فجرت استقالة قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي الميجر جنرال اودي آدم من منصبه امس، عاصفة من ردود الفعل في أوساط المستويين العسكري والسياسي على السواء، وسط توقعات بأن تكون هذه الاستقالة بمثابة كرة ثلج لن تتوقف قبل ان تشهد القيادة العسكرية في اسرائيل زلزالا غير مسبوق بحجمه في أعقاب اخفاقات الحرب على لبنان سينعكس بالتأكيد على المستوى السياسي ايضا. ويأتي اعتزال آدم بعد 30 عاما من الخدمة في الجيش النظامي، وبعد اقل من عام في منصبه الحالي. وكان يطمح للوصول الى موقع قيادة هيئة الأركان، علماً ان والده يكوتئيل آدم كان نائباً لرئيس هيئة الأركان عندما قتل بقذيفة"ار. بي. جي"، ابان الحرب الأولى على لبنان عام 1982. ووجه وزراء ونواب في الكنيست وعسكريون سابقون نداءات الى رئيس هيئة اركان الجيش الجنرال دان حالوتس ورئيس الحكومة ايهود اولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس، أن يقتدوا بآدم ويتنحوا عن مناصبهم. وكان آدم قدم صباح امس رسالة الاستقالة لحالوتس من دون أن يخوض في دوافعها، كما بعث برسالة مماثلة الى وزير الدفاع. واعلن ناطق باسم الجيش في بيان أصدره ان آدم طلب اعفاءه من منصبه، وان رئيس هيئة الاركان وافق على هذا الطلب. وأضاف ان الميجر جنرال آدم"سيبقى في منصبه الى ان يتولى خلفه مهماته طبقا للاجراءات المرعية في الجيش". وقالت مصادر عسكرية ان حالوتس سيبذل جهدا لتعيين قائد جديد للمنطقة الشمالية في أقرب وقت ممكن. ولم تفاجئ خطوة آدم كثيرين بل كانت متوقعة في أعقاب قيام حالوتس في الأيام الأخيرة من الحرب على لبنان بتعيين نائبه الجنرال موشيه كابلينسكي مسؤولا مباشرا عن القوات الاسرائيلية في لبنان، ما اعتبره ادم اطاحة غير رسمية ونزع ثقة بتحميله وحده مسؤولية الفشل بداعي انه لم يعِد الجيش للمهمات المطلوبة منه، وبالغ في الحذر من القيام بعمليات عسكرية لتفادي وقوع خسائر كبيرة في الأرواح. وفي حينه، قال الضباط القريبون من آدم انه أحس بالمهانة أمام حملة تشويه تعرض لها وانه لولا ظروف الحرب وتحليه بالمسؤولية لغادر منصبه فورا، لكنه من منطلق المسؤولية تحمل المهانة وبقي حتى انتهاء الحرب. الا ان توقيت الاستقالة، في أوج الانتقادات الحادة الموجهة للقيادة العسكرية وعلى رأسها حالوتس، تضيق الخناق على الأخير بعد ان غدت الدعوة الى انصرافه وقطبي الحكومة اولمرت وبيرتس من مواقعهم الأثيرة مطلبا شعبيا تغذيه أقلام عدد من أبرز كتبة الأعمدة في الصحف العبرية وتظاهرات يقودها عسكريون في الاحتياط. وكانت صحيفة"معاريف"التي توقعت في عنوانها الرئيس امس استقالة آدم نقلت عن الأخير ان دوافع استقالته تعود الى"العلاقات المتوترة السائدة بينه وبين قائد الاركان". وأضافت على لسان قريبين من آدم انه يأمل في ان يحذو حذوه قادة عسكريون اخرون بسبب الاخطاء التي ارتكبت خلال الحرب على لبنان. وقال وزير البنى التحتية بنيامين بن اليعيزر الذي شغل قبل سنوات منصب وزير الدفاع، ان خطوة آدم جريئة يستحق عليها التحية، داعيا حالوتس الى ان يحذو حذو ادم ويغادر موقعه"بعد ان اعترف في احدى جلسات الحكومة ان الجيش لم يكن جاهزا لخوض الحرب... عليه ان يقف وأن ينظر إلى الأمهات الثكالى ويتحمل المسؤولية على الملأ ويستقيل". وأضاف في حديث اذاعي أنه يتوقع من الضباط أن يحافظوا على"تقليد الجيش"في تحمل المسؤولية وألا يبحث كل منهم عن المذنب بل ان يقروا بالمسؤولية ويتحملوا نتائجها. وقال:"لذا أتوقع من قائد الأركان أن يقول علنا انا مسؤول ويغادر منصبه، فيكون بذلك ضابطا مستقيما وأمينا، يشكل قدوة لغير، كما آدم". وحمّل بن اليعيزر، الذي وصف نتائج الحرب على لبنان انها من"اشنع الهزائم التي تعرضت لها اسرائيل"، الجيش المسؤولية الأساسية عن الفشل بداعي انه خلافا للمستوى السياسي"كيان مهني يجب أن يوفر الأمن وقائد الجيش ليس حالة عابرة وليس مرتبطا بالتطورات الحزبية مثل وزير الدفاع، لذا على حالوتس أن يتعلم من آدام ويستقيل". ودعا رئيس جهاز الامن العام شاباك سابقا النائب عامي ايالون رئيس حزبه"العمل"بيرتس الى الاستقالة من منصبه، بعد ان فشل في اداء مهماته خلال الحرب، والى تولي حقيبة وزارية أخرى.