أسدل الستار على القضية التي هزت الرأي العام المصري نهاية العام الماضي، إذ برأت محكمة جنايات المنيا، المتهم بارتكاب مذبحة بني مزار، محمد علي احمد عبداللطيف الذي اتهم بقتل عشرة أشخاص في إحدى قرى محافظة المنيا والتمثيل بجثثهم، لعدم كفاية الادلة بعدما تضاربت تقارير الطب الشرعي وأقوال الاطباء العدليين في شأن ملابسات القضية. وكان قاطنو قرية شمس الدين في مركز بني مزار التابع لمحافظة المنيا 250 كلم جنوبالقاهرة، فوجئوا فجر التاسع والعشرين من كانون الأول ديسمبر الماضي، بجثث عشرة أشخاص من ثلاث عائلات من أهالي القرية، مقطوعة أعضاؤهم التناسلية وأجزاء من جثثهم. وبعد أيام، اتهمت الشرطة عبداللطيف 27 عاماً بارتكاب الجريمة، مؤكدة أنه"مختل عقلياً"، على رغم نفي عائلته وتشكيك منظمات حقوقية في سير التحقيقات. وقضت أمس المحكمة برئاسة المستشار محمد عبدالرحيم وعضوية المستشارين أمجد وطني ومحمد علي السيد ببراءة المتهم. وقالت في حيثيات حكمها: على"رغم أن إدارات البحث الجنائي بذلت في القضية جهوداً علمية ملموسة وأقامت الدليل، فإن عراقة الدفاع والعناية الإلهية واستناد الدفاع إلى بطلان أدلة الاتهام قضت ببراءة المتهم". وقال محامي الدفاع عن المتهم النائب طلعت السادات ل"الحياة":"نحن في صدد اتخاذ الإجراءات القانونية للإفراج عن عبداللطيف. نشكر الله على قضاء مصر العادل". وطالب السلطات بالعثور على"القاتل الحقيقي الذي لا يزال فاراً بجريمته التي هزت ملايين المصريين". وكانت إشاعات أثيرت عن قيام تجار آثار بارتكاب الجريمة، بالاستعانة ببعض السحرة المحليين، للكشف عن آثار فرعونية مدفونة تحت منازل العائلات الثلاث. وكانت أبرز المفاجآت في القضية هي الحذاء المتحفظ عليه الذي قالت الشرطة إنه يخص المتهم. وعندما طلب من المتهم ارتداء الحذاء، ثبت أنه لا يخصه. واستدعت المحكمة في جلستها الأحد الماضي خبير أحذية لتحديد الاختلاف بين مقاس الحذاء المحرز وحذاء المتهم، استجابة لطلب هيئة الدفاع التي قالت إن الشرطة ألبست عبداللطيف الحذاء بالقوة. واستمعت المحكمة في اليوم الثاني إلى أقوال ضباط الأدلة الجنائية في إدارة عمليات مسرح الجريمة والمعمل الجنائي المركزي في القاهرة. وكشفت التحقيقات أن الخبراء لم يعثروا على أي اثار لبصمات أصابع مرتكب الحادث بعد فحص جميع الأماكن في المنازل الثلاثة، وعزا أحد الخبراء هذه المفارقة إلى كون المنازل مشيدة بالطوب اللبن، ما يصعب عملية رفع آثار البصمات، إضافة إلى عدم وجود أي آثار لمحاولات استعمال العنف لفتح أبواب المنازل. وكانت النيابة نسبت الى المتهم تهمة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد. وقالت إنه توجه إلى المنازل الثلاثة وتسلق أسوارها وقتل من فيها باستخدام ساطور وسكين. ونقلت عنه اعترافه بتفاصيل الجريمة في تحقيقاتها، وأنه أرشد إلى أماكن الاعضاء المقطوعة من الضحايا في المذبحة. وقالت إنه"ارتكب جريمته تحت تأثير هاتف دعاه الى ذلك". غير أن حكم البراءة نقض هذه الوقائع، وفتح باب التساؤلات من جديد عن مرتكب الجريمة. وقال الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة ل"الحياة"إن"القضية منذ بدايتها شابها كثير من الشكوك في ما يتعلق بالأدلة". واتهم البحث الجنائي بمحاولة"تلفيق القضية للمتهم". وطالب السلطات بالافراج عن عبداللطيف فوراً وتعويضه مالياً ومعنوياً عن المحاكمة التي ثبتت فيها براءته.