رضخ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لضغط الجيش والرأي العام فقرر، بعد اجتماع للمجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، اعتبره مراقبون "مجلس حرب"، اعطاء الضوء الأخضر للقوات المسلحة لملاحقة المتمردين الأكراد داخل الأراضي العراقية. وأفادت وسائل الإعلام التركية أن الحكومة أرسلت طلباً الى البرلمان للموافقة على عملية واسعة النطاق. وفي العراق قتل أمس أكثر من 40 عراقياً وأصيب أكثر من 150 بتفجير 5 سيارات مفخخة وعمليات عسكرية، أبرزها هجومان انتحاريان متزامنان بسيارتين مفخختين في بلدة بيجي استهدفا قائد الشرطة وزعيماً عشائرياً سنياً مناهضاً ل"القاعدة". وأعلنت الحكومة التركية ان صبرها قد نفد، اثر مقتل 15 من جنودها في اشتباكات مع متمردي حزب"العمال الكردستاني"خلال الأيام القليلة الماضية، وتوعدت بمطاردة الانفصاليين الأكراد داخل الأراضي العراقية. وأوضح بيان، نشر اثر اجتماع دام أكثر من ثلاث ساعات للمجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب برئاسة اردوغان، أن"الأوامر والتعليمات اللازمة صدرت للمؤسسات المعنية ... ليتم اتخاذ الاجراءات القانونية والاقتصادية والسياسية، وبينها عند الضرورة، عملية عبر الحدود ضد المنظمة الإرهابية في بلد مجاور"العراق. وتتعرض حكومة اردوغان لضغوط من المعارضة البرلمانية والصحافة والرأي العام لتكثيف حربها ضد"العمال الكردستاني"وارسال الجيش الى داخل الأراضي العراقية لضرب قواعده في كردستان. وعلى البرلمان التركي الموافقة على أي عملية عسكرية على نطاق واسع في العراق. لكن وزير الدفاع أكد أمس أن العمليات المحدودة لا تتطلب موافقة برلمانية. وأثار مقتل 13 جندياً تركياً الأحد في منطقة جبلية قرب الحدود العراقية اضافة الى مقتل اثنين آخرين، غضباً شعبياً، خصوصاً انها الخسارة الأفدح للجيش التركي في حربه ضد المتمردين الأكراد منذ 1995. ونظمت تظاهرات تلقائية في عدد من المدن في حين دعت الصحف الشعبية حكومة اردوغان الى التحرك لمواجهة هذا الوضع. وسبق ان طلبت واشنطن من السلطات التركية عدم التوغل في العراق خشية ان يزعزع ذلك استقرار شمال هذا البلد البعيد نسبياً عن اعمال العنف الطائفية. وجددت هذا الموقف أمس، معتبرة ان التوغل"ليس حلاً"لمشكلة الارهاب، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك:"لست واثقاً من ان عمليات التوغل من جانب واحد تعالج المشكلة". ويتوقع ان يثير اردوغان هذه المسألة مع الرئيس جورج بوش خلال زيارته للولايات المتحدة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وأضاف مكورماك:"من المهم ان يعمل العراقيون والأتراك، لمواجهة الارهاب، ونحن سنقوم بدورنا. لا يمكنك ان ترى مثل هذا النوع من الهجمات يصدر من العراق واعتقد ان العراقيين يفهمون ذلك". ولم يوضح غوردون جوندرو، الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، اذا كانت واشنطن ستدعم تركيا في اقرار التوغل في شمال العراق. وقال إن"بغداد وأنقرة تريدان العمل معاً لحل هذه المشكلة. الطريقة الأكثر فاعلية والمناسبة هي حماية مواطني البلدين". أمنياً، أفادت الشرطة العراقية ان 19 شخصاً على الأقل قتلوا وجرح نحو خمسين في هجومين انتحاريين متزامنين بشاحنتين محملتين براميل وقود استهدفا منزلي قائد شرطة بيجي 220 كلم شمال بغداد العقيد سعد النفوس والزعيم العشائري ثامر إبراهيم عطا الله أحد قادة"صحوة صلاح الدين"المناهض ل"القاعدة". ولم يعرف مصير المستهدفين. وجاء هذان التفجيران بعد ساعات من هجوم انتحاري استهدف مركز شرطة في سامراء 100 كلم جنوب بيجي أسفر عن مقتل 14 شخصاً وجرح 26. وفي بغداد، قتل 15 شخصاً وأصيب 70 بهجمات متفرقة بينها انفجار ثلاث سيارات مفخخة. وأفادت مصادر في وزارتي الدفاع والداخلية العراقيتين ان امرأتين قتلتا بنار عناصر شركة حماية أمنية في منطقة الكرادة وسط بغداد. وأوضحت ان"موكباً مكوناً من اربع سيارات رباعية الدفع من طراز"جي ام سي"اميركية الصنع اطلق النار على سيارة صغيرة بيضاء اللون تقودها سيدة وبجوارها امرأة اخرى ما أسفر عن مقتلهما فوراً". ولم تعرف هوية العناصر الذين أطلقوا النار ولا الشركة التي ينتمون اليها. من جهة أخرى، أفاد مصدر أمني عراقي ان الحكومة طالبت شركة"بلاك ووتر"الأمنية الاميركية بتعويض قدره 136 مليون دولار، أي ثمانية ملايين دولار لكل أسرة من ضحايا حادث اطلاق النار في ساحة النسور، مضيفاً ان"الرقم يتماشى مع ما دفعته الحكومة الليبية لأسر 270 شخصاً قتلوا في تفجير طائرة فوق لوكربي في اسكتلندا في 1988". وأثارت نتائج التحقيق، التي اعلنتها الحكومة العراقية حول ملابسات حادث ساحة النسور، موجة من المطالبات الرسمية والشعبية بمحاكمة عناصر الشركة داخل العراق بعد ان أكد التحقيق ان"بلاك ووتر ارتكبت جريمة القتل العمد"، فيما دعت أطراف سياسية أخرى الحكومة الى"التحقيق في بقية الجرائم التي ترتكبها القوات الاميركية بحق العراقيين والمطالبة بتعويضهم".