لم يذرف الاسرائيليون دموعا على استقالة رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال دان حالوتس التي سبق ان طالبت بها غالبيتهم لقناعتها بأنه المسؤول عن فشل الحرب على لبنان وتمريغ قدرات اسرائيل العسكرية والمس بقدراتها الردعية. وبين الترحيب والتفهم لم يخفِ البعض، خصوصا في اوساط اليمين المتشدد، شماتته بما آل اليه مصير الجنرال الذي أشرف على اخلاء المستوطنين من قطاع غزة في آب اغسطس عام 2005. كما أرفق ممثلو أحزاب المعارضة البرلمانية ترحيبهم بانصراف حالوتس بمطالبة رئيس الحكومة ايهود اولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس بأن يحذوا حذو حالوتس، وسط دعوات الى تبكير موعد الانتخابات العامة"للتخلص"من القيادة الحالية التي فقدت ثقة غالبية الاسرائيليين، كما تؤكد استطلاعات الرأي. وباستثناء اولمرت الذي أعرب عن أسفه لاستقالة حالوتس وأشاد بتاريخه العسكري الحافل، كما فعل وزير الدفاع بيرتس، عكست معظم الردود المزاج العام في اسرائيل حيال"أزمة القيادة"في المستويين السياسي والعسكري. وأشار احد المعلقين الى ان لا فرق بين الفلتان الأمني في اراضي السلطة الفلسطينية والفوضى العارمة في اسرائيل"التي يمكن ان تشجع اعداءنا على الاقدام على عمل متهور". وتحدثت وسائل الاعلام العبرية عن مزاج سيىء للاسرائيليين"الذين يشعر بعضهم بأن كل شيء ينهار في الدولة"ازاء استشراء الفساد وتداعيات فشل الحرب على لبنان، وهو ما انتبه اليه عجوز السياسة الاسرائيلية، النائب الاول لرئيس الحكومة شمعون بيريز 83 عاما الذي وجه نداء الى الاسرائيليين عبر الاذاعة العامة باستنهاض الهمم و"عدم الوقوع في فخ الاحباط والارتباك بالذات في هذا الوقت". وأضاف انه"يجدر بالشعب في اسرائيل ان يبدي تكتلا وهدوء أعصاب... رئيس الحكومة يمر بفترة صعبة، وانا واثق من براءته ومن ان العدل سيظهر... يجب ان نتيح له اداء مهماته من خلال ضبط النفس وتوفير الدعم له". وناشد الأحزاب المختلفة عدم استغلال التحقيق مع اولمرت واستقالة حالوتس على خلفية فشل الحرب على لبنان، للمناكفة وقال ان"البحر هائج حقا لكن لا ينبغي القلق بل من الأهمية بمكان ان يتحلى كل مواطن بالمسؤولية والهدوء ويحترم مؤسسات التحقيق ومؤسسة رئيس الحكومة". وختم انه ينبغي تعيين"الشخصية المناسبة"لقيادة الجيش ليعده لمواجهة التحديات، للسلام كما للحرب. واشارت وسائل الاعلام العبرية الى"ارتياح"كبير في اوساط قياديين بارزين في الجيش وعسكريين سابقين لاستقالة حالوتس. وقال القائد السابق للمنطقة الشمالية الميجر جنرال في الاحتياط يانوش بن غال ان استقالة حالوتس نجمت عن الفشل الذريع في الحرب، وانه مثلما احتاج حالوتس الى الوقت ليذوت ان الرد العسكري الاسرائيلي على خطف"حزب الله"الجنديين كان بداية حرب حقيقية، فإنه احتاج الى وقت كبير ليذوّت حجم الفشل الناجم اساسا عن انعدام قيادة عسكرية وارشاد غير سليم للجيش. وقال اللفتنانت في الاحتياط يورام يائير ان حالوتس قدم باستقالته نموذجا يحتذى لتحمل المسؤولية"وأرجو ان يشكل قدوة لاولمرت وبيرتس". وقال العسكري في الاحتياط النائب اليميني ايفي ايتام ان استقالة حالوتس هي"نتيجة حتمية لفشل الحرب في لبنان". واضاف ان عدم الاستقرار في اسرائيل سيتواصل حتى ينصرف سائر المسؤولين عن الفشل الذريع وعن المس بهيبة الردع الاسرائيلية وبصورة اسرائيل الى بيوتهم لأنهم ليسوا جديرين بمناصبهم. وزاد ان الاسرائيليين فقدوا ثقتهم بالقيادتين المدنية والعسكرية. وطالب نواب"ليكود"رئيس الحكومة ووزير الدفاع بالاستقالة"والكف عن التنصل من مسؤوليتهما"فورا والاعلان عن تبكير الانتخابات. وقال وزير الخارجية السابق سلفان شالوم انه يشم رائحة انتخابات"لأن الاستقالات لن تتوقف عند حالوتس، بل ستتدحرج ككرة الثلج". وقالت النائب اليسارية زهافا غالؤون انه ليست لدى اولمرت وبيرتس"الصلاحية الأخلاقية"لتعيين خلف لحالوتس لأن مسؤولية الفشل لا يمكن ان تنحصر في المستوى العسكري الذي اتخذ ايضا قرارات عديمة المسؤولية لشن حرب، وعليه هو ايضا التنحي فورا. وانضم ذوو جنود قتلوا في الحرب الى دعوة اولمرت وبيرتس الى الانصراف الى بيتيهما، كما اعتبر جنود في الاحتياط قادوا تظاهرات ضد المستويين السياسي والعسكري استقالة حالوتس"خطوة مهمة"، مؤكدين انهم سيستأنفون احتجاجاتهم حتى يستقيل اولمرت وبيرتس. وأعرب مستوطنون تم اخلاؤهم من غزة عن فرحتهم بانصراف حالوتس، ورأوا ان الاستقالة جاءت"عقابا تحذيريا لكل من يمس بأرض اسرائيل الكاملة".