شهدت اجتماعات مجلس الجامعة العربية والتي عقدت على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة امس تبايناً في وجهات النظر في ما يتعلق بالموقف العربي المنتظر طرحه على مجلس الأمن في شأن عملية السلام في المنطقة. وذكرت مصادر ديبلوماسية عربية أن اجتماعاً تنسيقياً عقد بين وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والاردن قبيل اجتماعات المجلس للاتفاق على الرؤية العربية التي ستعرض على مجلس الامن، مشيرة الى أن بعض الدول، خصوصاً سورية، أبدى تحفظا على الاجتماع الموسع لوزراء الخارجية. وكشفت المصادر ان الدول الثلاث تريد ان يقتصر الطرح العربي امام مجلس الامن على استعراض مسيرة السلام والفشل الذي اصابها بسبب السياسات الاسرائيلية والمطالبة بأن يضع مجلس الامن آلية محددة لإحياء هذه المسيرة سواء عن طريق"خريطة طريق"معدلة أو عقد مؤتمر جديد لعملية السلام، ووضع برنامج زمني لإنهاء هذه العملية. وأشارت الى أن هذه الدول تريد ابداء مرونة في ما يتعلق بإشراف مجلس الامن على المفاوضات وامكان القبول مجددا بأن تكون اميركا هي الوسيط. لكن عددا من وزراء الخارجية اصر على التمسك بإشراف مجلس الامن وعدم ترك ملف المفاوضات مجددا في يد وسيط غير نزيه ومنحاز دائما لصالح اسرائيل. وأوضحت المصادر ان الملف الآخر الذي ظهر خلاف في شأنه ايضاً هو المتعلق بسبل التعامل العربي مع قرار مجلس الامن 1706 الخاص بارسال قوات دولية الى دارفور. ويتمسك السودان بموقفه الرافض قبول هذه القوات على اراضيه بينما طالب بعض الوزراء السودان بابداء مرونة وقبول القرار حتى يمكن الاستمرار في تنفيذ اتفاق ابوجا لتحقيق الاستقرار والسلام بالاقليم. واشارت المصادر الى انه تم انهاء الخلاف المتعلق بموضوع عقد القمة التشاورية العربية بين دورتي انعقاد مجلس الجامعة على مستوى القمة اذ تم الاتفاق على آلية انعقاد هذه القمة والشروط اللازمة لانعقادها وفقاً لما اقترحته مصر. واكدت انه وفقا للاتفاق يمكن الدعوة اليها من جانب رئيس القمة العربية او أي دولة ترغب في استضافتها لمناقشة موضوع محدد. وشارك 20 وزيراً للخارجية في اجتماع الدورة العادية ال126 لمجلس الجامعة أمس تغيب وزيرا خارجية سلطنة عمانوالصومال فيما شارك وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية أحمد كرتي بديلاً عن لام اكول حتى يناقش الأفكار السودانية مع الوزراء العرب من وجهة نظر عربية بدلاً من النظرة الجنوبية. وقال رئيس الدورة الحالية وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إن المنطقة تشهد تطورات خطيرة في الفترة الأخيرة التي مر بها الشرق الأوسط خصوصاً لبنان وأن العرب قدموا كل شيء للبنانيين وتعاملوا بحزم مع هذا التحدي الخطير، وأن السعودية كانت على رأس الدول التي قدمت الدعم السياسي والمادي وأنها قامت بخطوات ثابتة لتفعيل التضامن العربي. وأكد أن هناك تلاقيا عربيا لمواجهة التحدي الإسرائيلي دفاعاً عن الحق في وجه العدوان وأن الأمة العربية قامت بتحرك عربي فاعل لوقف العدوان. كما اكد أن مسؤولية الأممالمتحدة تحتم التشديد على النقاط السبع اللبنانية التي طرحها رئيس الوزراء اللبناني والمتابعة الحقيقية للخطوات الجادة لتقديم الدعم حتى يحقق لبنان استقراره على كامل أراضيه. واتهم إسرائيل بمواصلة سياستها تجاه الشعب الفلسطيني متجاهلة كل قرارات الشرعية، ناسفة جهود السلام ومنتهكة كل الاتفاقات مع الشعب الفلسطيني. وطالب مجلس الأمن بأن يعيد النظر بشكل جذري وشامل في عملية السلام بغية إيجاد آلية حديثة ومستمدة من قرارات مجلس الأمن والمبادرة العربية للسلام ومرجعية مدريد وأن تطلق عملية السلام على أسس جديدة وقوية وتؤسس للشعب الفلسطيني دولته المستقلة على ترابه الوطني وتحقق الانسحاب من الأراضي اللبنانية بما فيها مزارع شبعا وصولاً للسلام الآمن العادل المتكافئ. واعرب عن أمله أن تتوحد كلمة العراق بمبادرات وجهود أبنائه وجهوده للمصالحة خصوصاً مبادرة رئيس الوزراء العراقي وجهوده لوضع العراق على الطريق السليم حتى يتحقق أمنة واستقراره. وقال إن الأوضاع في دارفور تشكل عائقاً في طريق الاستقرار الشامل في السودان وأن السودان سيتجاوز هذه الأزمة بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأممالمتحدة. كما أعرب عن أمله أن يعود الأمن والاستقرار إلى الصومال الذي يخطو نحو تسوية شاملة تحفظ استقلاله وأمنه ومؤسساته. ومن جانبه تحدث رئيس الدورة السابق وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي محمد حسين الشعالي قائلاً إن مجلس الوزراء عالج قضايا في مقدمها العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي استخدمت فيه إسرائيل كل الأسلحة المحرمة والفتاكة. لكنه قال إن الوحدة الوطنية اللبنانية ووحدة الموقف العربي كان لهما الأثر الكبير في مقاومة العدوان والصمود. وأكد أن لبنان في أمس الحاجة لكل عون ومساعدة لإعادة الإعمار وأننا في حاجة لمواصلة العمل السياسي مع مجلس الأمن لاستكمال الانسحاب الإسرائيلي وفك الحصار للبنان ووقف استخدام القوة. وكان وزراء الخارجية العرب عقدوا اجتماعاً تشاورياً مساء أول من أمس حول مأدبة عشاء عمل دعا إليها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. وتشاور الوزراء حول أهم البنود في جدول أعمال الدورة، إضافة إلى آخر التطورات في لبنان على ضوء زيارة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى المنطقة، فضلاًَ عن الأوضاع في كل من العراق وإقليم دارفور السوداني والصومال.