يتوقع أن تفصح الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق المالية خلال هذه الفترة عن نتائج أعمالها في الربع الأخير من السنة الماضية وعنها بأكملها. ومنحت هيئات الأوراق المالية في أسواق مالية عدة في المنطقة مهلة حتى نهاية هذا الشهر للإعلان عن نتائجها على رغم أن وسائل التكنولوجيا الحديثة سهلت تسريع إعداد البيانات المالية وتبويبها. ويتوقع بالتالي أن تتوافر معلومات عن أداء الشركات قبل انتهاء المهلة المحددة. ويؤدي التأخر في الإفصاح إلى تسريب المطلعين معلوماتٍ عن أداء الشركات، كما يستفيد المطلعون أنفسهم، كأعضاء مجالس إدارات الشركات أو الإدارة العليا أو المقربين منهم، من هذه المعلومات في اتخاذ القرارات الاستثمارية المناسبة، سواء بيعاً أو شراء وبالتالي تحقيق مكاسب أو تجنب خسائر على حساب بقية المساهمين والمستثمرين. وهذا بالطبع يتنافى مع مبدأ عدالة الحصول على المعلومات لكافة شرائح المتعاملين والمستثمرين والمساهمين إذ إن احتكارها من جانب شريحة محدودة من المساهمين يساهم في خفض كفاءة الأسواق المالية وصدقيتها وفي عدم إقبال المستثمرين على الاستثمار في هذه الأسواق. ومن الأهمية بمكان أن تلتزم الشركات بتوقيت الإفصاح وجودة المعلومات المعلن عنها إذ لا فائدة من وضع القوانين والأنظمة والتعليمات إذا لم يطبقها المسؤولون في الشركات أو لم يلتزموا بها تحقيقاً لمصالحهم. ويلاحظ تسريب المعلومات أو الاطلاع عليها هذه الفترة من خلال طلب مفاجئ على أسهم بعض الشركات من دون توافر معلومات جوهرية تساهم في ارتفاع حجم الطلب ما يؤدي بالتالي إلى ارتفاع سعر أسهم هذه الشركات. والعكس صحيح إذ تتوافر عروض بيع مفاجئة وبكميات غير اعتيادية على أسهم بعض الشركات ما يؤدي إلى تراجع سعر أسهم هذه الشركات. ويرتبط ارتفاع حجم الطلب أو حجم عروض البيع بمستوى أداء الشركات من حيث قوة النمو أو تراجع قيمة الأرباح. ويساهم هذا الوضع في انتشار الشائعات في الأسواق من جانب بعض المضاربين بهدف حفز طلب مصطنع على أسهم بعض الشركات ورفع أسعارها السوقية بحيث تصبح هذه الشائعات صانعاً للأسواق بدلاً من المعلومات الحقيقية. وتسهل جودة المعلومات المنشورة خلال هذه الفترة للمتخصصين والمستثمرين والمحللين احتساب الأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة واتخاذ القرارات المتعلقة باستثماراتهم في ظل رؤية واضحة ما يهيئ المناخ لضخ مزيد من الاستثمارات في سوق الأوراق المالية ويسهم بالتالي في تنمية الاقتصاد الوطني وحفزه. والعكس صحيح، فإذا اعتبرت البيانات المالية ذات جودة متدنية فإن ذلك سيؤدي إلى هروب الاستثمارات من السوق، خصوصاً الاستثمار الأجنبي بسبب صعوبة وغموض اتخاذ القرارات الاستثمارية. ويفترض بالتالي بالشركات عند الإفصاح عن نتائجها المالية عدم التركيز على الرقم الإجمالي للأرباح بل توضيح مصادر هذه الأرباح ومكوناتها وتوضيح نسبة الأرباح التشغيلية الناتجة عن النشاط التشغيلي الأساسي للشركة من إجمالي هذه الأرباح ونسب نموها وتوضيح قيمة ونسبة الأرباح من المصادر الاستثمارية أو المصادر الاستثنائية باعتبارها غير متكررة. وتتضمن جودة المعلومات جودة الأرباح ما يعني أن الأرباح التي تعلنها الشركات تعبر بصدق وواقعية عن الأرباح الحقيقية والفعلية للشركات ولا تتضمن أي مبالغات أو أرقام احتمالية، خصوصاً أن بعض الشركات، قد تضطر عند وقوعها تحت ضغط من المضاربين، إلى تحسين أدائها التشغيلي والاستثماري وبالتالي تجميل بياناتها المالية. وهذا بالطبع من مسؤولية مدققي الحسابات الخارجيين إذ يقع على عاتقهم التأكد من صدقية الأرقام المنشورة وواقعيتها. * مستشار "بنك أبو ظبي الوطني" للأوراق المالية