قيل عندما أعلنت المغنية لطيفة قرار المشاركة في مسرحية منصور الرحباني "حكم الرعيان" انها تكمل ما كانت شرعت به قبل وقت، وهو اختيار أعمال فنية ذات صلة بالإبداع الأوسع من أغنية وألبوم وكليب بأداء دور بطولة في فيلم ليوسف شاهين أولاً ثم تأتي بقية الاعمال الاخرى. وهكذا كان، اذ ان لطيفة قدمت قبل فترة احدى الاغاني الجديدة التي تعاونت فيها مع زياد الرحباني تمهيداً لإصدار ألبوم كامل معه، وهذا ما كانت حدثت الاعلام عنه منذ سنتين تقريباً، ثم جاء الكلام اخيراً عن ادائها دور البطولة في مسرحية جديدة لمنصور الرحباني بعنوان"زنوبيا ملكة تدمر"ليكمل الخطة التي أرادتها لنفسها: اختيار اعمال فنية ذات صلة بالإبداع الأوسع من اغنية وألبوم وكليب... ومع أن عملها الاخير مع زياد الرحباني هو أغنية وكليب من ألبوم بات صدوره قريباً، الا انه تعاون يتجاوز العادة. فزياد ليس ملحناً من النوع الذي يستطيع اي مغن اقناعه بالعمل معه، فضلاً عن نأيه بنفسه عن"همروجة"الانتاج الغنائي الذي يملأ الدنيا ويشغل الناس في لبنان والعالم العربي مداً وجزراً، سلباً وايجاباً، في شكل تتلاطم فيه المقاييس والمعادلات الفنية في أضخم حال تعمية ضبابية. من هنا فإن لقاء لطيفة بزياد في صلب توجهاتها الفنية الجديدة المختلفة شكلاً ومضموناً. لكن، هل"استفاقت"لطيفة على الأعمال الفنية الكبيرة السينمائية او المسرحية او الغنائية وهي في عز حضورها الشعبي العربي أم في لحظة التباس مع جمهور راحت تستهويه نجمات من نوع آخر، وينصرف عنها لطيفة وعن بعض مثيلاتها من المغنيات العربيات اللواتي لا"يصلحن"لهذا الجمهور الراغب بالعري الجميل او القبيح لا فرق، والناهد الى"صوره"فيديو كليبية مثيرة"وشهية"تحاصر العين وتلقي بالاذن على قارعة الشاشة؟ وهل لجأت لطيفة الى"أعمال ابداعية"بعد انحسار عدد الحفلات الغنائية عموماً في العالم العربي، بل بعد اصطدام الانتائج الغنائي بغياب الاقبال على شراء الألبومات، ما أدى الى انكماش عدد الشركات جملة وتفصيلاً واحتكار شركة واحدة السطوة على ما عداها، وصولاً الى انضواء لطيفة تحت جناحي هذه الشركة التي باتت تشبه القدر الذي لا مفر منه؟! أم ان لطيفة توصلت الى اقتناع بأن الاغاني عموماً الى زوال، وأن ما يبقى هو السينما والمسرح وغير ذلك من الاعمال الفنية التي تحافظ على قدر كبير من الاستمرارية. وربما تزداد قوة وحضوراً بمرور الايام في حين ان اغلب الاغاني حتى الناجحة جداً منها تذبل بعد فورة الانتشار السريع وتأكلها طاحونة الاستهلاك؟ مهما يكن، فإن لطيفة تصرّفت بعين عقلها عندما قررت الخروج من دوامة الأغاني. فالفيلم الذي شاركت فيه مع يوسف شاهين وضعها في خانة جديدة من النجومية، ثم جاءت مسرحية"حكم الرعيان"لتضيف الى رصيدها في التمثيل السينمائي نكهة أخرى بالتمثيل المسرحي والغناء الاستعراضي. ثم جاءت تجربة العمل مع زياد الرحباني بما فيها من جدل إعلامي، وها هي التجربة الثانية مع منصور الرحباني في"زنوبيا ملكة تدمر"تضع مدماكاً جديداً لها في العالم المسرحي. ليس مبالغة القول ان قفز لطيفة فوق الاغاني، مجرد الاغاني، باتجاه السينما والمسرح كان في الوقت المناسب، وان ردود الفعل الاعلامية والشعبية كانت مؤيدة ومشجعة. تستطيع لطيفة الوقوف ورسم شارة النصر بأصبعيها لأنها نجت نسبياً من الطوفان!