عادت اسبانيا لتنقسم من جديد وتعيش جدلا حادا وتستعيد جراح الماضي نتيجة قرار القضاء فتح تحقيق في ملف المختفين في الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد في عقد الثلاثينات من القرن الماضي، فبينما يصفق طرف لهذه المبادرة يعتبرها طرف آخر خطيرة وغير مناسبة. وكان قاضي المحكمة الوطنية بالتاسار غارسون الشهير بتحقيقاته في ملفات حقوق الإنسان وتنظيم القاعدة، قد فاجأ الجميع خلال الأيام الماضية عندما طلب من عدة مؤسسات تزويده بلائحة أسماء الضحايا والمختفين أبان الحرب الأهلية التي وقعت في اسبانيا ما بين 1936 و1939 وانتصر فيها أنصار الجنرال فرانسيسكو فرانكو. القاضي اعتمد على دعوى رفعتها ثماني جمعيات تضم أقارب ضحايا الحرب تطالب بالتحقيق وفتح القبور الجماعية. ووجه القاضي مراسلات إلى عدد من المؤسسات التي تتوفر على أرشيف الحرب الأهلية مثل الوزارات وبعض البلديات والكنائس وكذلك الأبحاث التي أجرتها جمعيات تهتم بالبحث عن ضحايا الحرب لكي يعمل على إعداد لوائح المختفين والضحايا، البعض منها رحب والبعض الآخر استغرب وتحفظ. وخلف القرار انقساما واضحا وسط المجتمع الإسباني، فالحزب الاشتراكي الحاكم وبعض وسائل الإعلام الموالية له مثل صحيفة الباييس وإذاعة كادينا سير وتلفزيون كواترو رحبت بالقرار واعتبرته منصفا، في حين شن الحزب الشعبي المحافظ ووسائل الإعلام الموالية له حربا كلامية ضد القاضي واعتبروه بالباحث عن أضواء الشهرة على حساب جراح الماضي. وتكشف الدراسات أنه يوجد قرابة 150 ألف مفقود في الحرب الأهلية الإسبانية وجرى تحديد مئات المقابر الجماعية في مختلف مناطق البلاد وأن البعض منها يوجد في شمال المغرب بحكم أن اسبانيا كانت تستعمر شمال هذا البلد العربي، وبدأت المواجهات بين أنصار فرانكو والجمهوريين في مدن مثل تطوان والشاون. وهذه أول مرة يتدخل فيها القضاء للتحقيق في ملف ضحايا ومفقودي الحرب الأهلية في حين كان الملف في الماضي مقتصرا على المبادرات السياسية ومن ضمنها مصادقة البرلمان خلال السنة الجارية على /قانون الذاكرة التاريخية/ الذي يعيد الاعتبار إلى الضحايا وكان الحزب الشعبي المحافظ قد صوت ضد القانون. ويعمل الحزب الاشتراكي الحاكم على دعم مثل هذه المبادرات لأن أغلبية الضحايا ينتمون إلى اليسار، وأكد رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو أنه يحترم قرار القاضي. وفي المقابل يرفض الحزب الشعبي اليميني مثل هذه المبادرات لأن جل قيادييه وأنصاره كانوا أعضاء في إدارة الجنرال فرانسيسكو فرانكو المنتصر في الحرب والذي حكم البلاد ما بين 1939 إلى 1975. //انتهى// 1442 ت م