بدأت في القاهرة أمس وسط إجراءات أمنية مشددة محاكمة رئيس تحرير صحيفة "الدستور" المستقلة إبراهيم عيسى بتهمة نشر إشاعة مرض الرئيس حسني مبارك قبل شهرين. وفوجئ محاموه بإضافة 8 دعاوى أخرى قدمها محامون ينتمون إلى"الحزب الوطني الديموقراطي"الحاكم يتهمونه فيها بإهانة رموز حزبهم. وقررت محكمة جنح بولاق بعد جلسة قصيرة أمس استدعاء محافظ البنك المركزي فاروق العقدة ورئيس البورصة سعد عبداللطيف، لسماع إفادتهما في شأن الاتهامات التي وجهتها نيابة أمن الدولة العليا إلى عيسى بالتسبب في خسائر لاقتصاد البلاد قدرها 350 مليون دولار، على خلفية نشر الإشاعة. وأرجئت القضية إلى 24 الجاري، كما نقلت إلى محكمة القاهرة الجديدة في ضاحية التجمع الخامس في شرق القاهرة. ويواجه عيسى باتهامات بينها"نشر إشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة"، تصل عقوبتهما إلى السجن 3 سنوات. وطلب دفاع عيسى إرجاء نظر الدعاوى التسع للإطلاع والاستعداد والحصول على صور رسمية من التقارير التي قدمتها البورصة وغيرها. وقررت المحكمة استدعاء الضابطين في مباحث أمن الدولة محمد برغش وياسر المليجي اللذين قدما البلاغ ضد عيسى، لسماع شهادتهما. واعتبر الادعاء أن"ما نشرته صحيفة الدستور من أنباء كاذبة عن صحة الرئيس ألحقت بالمدعين وبالشعب المصري أضراراً مادية وأدبية". وعقدت الجلسة وسط إجراءات أمنية مشددة وحضور مكثف لمنظمات المجتمع المدني. وشارك في فريق الدفاع أكثر من 20 محامياً، يتقدمهم رئيس هيئة الدفاع الدكتور إبراهيم صالح والمستشار القانوني لنقابة الصحافيين سيد أبو زيد. وأعربت"الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"عن قلقها لسير القضية والهدف منها. وقالت في بيان إن الجلسة كانت بمثابة"مزاد ترعاه الدولة لمن يريد الادعاء ضد إبراهيم عيسى، وسبع من هذه القضايا رفعها محامون أعضاء وقريبون من الحزب الوطني يسعون إلى الشهرة وكسب رضا الدولة". واعتبرت أن"الحشد الهائل من رجال الشرطة ذوي المناصب العليا التابعين لكل أجهزة الأمن في مصر، يوضح بجلاء طبيعة المحاكمة التي تجرى لعيسى، وهل هي محاكمة صحافي في تهمة تتعلق بالنشر، أم قضية رأي في دولة ضاقت بالصحافة وتسعى لعقاب أي صحافي غير موالٍ لها". وجاء بدء المحاكمة في ذروة صدام بين الحكم والصحافيين، بعد أحكام بسجن عشرة صحافيين، بينهم رؤساء تحرير ست صحف معارضة ومستقلة أحدهم عيسى، باتهامات أبرزها"إهانة الرئيس مبارك ورموز الحزب الحاكم". ورأت نقابة الصحافيين في الأحكام"إعلان حرب على حرية الرأي". وقرر رؤساء تحرير 15 صحيفة مستقلة ومعارضة الاحتجاب في 7 الجاري، وطالبوا بعقد جمعية عامة طارئة للصحافيين لاتخاذ إجراءات تصعيدية بينها الاعتصامات في مواجهة"ما يجري من تصعيد حكومي"، لكن بدا أن هناك اتجاهاً لإرجاء قرار الاحتجاب أسبوعاً. من جهة أخرى، قال وزير التضامن الاجتماعي الدكتور علي المصيلحي إنه شكل لجنة لإعداد قانون جديد للجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني يضمن"وجود رقابة على هذه الجمعيات من قبل الوزارة، خصوصاً في ما يتعلق بالتمويل وإنجاز الأعمال". وأشار إلى أن اللجنة ستصوغ مسودة القانون خلال شهر، لتقديمها إلى مجلس الوزراء لمناقشتها ورفعها إلى البرلمان تمهيداً لإقرار القانون في الدورة المقبلة. وكانت السلطات أغلقت"جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان"منتصف الشهر الماضي، ما أثار انتقادات في أوساط المجتمع المدني، خصوصاً أن الجمعية من أقدم الكيانات الحقوقية في البلاد. وأصدرت محكمة جنح حلوان أمس حكماً بالسجن لمدة سنة بحق المنسق العام ل"دار الخدمات العمالية والنقابية"كمال عباس والمحامي محمد حلمي، بعد ادانتهما بإهانة أحد أعضاء الحزب الحاكم في مجلة تصدرها الدار. واعتبرت الجمعية الحكم"نموذجاً جديداً بالغ الدلالة على خطورة عقوبات الحبس في جرائم النشر ... يثير القلق من التوسع في استخدام هذه العقوبات وجعلها سيفاً مصلتاً على الرقاب".