يعكس اختيار اللفتنانت - جنرال ديفيد بتريوس قائداً للقوات الأميركية في العراق، انعطافاً مهماً في استراتيجية الولاياتالمتحدة، إذ يؤيد هذا المسؤول الجديد زيادة عديد الجيش الأميركي في هذا البلد. وعلى عكس خلفه الجنرال جورج كايسي، الذي يشكك بقوة في جدوى زيادة عديد القوات الأميركية في الجهود لارساء الاستقرار، يتوقع أن يدعم بتريوس زيادة سريعة بخمس سرايا للجيش الأميركي. وبعدما اطّلع أخيراً على دليل مكافحة التمرد التابع للقوات الأميركية، يرجح أن يبدل قائدها الجديد طريقة عملها في العاصمة العراقية، ليسيطر الجنود على مراكز في أحيائها المتفرقة بدلاً من تحديد عملهم بتنفيذ دوريات انطلاقاً من قواعد ضخمة ومحصنة في هذه المدينة وفي محيطها. كما سيعدل الهدف الرئيسي للعملية العسكرية الأميركية في العراق حيث ركز الجيش، بقيادة كايسي، على نقل المسؤولية الأمنية الى قوات الأمن العراقية، حتى ينسحب الجنود الأميركون في شكل تدرجي. أما الآن، فإن التركيز سيكون على حماية الشعب العراقي من الصراع الأهلي وهجمات المتمردين. ويأتي هذا التغيير في السياسة والقيادة الأميركية بعد شكوك حامت حول حماس القائد السابق للقوات الأميركية في العراق، للاستراتيجية الجديدة التي يحضر لها الرئيس جورج بوش، التي ستتضمن على الأرجح زيادة عديد الجيش الأميركي هناك بحوالى 20 ألف جندي. وسيكون لدى البيت الأبيض الآن ضابط نشط لتصميم هذه الاستراتيجية وقيادتها، والدفاع عنها، ما يشكل مركزاً قيماً للادارة بعد ارتفاع مضطرد في الشعور بعدم الرضا عن التورط الأميركي في العراق. في المقابل، يؤيد كايسي وقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جون أبي زيد واللفتنانت مارتن ديمبسي المسؤول عن تدريب القوات العراقية، تقليص عديد القوات الأميركية واستبدالها بقوات عراقية. كما يرى هؤلاء أن زيادة القوات الأميركية ستؤدي حتماً الى تأجيل اليوم الذي يتسلم فيه العراقيون مسؤولية أمنهم. ويعتقد بتريوس، ومعه نخبة من الضباط الأميركيين، أن إرسال مزيد من الجنود وتعزيز الجهود الاقتصادية، سيُساعد في تطبيق النهج العسكري الجديد في مكافحة التمرد العراقي. ويرى هؤلاء أن التقدم في ارساء استقرار العراق سيتحقق فقط عندما لا يشعر الشعب العراقي بالحاجة الى الميليشيات أو مجموعات التمرد لضمان أمنه، وعندما يستنتج بأن حاجاته الاقتصادية الأساسية يتم تلبيتها. وسيعمل الجنرال بتريوس مع اللفتنانت جنرال رايموند أوديرنو قائد العمليات اليومية للقوات الأميركية في العراق، الذي يؤيد أيضاً زيادة عديدها في هذا البلد. وبدلاً من خوض مواجهة مباشرة مع ميليشيا"جيش المهدي"الموالية للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، ستكون الاستراتيجية الأولية على الأرجح خفية عبر تقليص عمليات القتل المذهبية واعتماد السكان على الميليشيات لتوفير الأمن لها، ما سيسهل لحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اتخاذ خطوة الحد من دور الميليشيات في العراق، وهو ما وعد به منذ فترة. ولا يمكن التأكد من احتمالات نجاح خطة ارساء الاستقرار هذه وسط أعمال العنف والأجندات المذهبية في العراق، إلا أن القائد الجديد للقوات الأميركية في هذا البلد يبدو مصمماً على منح خطة مكافحة التمرد للجيش الأميركي امتحانها الأكثر طموحاً.