سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
باريس استخدمته لحماية مصالحها ثم صادرت ممتلكاته ورحل فريسة المرض والبؤس . بوب دونار ... أشهر مرتزق في القرن العشرين : قاد انقلابات في افريقيا وقاتل في اليمن ضد الجيش المصري
رحل الفرنسي بوب دونار عن 77 عاما، معزولاً وفي وضع مادي بائس، بعد صراع مع مرض الزهايمر الذي خطف منه ذاكرته، بعد حياة حافلة بالمغامرات حولته الى اشهر مرتزق في القرن العشرين. وتوفي دونار"مرتزق الجمهورية"كما كان يصف نفسه، في منزله المتواضع في ضواحي باريس، ليل السبت - الاحد، تاركاً وراءه سجلاً حافلاً بالعمليات العسكرية والمحاولات الانقلابية التي شارك فيها، من الجزائر الى افريقيا مروراً باليمن وجزر القمر. بدأ دونار، واسمه الحقيقي جيلبير بورجو من مدينة بوردو، حياته العملية بالخدمة في الجيش الفرنسي في الهند الصينية ثم في الجزائر، وبعدها عمل شرطياً في المغرب. وكان أول نشاط له كمرتزق في الكونغو حيث قاتل الى جانب متمردي كاتنغا، وانضم بعدها الى قوات الإمام بدر في شمال اليمن، وشارك في المعارك ضد القوات االمصرية. بعد ذلك، انتقل الى انغولا ومن ثم كابيندا وزيمبابوي حيث شارك في عمليات عسكرية"مدفوعة الاجر"من الحكومة الفرنسية عندما كانت لا تتردد في استخدام كل الأساليب الممكنة للإبقاء على مصالحها ونفوذها في القارة السوداء. واعتبر دونار، على مدى حياته، ان ما يقوم به من عمليات هدفه الأساس خدمة مصالح بلاده، من دون ان يدرك التغيير الذي جعل فرنسا تتخلى عن بعض الأساليب الكولونيالية... وعن منفذيها. ورغم ذلك، لم يفكر دونار في التكيف مع المتغيرات بل استمر في اعتماد الارتزاق نمطاً لحياته. وكان صعباً على رجل من أمثاله كرس طاقاته لصناعة الرؤساء أو إطاحتهم، ان يعود الى حياة عادية، فاستمر في مغامراته منفرداً. وشكلت محاولة الانقلاب التي نفذها في جزر القمر آخر هذه المغامرات، اذ اطاح الرئيس محمد جوهر ونصّب مكانه لجنة عسكرية انتقالية، ما ادى الى تدخل القوات الفرنسية واعتقاله العام 1995. وبرر دونار محاولته الانقلابية تلك بأنها"ارتباط معنوي"، تجاه القمريين الذين يعرف بلدهم منذ العام 1975 وسبق له ان تولى رئاسة اركان جيشهم، لتخليصهم من فساد جوهر وتزويره الانتخابات. وحكم القضاء الفرنسي على دونار بالسجن 4 سنوات بعد ادانته بتلك المحاولة واطلق بعد 12 شهراً. وفي وقت رفضت عائلة دونار التعليق على ظروف وفاته، صرح محاميه ايلي حاتم، بأن مرض ألزهايمر الذي اصاب المرتزق الفرنسي حال دون إدراكه طبيعة الحكم الذي صدر بحقه. وذكر ان دونار امضى السنوات الأخيرة من حياته في وضع مادي أكثر من بائس، بعدما وضعت الدولة الفرنسية يدها على ممتلكاته التي قدرت قيمتها بحوالى 250 ألف يورو. وأشار الى ان مبالغ طائلة مرت عبر يدي دونار، لكنها كانت تستخدم لتمويل العمليات التي نفذها على مدى حوالى 30 عاما من حياته، وأن زوجته الزائيرية التي بقيت الى جانبه حتى النهاية هي التي كانت تعمل لتؤمن معيشتها ومعيشته. وروى حاتم ان دونار، كان يبدي دهشة فائقة عندما كان يقال له انه شارك في محاولات انقلابية ضد هذا الرئيس أو ذاك، بعدما اتى المرض على ذاكرته، لكنه كان يحن دائماً للعودة الى اليمن التي زارها مجدداً العام 1997، لتقديم ارشيفه الخاص حول حقبة الحرب اليمنية الى دولة اليمن. وأشار الى ان دونار اب لأكثر من 15 ولداً من نساء من جنسيات مختلفة، منها كومورية وزائيرية وسويدية ومغربية وجنوب افريقية.