أجرى الرئيس اللبناني العماد اميل لحود أمس اتصالاً هاتفياً برئيس مجلس النواب نبيه بري وأبلغه تضامنه معه ومع النواب الذين بدأوا اعتصاماً في المجلس النيابي احتجاجاً على استمرار الحصار الاسرائيلي البري والبحري والجوي على لبنان. ونوه لحود بالموقف الذي أعلنه بري والنواب المعتصمون بهدف استنفار المجالس النيابية في العالم للتضامن مع لبنان في مطلبه برفع الحصار فوراً، معتبراً ان"استمرار الحصار يشكل انتهاكاً فاضحاً للقرار 1701 ويناقض التعهدات التي قطعتها الدول الاعضاء في مجلس الامن والأمين العام للأمم المتحدةللبنان برفع الحصار فور بدء تطبيق القرار 1701". وأكد بري للحود ان الاعتصام النيابي سيستمر حتى رفع الحصار وان تحركاً نيابياً واسعاً في الداخل والخارج سيواكب الاعتصام. على صعيد آخر، أعرب لحود عن ارتياحه لتجاوب مجلس الأممالمتحدة لحقوق الانسان مع مطلبه تشكيل لجنة ثلاثية مهمتها التحقيق في ما اذا كانت اسرائيل قد ارتكبت انتهاكات منهجية لحقوق الانسان خلال عدوانها على لبنان. وقال الرئيس لحود:"إننا اذ نشكر المجلس على تلبيته مطلبنا المحق والعادل، نأمل في ان يتمكن اعضاء اللجنة، وفي أقصى سرعة ممكنة، من الحضور الى لبنان والقيام بالمعاينة الميدانية الضرورية التي ستظهر لهم من دون أدنى شك فظاعة الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل ضد المدنيين اللبنانيين، والاطفال والشيوخ والنساء، واستهدافها مراكز العبادة والاماكن السكنية والبنى التحتية والملاجئ بقذائف محرم استعمالها دولياً لأن اثرها خطير على الحياة البشرية، فضلاً عن الاضرار الجسيمة التي لحقت بالبيئة البحرية نتيجة تلوث الشاطئ اللبناني". وأكد الرئيس لحود ان الدولة اللبنانية ستضع بتصرف لجنة التحقيق كل الامكانات الضرورية لتسهيل مهمتها لا سيما ان الاعضاء الثلاثة الذين تتألف اللجنة منهم مشهود لهم بالكفاءة والخبرة والدفاع عن حقوق الانسان ومناهضة العنصرية". على خط موازٍ، طالب لحود في حديث الى التلفزيون المكسيكي الولاياتالمتحدة الاميركية"ولو لمرة واحدة بألا تدعم اسرائيل في شكل مطلق وان تمارس نفوذها على الاسرائيليين لرفع الحصار وسحب قواتهم من لبنان". ولفت الى ان"على اسرائيل ان تفهم انه لم يعد بامكانها تسجيل الانتصار على لبنان كما كانت تفعل قبل نشوء المقاومة وان السبيل الأجدى يكمن في عقد مؤتمر دولي على غرار مؤتمر مدريد يجمع كل الاطراف المعنية للتوصل الى حل دائم وعادل ومنصف للجميع"، محذراً في الوقت نفسه من انه"اذا لم يتم تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة فلن يكون من نهاية للحروب في المنطقة". وبعدما دعا الى وجوب تنفيذ اسرائيل مضمون القرار 1701، اعتبر لحود رداً على سؤال ان سلاح"حزب الله"لا يجب مناقشته في الوقت الراهن وان يجب ان يترك للنقاش اللبناني"لاتخاذ قرار توافقي في شأنه لأن البديل عن ذلك هو حرب داخلية وهو أمر لا يرضى به أحد في لبنان". وشدد لحود على معارضة لبنان نشر قوات دولية على الحدود مع سورية وعدم جواز معاملة سورية كما تعامل اسرائيل،"فالأولى ليست عدواً فيما اسرائيل هي العدو وتقتل الشعب اللبناني". وأشار الى ان الجيش اللبناني منتشر على طول الحدود اللبنانية - السورية. صيام حتى الموت! وصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري عند الحادية عشرة إلا ربعاً إلى مبنى المجلس في ساحة النجمة وهو يرتدي"الجينز"ويحمل حقيبة فيها أمتعة شخصية وكتب، أي كل ما يحتاجه للبقاء في المجلس ليلاً نهاراً حتى فك الحصار. ووضعت دوائر مجلس النواب عشر أسرة بتصرف النواب المعتصمين الذين سيبيتون كل ليلة في الطابق الثالث من مبنى المجلس. عمد الرئيس بري خلال حديثه عن احتمال اللجوء إلى التصعيد في حال لم يؤد الاعتصام إلى نتائجه المرجوة، إلى اعلان انه تلقى نصيحة من رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط بالصيام حتى الموت، ما تسبب بموجة من الضحك في صفوف الحاضرين في المجلس، وما كان من أحد الحاضرين الا ان قاطعه قائلاً:"فليصم هو جنبلاط"، ورد بري:"لا، لقد انتقى جنبلاط اشخاصاً معينين للصيام". نواب أردنيون يشاركون استقبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري فور وصوله إلى مقر المجلس للإعتصام وفد"كتلة التجمع الديموقراطي النيابي"الأردني برئاسة رئيسها ممدوح العبادي، يرافقه النائب علي بزي، واعتصموا أمام المبنى. وأكد الرئيس بري"أن موقف لبنان بالنسبة الى تسيير الرحلات الجوية من عمان ليس موجهاً أبداً ضد الأردن، ولكنه يتعلق برفض الحصار عليه وبالسيادة"، مضيفاً انه"إذا كان الموضوع متعلقاً بغير عمان، بدمشق أو الرياض أو القاهرة مثلاً، فإن الموقف اللبناني سيكون ذاته"، شاكراً زيارة الوفد البرلماني الأردني التضامنية. وبدوره، قال العبادي:"باسم كتلة التجمع الديموقراطي النيابي الأردني أتينا من عمان لنقول للشعب اللبناني ولمجلس النواب اللبناني ولرئاسة المجلس النيابي اللبناني: نحن معكم في هذا الاعتصام وسننقل أيضاً هذه الفعالية إلى عمان وسنحاول أن نضغط مع إخواننا البرلمانيين العرب للبدء بهذه الإعتصامات". وأضاف:"لم نستطع أن نكون معكم في الحرب وسنكون معكم الآن في هذه الاعتصامات السلمية حتى يرفع الحصار الغاشم البحري والجوي عن لبنان، فهم يحاولون أن يأخذوا من لبنان بالسياسة وبالحصار ما فشلوا أن يأخذوه بالحرب". وزراء ونواب ونقيب الصحافة شارك في الاعتصام النيابي المفتوح إلى جانب رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة، الوزراء: غازي العريضي وميشال فرعون وبيار الجميل ونايلة معوض واحمد فتفت ومروان حمادة وجان اوغاسبيان. والنواب: اسماعيل سكرية ومصطفى حسين وهاغوب قصارجيان وعمار الحوري وهاشم علم الدين وغسان مخيبر ومحمود المراد ومصطفى هاشم وعزام دندشي وغازي يوسف وبدر ونوس ورياض رحال وسيرج طورسركيسيان وناصر نصر الله وعاطف مجدلاني وعبد المجيد صالح ووليد عيدو ومحمد الحجار وجمال جراح ووائل ابو فاعور وأنطوان خوري ونادر سكر ومحمد كبارة وسمير عازار وغازي زعيتر وعلي حسن الخليل وعلي خريس وباسم الشاب ومروان فارس وقاسم عبدالعزيز وادغار معلوف ونبيل نقولا وعباس هاشم وهادي حبيش ونقولا غصن وسمير الجسر وهاغوب بقرادونيان وعبد اللطيف الزين وهنري حلو ويغيا جرجيان وميشال موسى ومحمد رعد وعلي المقداد وكامل الرفاعي ونوار الساحلي وحسين الحاج حسن وبهية الحريري وقاسم هاشم وجمال الطقش وبيار سرحال وأكرم شهيب وعلاء ترو وحسن فضل الله وايلي عون وأحمد فتوح وأنطوان سعد وأنور الخليل ونقولا فتوش وياسين جابر ومحمد قباني وعلي بزي ومصباح الاحدب وغنوة جلول وجورج عدوان وعلي عمار وعاصم عراجي وبطرس حرب وايوب حميد وأنطوان غانم وسليم عون وأمين شري وابراهيم كنعان وصولانج الجميل وايلي سكاف وجواد بولس وعبدالله فرحات، كما حضر ايضاً نقيب الصحافة محمد البعلبكي. قباني يعتبر الاعتصام"صرخة في وجه العالم" والحص يدعو الى توجيه الاحتجاج ضد أميركا وصف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني الاعتصام الذي بدأه أمس النواب بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري بأنه"صرخة ضمير من اللبنانيين في وجه المجتمع الدولي ومجلس الأمن الذي ينبغي أن يكون حريصاً على استقرار لبنان وسيادته وسلامة شعبه، وقال:"لقد بلغ الحصار الإسرائيلي الذي ينتهك سيادة لبنان كل يوم حداً من الطغيان لا يجوز شرعاً ولا قانوناً ولا وطنية التماهل في مواجهته والتصدي له لرفع هذا التحكم الإسرائيلي الإجرامي في وطننا لبنان الذي ما زال يعاني من آثار الحرب الإسرائيلية المدمرة عليه". وقال قباني في بيان:"نأمل بأن تتنبه الدول الكبرى ومجلس الأمن الى أن هذا الحصار العدواني يزيد في تأجيج نفوس اللبنانيين ضد المظالم الإسرائيلية التي ترتكب بحق الشعب اللبناني كل يوم، ولا يظنن ظالم مهما علا شأنه أن الأيام ستدوم له الى الأبد، فإن الظلم مرتعه وخيم". وأدلى الرئيس سليم الحص بتصريح قال فيه:"الجهد المبذول لمقاومة الحصار المفروض على لبنان مقدّر وفي محلّه. ولكن أي جهد في هذا السبيل لن يُجدي اذا لم نسمِّ المسؤول باسمه، بحيث يكون الاحتجاج موجّهاً ضد المسؤول ويكون الضغط عليه تحديداً لإنهاء الأزمة. المسؤول هو الإدارة الأميركية. فهي كانت شريكاً لإسرائيل في عدوانها على لبنان طيلة الحرب، فدعمتها بشتى الوسائل، وحالت دون وقف إطلاق النار غير مرة، وزوّدت إسرائيل بأسلحة متطورة. وهي اليوم مسؤولة عن الحصار. فلم نسمع كلمة رفض أو احتجاج واحدة من مسؤول أميركي ضد الحصار. وهي لو شاءت لأرغمت إسرائيل على إنهاء الحصار فوراً. اننا لا نلوم إسرائيل على الحصار. فهي عدو أولاً وأخيراً. وإنما نلوم الإدارة الأميركية التي تتشدّق بالقيم الحضارية والإنسانية وتتغنى بالحرية والديموقراطية والعدالة وسائر حقوق الإنسان. فهي تستطيع أن تنهي الحصار بكلمة ولا تفعل. لذا القول انها تتحمّل المسؤولية كل المسؤولية عن هذا الواقع. إننا نطالب المسؤولين اللبنانيين أن يعوا هذه الحقيقة عند القيام بتحركات كما في إطلاق المواقف. إن لم يفعلوا فهم يخدعون أنفسهم ويخدعون الناس". الهيئات الاقتصادية جاهزة للانضمام الى الاعتصام إعتبر رئيس اتحاد الغرف اللبنانية عدنان القصار ان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أثبت من خلال ادائه ايام المحنة التي مرت على لبنان انه"رجل دولة من الطراز الرفيع"، مؤكدا"انه خاض المعركة السياسية والديبلوماسية بكفاءة عاليه. كما خاض معركة الحفاظ على الوحدة الوطنية وربحها جنبا الى جنب مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري". وأكد القصار في تصريح بعد زيارته رئيس الحكومة أمس دعم الهيئات الاقتصادية الحكومة من اجل المضي في معركة اعادة الاعمار، وقال:"سنتعاون من اجل ان تشمل المساعدات الدولية والعربية كل الجهات المتضررة ومنها القطاعات الاقتصادية التي تعتبر محرك البلاد الحقيقي"، مثمناً"نجاح الرئيس السنيورة والوزراء الذين رافقوه الى مؤتمر ستوكهولم في حصد نتائج فاقت تقديراتنا جميعاً. والمهم الآن هو أن نحسن التصرف وان نكون أهلاً لثقة العالم بنا". وأعلن القصار انه حمل الى الرئيس السنيورة دعوة لحضور الدورة الاستثنائية لمجلس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة العربية الذي سينعقد في بيروت في 12 و13 أيلول سبتمبر الجاري دعما للبنان وإعادة اعماره. وأشار الى أهمية ان يخاطب السنيورة رؤساء الهيئات الاقتصادية في 22 دولة عربية"يمتلكون قدرات وامكانيات هائلة يمكن للبنان الافادة منها في معركة اعادة الاعمار". ورأى القصار"ان استمرار الحصار الاسرائيلي هو عمل اجرامي لا يقل اجراماً عن الحرب نفسها، لانه يقطع تواصل البلاد بالخارج، ويمنع اللبنانيين من العودة الى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي وما لم يرفع الحصار، فاننا نعتبر ان الحرب علينا ما تزال قائمة. والحصار يشكل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار في لبنان ويمكن ان يفشل تطبيق القرار 1701 الذي وافقنا عليه"، معلناً أن"الهيئات الاقتصادية تعلن تأييدها الكامل لدعوة الرئيس نبيه بري الوطنية والاخلاقية لاعتصام المجلس النيابي". وقال:"الهيئات الاقتصادية ستكون جاهزة لتلبية اي دعوة يوجهها الرئيس بري لننضم اليه في الاعتصام ونكون على موعد مع مطلب لبناني محق".