منذ أكثر من ثلاثة أعوام، يتداول البرلمانيون الإسبان مشروع قانون "الذاكرة التاريخية"، وهو يدين النظام التوتاليتاري الفرنكوي نسبة الى الجنرال فرنكو المعادي للحرية، ويكرم ضحايا الاستبداد. ومن المتوقع ان يصادق البرلمان الإسباني على هذا القانون قبل نهاية الشهر الجاري. ويلزم القرار الحكومة والبلديات إزالة رموز الفرنكوية من الساحات العامة. وقبل عامين، رفع رئيس الحكومة الإسبانية، خوسي لويس رودريغز ثاباتيرو، تمثال فرنكو من مركز العاصمة مدريد. وعلى رغم اندثار معالم حكم فرنكو من الحياة العامة، لا تزال جادات معظم القرى الإسبانية وشوارعها تحمل اسم الجنرال، أو اسم رئيس وزرائه كاريرو بلانكو، أو تاريخ"18 تموز"يوليو، ذكرى انقلاب فرنكو العسكري. وتمثال فرنكو لا يزال قائماً في عدد لا يستهان به من القرى. ولم يستجب قانون"الذاكرة التاريخية"مطالب الأحزاب اليسارية وجمعيات الضحايا، ولم يبطل الدعاوى التي أقامتها المحاكم الفرنكوية على معارضي الديكتاتورية. وينص القانون على أن محاكم الفرنكوية غير شرعية، وأن الأحكام الصادرة عنها باطلة. وهو يمهد الطريق أمام اعادة النظر في كل قضية من القضايا المرفوعة على معارضي فرنكو، على حدة. ويكلف قانون"الذاكرة التاريخية"الإدارات المحلية والحكومة تحديد أماكن المقابر الجماعية، حيث دفن الضحايا الجمهوريون أثناء الحرب الأهلية. والحق ان المرحلة الانتقالية الديموقراطية في إسبانيا، منذ موت فرنكو في 1975 الى حين اقرار الدستور الجديد في 1978، قامت على"ميثاق النسيان". وعليه، لم يحاكم مسؤولو النظام الفرنكوي. وشاءت سخرية القدر ان يسعى القاضي الإسباني، بالتاثار غارزون الى مقاضاة الديكتاتور التشيلي، أوغوستو بينوشيه. والتاريخ الإسباني كان حافلاً بالحوادث الدرامية. فهذا البلد عرف ثلاث حروب في قرنين، وحكماً ديكتاتورياً دام نحو أربعين عاماً. وبعد مرحلة الانتقال الى الديموقراطية، يلتقي، اليوم، أشخاص من مشارب مختلفة، ومنهم رئيس الوزراء الإسباني اليساري ثاباتيرو، لطي صفحة هذا الماضي، والمضي نحو المستقبل. فجيل جديد من السياسيين الإسبان لم يألف المرحلة الانتقالية الديموقراطية، لا يتردد في الخروج على ميثاق الصمت. فعلى سبيل المثال، يسعى ثاباتيرو، وهو حفيد مناضل جمهوري قتله جنود فرنكو، الى تكريم ذكرى المهزومين. ويطعن الحزب اليميني الإسباني في شرعية الخروج على ميثاق المرحلة الانتقالية. فهو وريث التحالف الشعبي، وهو حزب أسسه مانويل فراغا، وزير موال لفرنكو في المرحلة الانتقالية. وناخبو اليمين الإسباني يغالون في المحافظة، ويعارضون إدانة العقيدة القومية - الكاثوليكية السائدة في عهد الديكتاتورية. عن جان ايبير ارمانغو ، "ليبراسيون" الفرنسية، 18/10/2007