تأكد أمس أن أبرز جماعات التمرد في دارفور لن تحضر مؤتمر السلام المفترض أن يُفتتح اليوم في مدينة سرت الليبية والمخصص لبحث الأزمة المستمرة منذ أربع سنوات ونصف السنة في غرب السودان. وجاءت مقاطعة المتمردين للمؤتمر على رغم مناشدات دولية لهم بالحضور وصلت الى حد التلويح بعقوبات ضدهم إذا عرقلوا عملية السلام التي يرعاها وسيطا الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي يان الياسون وسالم أحمد سالم اللذان وصلا إلى سرت. ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي ألفا عمر كوناري، قبل ساعات من إعلان المتمردين مقاطعتهم المحادثات، في بيان وزّع أمس في أديس أبابا،"كل الأطراف السودانية إلى المشاركة في شكل بنّء في هذه المحادثات". وجدد كوناري"دعوة الأطراف المعنية كافة إلى الكف عن أي أعمال عنف ميداني أو أي تصرف من شأنه تقويض محادثات السلام"، في إشارة على ما يبدو إلى إعلان"حركة العدل والمساواة"الخميس مهاجمة منشأة نفطية في كردفان شرق دارفور وخطف اثنين من موظفيها كندي وعراقي. ونقلت وكالة"رويترز"من مدينة الفاشر عن زعيمي أكبر فصيلين للمتمردين في دارفور انهما لن يحضرا محادثات السلام في ليبيا، معتبرة ذلك تدميراً لأي فرصة لاتفاق سلام يضع نهاية للصراع المستمر منذ 2003. وقال كبير المفاوضين في"حركة العدل والمساواة"أحمد تقد لسان:"قررنا عدم الذهاب". وأضاف أن القرار اتخذ أمس بعد مشاورات مطولة مع"جيش تحرير السودان"فصيل الوحدة قبل المحادثات المقررة في ليبيا اليوم السبت. وأكد زعيم فصيل الوحدة صحة ذلك ل"رويترز"في دارفور. وكان الوسطاء الدوليون يأملون في حضور أكبر عدد ممكن من فصائل المتمردين المحادثات والتفاوض على وقف شامل لاطلاق النار. ومنذ توقيع فصيل واحد من بين ثلاثة فصائل أجرت مفاوضات العام الماضي على اتفاق سلام، انقسم المتمردون إلى أكثر من 10 فصائل. وقال الخبراء انه من دون تمثيل كامل لزعماء رئيسيين للمتمردين فإن محادثات ليبيا ستسلك درب اتفاق 2006 نفسه الذي يحظى بتأييد محدود بين مليونين من سكان دارفور يعيشون في مخيمات للنازحين. وقبل اعلان"حركة العدل والمساواة"و"جيش تحرير السودان"فصيل الوحدة، قال بالفعل زعماء رئيسيون آخرون في المتمردين إنهم لن يحضروا اجتماعات سرت. وقال عبدالواحد محمد النور مؤسس"جيش تحرير السودان"الذي يقود بعض القوات في المنطقة لكنه يتمتع بتأييد شعبي كبير بين سكان دارفور، إنه لن يتوجه الى ليبيا إلا إذا تم نشر قوة للأمم المتحدة لوقف عمليات الاغتصاب والنهب والقتل التي تمثل سمة للصراع منذ اندلاعه في اوائل عام 2003. ويقدر خبراء دوليون ان نحو 200 الف شخص قتلوا منذ حمل المتمردون السلاح ضد الحكومة متهمين اياها بتجاهل منطقتهم. وتقول الحكومة السودانية ان تسعة آلاف فقط قتلوا في الصراع. وقررت ستة فصائل منشقة عن"حركة/جيش تحرير السودان"و"حركة العدل والمساواة"عدم المشاركة في مفاوضات سرت وذلك بسبب شكوك تساورها في شأن النيات الحقيقية للنظام السوداني. وفي القاهرة، أعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن أمله في أن تراجع فصائل وحركات التمرد في دارفور موقفها من عدم المشاركة في اجتماعات سرت. وتوجه وزير الخارجية أبو الغيط أمس إلى سرت ليرأس وفد مصر المشارك في الاجتماعات، وقال حول ما تردد عن إعلان عدد من حركات التمرد عدم استعدادها للمشاركة فى الاجتماعات:"آمل أن تتاح الفرصة في الأيام الأولى من اجتماعات سرت لتنظيم صفوف وأوراق فصائل وحركات التمرد بما يؤهلها للمشاركة بإيجابية". إلا أنه أبدى في الوقت ذاته تفهمه للأسباب التي حدت بتلك الحركات والفصائل إلى اتخاذ هذا الموقف قبل يومين من بدء العملية التفاوضية. وأعرب وزير الخارجية، في تصريح، عن أمله في أن"تكلل اجتماعات سرت بالنجاح وأن تشارك جميع حركات التمرد في المفاوضات لضمان شمولية الحل والتزام جميع الأطراف بما سيتم التوصل إليه من اتفاق سلام في نهاية المفاوضات". وقال:"ستكون مصر على مقربة من المفاوضات طوال فترة انعقادها، ووفدها سيوجد في سرت خلال العملية التفاوضية ليتولى تقريب وجهات النظر ودعم الوسيطين الأممي والافريقي". من جانبه، استبعد الصادق المهدي، رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم حزب"الأمة"، نجاح اجتماعات سرت، داعياً الحكومة إلى توسيع سقف الاتفاقات الموقعة من قبل. وقال المهدي في ندوة عقدت تحت عنوان"العالم العربي وأزمة دارفور"في القاهرة:"هذا الاجتماع لم يتم التحضير له بشكل كافٍ أو الإعداد له بصورة سليمة"، مضيفاً:"ما حدث أخيراً من خلاف بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ألقى بظلاله القاتمة على أي تسوية سياسية سلمية وحتى على اجتماع سرت"، مؤكداً أن"حل المشاكل في السودان يكون بطريقة شاملة". وعن انتشار القوات الدولية في دارفور، أكد المهدي"ضرورة حياد هذه القوات الدولية المختلطة وأن تنشر في دارفور بعد تحديد وقف إطلاق النار، إذ لا بد من توقيع جديد لاتفاق وقف اطلاق النار لأن هناك فصائل جديدة لا تلتزم الاتفاق السابق". وطالب بأن تكون الإدارة في دارفور غير منحازة لطرف ضد آخر، مشدداً على أنه إذا لم تتحقق هذه الشروط فإن"القوات الدولية ستجد نفسها في حقل ألغام في دارفور".