك للمشاركة في مباراة فرنسا الودية أمام أثنيا 15 نوفمبر لكن لعنة الإصابة أبعدته عن"الأزرق"، قبل أن يعود إليه مجدداً ويسجل حضوره الأول تحت الألوان الفرنسية في المواجهة الودية أمام النمسا في آذار مارس 2007، وكانت المفاجأة المدوية والاكتشاف الكبير، لم يتأخر كريم بعد دخوله بديلا لإثبات نفسه كهداف ومهاجم كبير، إذ لم تمض سوى ثمان دقائق حتى وجد نفسه يهز شباك النمساويين.. من تآمر على منتخب بلده الأم في مونديال 82. وفي هذه المباراة شكل ثنائية رائعة مع مواطنه الأصلي الجزائري الآخر سمير ناصري، إذ لعبا أول مقابلة تحت ألوان المنتخب الفرنسي للأكابر. المباراة لم تمر من دون أن يدون اللاعبان اسميهما من ذهب، إذ إن ناصري دخل من بداية اللقاء وكان بالفعل نجماً يستحق كامل التقدير، بينما دخل بن زيمة قبل بداية الشوط الثاني وسجل هدف الفوز في المباراة اثر تمريرة من ذهب لسمير ناصري. أشاد مدربه ريمون دومينيك بأداء هدافه الجديد، وأكد في تصريحات أبرزتها الصحف الجزائرية أن"أداء كريم بن زيمة لم يفاجئ، فأداؤه مع ناديه أولمبيك ليون جعلني أثق أكثر في إمكانات هذا اللاعب الشاب لا تنس أن كريم يلعب في أعلى المستويات وفي كأس رابطة أبطال أوروبا، لقد سبق لي وأن استدعيته إلا أن الإصابة التي تعرّض لها آنذاك حرمته من اللعب أمام النمسا، كريم كان عند حسن ظني وأدى مهامه على أحسن وجه". بن زيمة على رغم ارتباطه"الرياضي"بفرنسا إلا أنه لا يزال مرتبطاً ببلده الأم الجزائر.. وفي هذا الشأن يقول:"الجزائر هي بلد والديّ، وهي في القلب، لكن رياضياً اخترت اللعب للمنتخب الفرنسي". والتحق بن زيمة بقائمة اللاعبين مزدوجي الجنسية الذين رفضوا تقمص الألوان الوطنية على غرار إبراهيم حمداني اللاعب السابق لأولمبيك مرسيليا، وكمال مريم الذي لم يلعب مع"الديكة"سوى لفترة محدودة جداً، وسمير ناصري لاعب أولمبيك مرسيليا الذي يشكل بحسب المتتبعين الوريث الشرعي لزيدان.