كان المرتزق الفرنسي بوب دونار 70 عاماً أينما توجّه ومهما فعل، يعتبر انه يعمل من اجل فرنسا. وعلى مدى مغامراته كان دونار يعتقد بأن بلاده ستعترف له، عاجلاً ام آجلاً، بخدماته. لكن الحصيلة لا تبدو اليوم مطابقة مع حسابات دونار الذي يمثل منذ الرابع من أيار مايو الحالي امام المحكمة الجنائية في باريس بتهمة التورّط في عملية اغتيال رئيس جزر القمر عبدالرحمن أحمد عبدالله في تشرين الثاني نوفمبر 1989. وفي قفص الاتهام، وقف دونار مصغياً بمرارة الى رئيس المحكمة الذي فصّل عملية الاغتيال والعلاقة الوثيقة التي قامت بينه دونار والرئيس عبدالله. لم يشارك دونار في عملية الاغتيال لكنه كلّف أحد معاونيه بتنفيذها، اثناء المحاولة الانقلابية التي اعدّها ضد الرئيس عبدالله على رغم العلاقة الوثيقة التي كانت تربطهما. فدونار أطاح الرئيس عبدالله سنة 1975 لمصلحة الرئيس علي صويلح، ثم عاد سنة 1978 ليطيح بصويلح لمصلحة عبدالله الذي قرّر مكافأته تسليمه قيادة جيش جزر القمر، خصوصاً انه اعتنق الاسلام واختار لنفسه اسم مصطفى مادجو. وفي نهاية الثمانينات، بدأ دونار يشعر بأن ثقة الرئيس عبدالله به بدأت تهتز وانه قد يعمل على وضع حد لنشاطه العسكري والتجاري المزدهر في جزر القمر، ما جعله يسعى مجدداً لاعداد محاولة انقلابية ضده انتهت باغتياله. ويرفض دونار هذه الرواية، ويستغرب اتهامه بقتل "صديقه" الرئيس عبدالله، ويقول ان المحاولة الانقلابية التي قام بها ضده سنة 1975 جاءت نتيجة اقدامه على اعلان استقلال جزر القمر، وانه عمل لاحقاً على اعادته الى الحكم بعدما اتضح له الاسلوب الدموي الذي يعتمده صويلح في الحكم. فحملات دونار العسكرية، دائماً مبنية على مواقف مبدئية، نادراً ما كانت تحظى بضوء اخضر من الاستخبارات الفرنسية التي كان يستشير بعض العاملين فيها، وبل كانت تحظى بضوء "برتقالي". ففي جزر القمر وقبلها في المغرب حيث تطوّع في الشرطة اثناء الانتداب الفرنسي "للقضاء على دعاة الاستقلال" وفي ديان بيان فو حيث شارك في منظمة "او دات" التي ضمّت "ألوية الموت" التي كانت مهمتها اغتيال دعاة انسحاب فرنسا من الهند الصينية. وأيضاً في زائير والكونغو وكاتنغا وصولاً الى اليمن حيث حاول العمل من اجل اعادة الملكية، وكردستان وبعدها جمهورية افريقيا السوداء.