تحوّل مقر قوات الطوارئ الدولية يونيفيل في الناقورة، وكذلك في برج قلاويه شرق صور، محط اهتمام كثير من اللبنانيين منذ استقرت فيه الوحدة الإيطالية التي حضرت إلى لبنان في مهمة لحفظ السلام. وبدأ مواطنون لبنانيون ومستثمرون يرسمون صورة ل"الجنوب ما بعد انتشار الطليان"، حتى راح بعضهم يفكر في سبيل لاستثمار وجود شبان يتمتعون ب"شعبية"عالمية، وفتح متاجر وفنادق ومقاه في محيطهم لإنعاش المنطقة. الكابتن آندريا كوارتا الناطق باسم القوات الإيطالية في برج قلاويه حيث تتمركز وحدته يقول ل"الحياة":"لسنا هنا للمتعة، لدينا مهمة ننجزها وعندما يتحقق ذلك، لا مانع في أن نختلط بالناس. فالشعب اللبناني رائع وكان استقباله لنا مميزاً، سواء في بيروت التي زرناها في 23 تموز يوليو الماضي لتسليم مساعدات إنسانية، أو لدى قدومنا عبر مرفأ صور ضمن قوات الطوارئ الدولية". وتمركز في برج قلاويه 850 جندياً إيطالياً سينضم إليهم قريباً 150 آخرون فيزداد الرقم بعد ثلاثة شهور، بحسب تأكيد الناطق العسكري. القوة الإيطالية هي من نخبة القوات المسلحة من فوج"سان ماركو"للرماة التابع للبحرية الإيطالية وفوج"لاغوناري"والقوات الخاصة. وستنتشر هذه القوة لاحقاً في القطاع الغربي من المنطقة الحدودية التي تمتد من جنوب نهر الليطاني حتى الحدود مع إسرائيل بعد أن يبلغ عديدها 2450 عنصراً. يقول كوارتا:"أحببت بيروت منذ وطئتها قدماي. فهي مدينة جديدة وجيدة. لا نعلم إذا كنا سنتمكن من التعرف إلى الناس، لكننا نتمنى أن نحقق شعبية إيجابية. الأهم من ذلك أن لدينا هدفاً لا بد من تحقيقه وكل ما يليه تفاصيل". وإذا كانت النكات بدأت تطلق منذ الإعلان عن جنسيات الدول المشاركة في قوات الطوارئ، فإن الواقع يظهر حقيقة مغايرة. كانت فتاة في مدينة صور مازحتنا قائلة:"سأفوز بعريس أسافر معه إلى إيطاليا". لكن زينب ابنة التسعة عشر ربيعاً المقيمة في برج قلاويه رأيها مغاير ويشبه المجتمع المحافظ الذي انتشرت فيه القوة الدولية. تقول زينب:"قبلنا بالإيطاليين لأن السيد حسن نصر الله، أمين عام"حزب الله" قبل بهم. وكل ما يرضى به السيد نرضى به، ومهمتهم هنا عسكرية بحتة ولن نختلط بهم". أما هيثم ابن جبل عامل الثلاثيني المقيم في بيروت، وهو أيضاً من مناصري"حزب الله"، فبدا أكثر انفتاحاً لاسيما أنه أمضى سنوات الحرب الأهلية اللبنانية متنقلاً بين إيطالياوسويسراوألمانيا. يقول:"لا مانع لدي في أن تتعرف ابنة عم لي مثلاً على إيطالي... حتى أن تقترن به. فأنا عشت مدة في إيطاليا وشعبها يشبهنا ويحبنا". ويبدي حسرة لعودته قبل الحصول على جنسية أوروبية. ويضيف:"ليتني بقيت هناك. عدت للزواج. كانت غلطة. كان حرياً بي اصطحاب زوجتي والاستقرار في ألمانيا أو سويسرا". وثمة نكات وقعها ثقيل على كثيرين. كالقول إن على"حزب الله"اليوم مقاومة الإيطاليين الذين قد يخطفون قلوب بنات جنوبيات. مجرد التفكير بالأمر يضحك بعضهم. لكن الحال مختلفة. فالقوات الدولية منتشرة في قرى محافظة تحمل صبغة واحدة وليس في مناطق مختلطة حيث التنوع الطائفي والحزبي. كما أنها قرى يتوزع أبناؤها بين المهجر وبيروت، ولا يقصدونها إلا موسمياً. وحده من انقطعت به السبل بقي فيها أو العجزة والمزارعون. ومن القرى المختلطة جويا وفيها حي الأميركان، باعتبار أبنائه من حاملي الجنسية الأميركية. وجويا التي يقال إن الفنانة اللبنانية هيفا وهبي تتحدر منها اكتسبت اسمها في زمن الاستعمار الفرنسي. وكان اسمها Joyeux سعيد. وبعيداً منها قرية حاصبيا التي اكتسبت اسمها عندما"حاص أبيها"على تأخر ابنته. مهما اختلفت النظرة إلى القوات الدولية ودورها في حماية حدود لبنان ودعم انتشار الجيش اللبناني، تبقى نظرة البعض إليها كما لو إلى"مونديال"من نوع آخر، منافسة نجومها من إيطاليا وفرنسا وألمانيا، على حد تعبير علي، أحد أبناء المنطقة.