انطلق الاعتصام المفتوح في البرلمان اللبناني إلى حين رفع الحصار الإسرائيلي عن لبنان، في يومه الأول أمس. ولبى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وعدد كبير من الوزراء وممثلون عن كل الكتل النيابية دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى الاعتصام ليلاً نهاراً في مقر المجلس وسط بيروت. وافتتح بري الاعتصام طالباً من الحاضرين الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء في لبنان، قبل أن يبدأ بعرض البرنامج، وقال:"نتقبل أي اقتراحات أخرى ممكن أن تؤدي إلى النتائج المرجوة". وأكد أن الاعتصام"ليس حركة مسرحية"، وزاد:"الانتصار الذي نتحدث عنه مهدد بالحصار، ونحن الآن ندافع حتى عن الأممالمتحدة". وأشار إلى أن"احتمال خرق طيراننا هذا المنع وارد"، آملاً بپ"ألا تضعنا الأسرة الدولية في التجربة لأننا أهل لذلك، ولا أتحدث عن إسرائيل لأنه يحق لها أن تتصرف كما تريد، وأنا يحق لي أن أتصرف كما أريد كلبناني". وأعلن أن البرنامج ينص على"توجيه رسائل إلى الاتحادات البرلمانية في أنحاء العالم"، موضحاً انه بعث برسائل إلى رؤساء الاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي والجمعية البرلمانية الفرنكوفونية والبرلمان الأوروبي وبرلمان أميركا اللاتينية، والى اتحاد البرلمانات الإفريقية ورئيس مؤتمر مجالس دول منظمة المؤتمر الإسلامي، ورئيس الاتحاد البرلماني الدولي". وتابع انه خص بالذكر"برقيات لكل من رؤساء البرلمانات في الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن". وأوضح بري أن"نص الرسائل مختلف بين طرف وآخر، لكنه في شكل عام جاء على الشكل الآتي: الأخ فلان، تحية وبعد، أبلغكم أن النواب اللبنانيين بدأوا اعتباراً من اليوم أمس اعتصاماً متواصلاً تحت قبة البرلمان اللبناني لإعلان رفضهم وادانتهم ومطالبتهم برفع الحصار الإسرائيلي، العسكري الجوي والبحري الذي يستهدف لبنان ومن اجل لفت نظر العالم وفي الطليعة الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن وسلطة القرار الدولي وكل الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية إلى هذا الحصار، بصفته عملاً حربياً عدوانياً يشكل: اولاً اعتداء على السيادة الوطنية لدولة عضو في الأممالمتحدة، وثانياً مخالفة واضحة ودامغة لقرار مجلس الأمن الرقم 1701 للعام 2006، وثالثاً تجاوزاً لاتفاقية الهدنة عام 1949، ورابعاً مخالفة للقوانين والأعراف الدولية، وبصفة خاصة للمادة الثالثة من القرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 كانون أول ديسمبر 1974 والذي يحدد الأعمال العدوانية بين دولة وأخرى، بصرف النظر عن اعلان حالة الحرب وأنها تتمثل بثلاثة وجوه: الهجوم العسكري، القصف من بعيد، حصار المرافق والموانئ والشواطئ بواسطة قوى مسلحة. إن إسرائيل أو غيرها قد تعتبر أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة غير ملزمة بالمبدأ، إلا أن هذا القرار بصفة خاصة والوجوه الثلاثة للأعمال العدوانية بين الدول، أصبحت قانوناً عرفياً دولياً بعد أن تبنته محكمة العدل الدولية في الثمانينات من القرن المنصرم. إن هذا الحصار في كل الحالات يشكل امتداداً للحرب الانتقامية الإرهابية الإسرائيلية التي استهدفت طيلة 33 يوما ابتداء من 12 تموز يوليو 2006، الحياة المدنية في لبنان عبر تدمير المنشآت الحيوية والبنى التحتية، خصوصاً المطار والموانئ والطرقات والجسور، إضافة إلى عدد كبير من المصانع. إن هذا الحصار يؤدي بصفة خاصة إلى استمرار تعطيل قطاعات العمل والإنتاج وحركة الاستيراد والتصدير، مما يشكل تهديداً للاقتصاد اللبناني ولحق الشعب اللبناني في الحياة. إننا نناشدكم ومن خلال كافة الأعضاء في الاتحاد البرلماني، اتخاذ المبادرات والفعاليات بما في ذلك اعتصامات مماثلة حتى رفع الحصار عن لبنان". ودعا بري إلى تشكيل"وفود من أربعة أو خمسة نواب وما تجدونه مناسباً لزيارة سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وقال:"بإمكاني استدعاءهم جميعاً إلى هنا ولكن أردنا بهذا الأمر أن نبين أن المجلس النيابي كله يشترك في هذه الخطوة وبإمكان أمانة السر أن تتصل وتطلب موعداً الساعة كذا، ونكون ألّفنا وفوداً من أربعة أو خمسة نواب من كل الكتل ومن كل الاتجاهات، ونحن جميعنا الآن كتلة واحدة واتجاه واحد بخاصة في هذا الموضوع، وتحصل المقابلة ويكون هناك إصرار على رفع الحصار". واستدرك:"الأمر الثالث: الاتصال بالمندوبين العرب الثلاثة، ومعروف انه عندما عقد مجلس الجامعة العربية في بيروت، أي مجلس وزراء الخارجية العرب، انتدب اثنان بالإضافة الى الامين العام للجامعة العربية وهما رئيس الدورة وزير خارجية الإمارات وأيضا المندوب القطري بصفة قطر عضواً في مجلس الأمن. أنا طلبتهم الآن، الثلاثة، كي اطلب انعقاد مجلس الأمن. أين الكرامة العربية إذا كان مجلس الجامعة الذي ذهب إلى هناك وعمل على القرار 1701، وأنا أقول كان لهم دور فاعل في هذا الموضوع، وكنت على تواصل معهم بالإضافة إلى الرئيس السنيورة، بالتالي هذا الأمر لا يعني ان مهمتهم انتهت بمجرد صدور القرار، وباعتقادي، هذه المهمة من قبل مجلس وزراء الخارجية العرب لا تزال مستمرة ويجب أن يقوموا بدور من اجل فك الحصار". وعن الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل، قال بري:"هاتان الدولتان أو الثلاث كنت أفكر في إرسال برقيات اليها، لكنني رأيت اننا كما سنفعل مع الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن سنؤلف ثلاثة وفود نيابية لمقابلتهم والمطالبة على الأقل بسحب ممثليهم من إسرائيل وليس قطع العلاقات، كما قلت في كلمتي في صور. سحب الممثلين ووقف العلاقات أو تجميد العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل طالما يوجد حصار على لبنان". ولفت إلى"إعداد رسالة إلى كل الدول العربية عبر الأمانة العامة للجامعة، نتمنى ونلح فيها بالطلب من الطائرات العربية والبواخر العربية أن تخرق الحصار وتأتي إلى لبنان ومرافئه من دون أي إذن من إسرائيل"، مطالباً بپ"تحريك الاغتراب اللبناني والبرلمانيين من اصل لبناني في 19 دولة". وشدد على وحدة التحرك الذي"يظهر أن هذا الحصار هو حصار للإنسان اللبناني". وأعلن بري تشكيل الوفود النيابية التي ستقابل السفراء. وبدروه، حيا الرئيس السنيورة الشهداء وصمود معاناة الشعب اللبناني ومبادرة الرئيس بري لإدانة استمرار الحصار، داعياً إلى"التعاون بين اللبنانيين في هذه المرحلة الدقيقة لتكون لنا كلمة واحدة ولنصمد حزمة واحدة كما صمدنا أيام الاجتياح". وقال:"عندما يشير البعض إلى المادة 14 من القرار 1701، فمن كلف إسرائيل بأن تكون وصية من أجل تنفيذ هذا القرار"، معتبرا أن"اعتصام النواب هو أمر شديد الأهمية". ولفت السنيورة الى أن"الحكومة اللبنانية تقوم بكل جهد يمكن ان يفكر فيه انسان ليس فقط من اجل رفع الحصار، بل لاستعجال الانسحاب الاسرائيلي ومواصلة الجهود من أجل تطبيق المادة المتعلقة بالانسحاب من مزارع شبعا، كما هو وارد في النقاط السبع، بالإضافة الى السير قدماً في تنفيذ هذه النقاط". وقال:"سنظل نكافح حتى التحرير الكامل للمزارع، او وضعها في عهدة الأممالمتحدة كما هو مذكور في النقاط السبع". تسجيل الأسماء للنوم علق عدد من النواب الحاضرين في الاعتصام النيابي المفتوح، وأشاد وزير الاعلام غازي العريضي في كلمته في الجلسة بالرئيسين فؤاد السنيورة ونبيه بري، معلناً أن"الحصار هو استمرار للحرب الاسرائيلية علينا وهو حرب على كل الدول وعلى الاممالمتحدة والشرعية الدولية". ودان العريضي"الحرب الاسرائيلية المستمرة بالحصار مدعومة بغطاء اميركي كامل"، وقال:"لنستفد من الوحدة الوطنية اللبنانية التي تحققت ولنناقش مع بعضنا البعض باحترام وتقدير وبروح مسؤولة كل الخيارات التي يمكن ان ندخل من خلالها الى تثمير انتصار تحقق من جهة، والى اعادة تعمير ما بني وما تهدم ليس فقط على مستوى الحجر بل ما ارادوه على مستوى الثقة، ثقة اللبنانيين بوطنهم وبدولتهم وببعضهم البعض". ولفت النائب بطرس حرب إلى أن بري لم يتوجه في كلمته إلى"مجالس الشيوخ في الدول التي فيها نظام المجلسين"، مطالباً ب"توجيه رسائل إلى مجالس الشيوخ في العالم، كي تواكب موقفنا اللبناني". وعلق حرب على اقتراح بري الطلب من الدول العربية أن تتوجه إلى لبنان من دون الأخذ في الاعتبار القيود، وتمنى"أن نعمد الى التفكير في شكل عملي كيف يمكن ان نخرق الحصار وكيف يمكن أن نفعل هذا الاعتصام، لكي يتحول الى وسيلة ضغط كبيرة وفاعلة على إسرائيل لكي ترتدع عن الاستمرار في الاعتداء على لبنان". وعلق عضو كتلة"المستقبل"النيابية وليد عيدو على اقتراح بري"الطلب إلى جامعة الدول العربية بأن تبادر إلى خرق الحصار". وقال:"ربما سيكون السؤال البديهي لنا لماذا انتم لا تخرقون الحصار وبالتالي من الطبيعي أن نبادر نحن ونتحمل مسؤولياتنا قبل أن نطلب من الآخرين أن يتحملوا مسؤولياتهم بغض النظر عن الظروف والملابسات". واقترح عضو"اللقاء النيابي الديموقراطي"اكرم شهيّب على النواب اعضاء لجان الصداقة مع العديد من الدول ان يكون لهم دور فاعل في التحركات. وأشاد عضو كتلة"الوفاء للمقاومة"النيابية علي عمار بالرئيس بري، ملوحاً بالثأر من أميركا، كما وجه تحية اكبار للمقاومين. وقال عضو الكتلة نفسها، حسين الحاج حسن:"لقد أمعنت اسرائيل بخرق القرار 1701 وعلى رغم زيارة الامين العام للامم المتحدة كوفي انان ووعده لنا، فإنه وبعد زيارته الى اسرائيل بدل رأيه". أضاف:"ان ما يجري حالياً من انتهاك سياسي وحصار هو للتعويض عما خسرته اسرائيل في حربها". وحيا عضو كتلة"القوات اللبنانية"النيابية جورج عداون صمود الشعب اللبناني، مشيداً بالمحاولات الدؤوبة للرئيس بري مع الحكومة، وبينه وبين"حزب الله"للحفاظ على التضامن الوطني. وأيد اقتراحات رئيس المجلس لرفع الحصار. وتمنى عدوان لو كان المجلس ملتئماً خلال ايام العدوان. وقال النائب انطوان غانم:"ان هذه المبادرة هي لفتة كريمة من رئيس المجلس النيابي في وجه الحصار الذي يخالف القرار 1701"، ووجه تحية اكبار واجلال الى المقاومة. ورحب النائب غسان مخيبر بمبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، واكد أن"على مجلس النواب ان يستعيد نشاطه السياسي والتشريعي لمواكبة احتياجات الناس"، متمنياً"ان يأتي الجميع بحقائب الملفات ليبدأ النواب باعتصام يثمر عملاً". ووجه النائب مروان فارس تحية لرجال المقاومة ولهذا الانتصار الكبير للمقاومة على ارض لبنان، بكل وجوهها من مقاومة عسكرية الى سياسية الى اجتماعية، مشيداً ب"الدولة اللبنانية والشعب اللبناني". وبعد ذلك، قال الرئيس بري:"علينا ان ننطلق من مبدأ الاعتصام بتكريس التواجد السياسي 24 /24 ساعة طيلة الليل والنهار، وتبعاً لظروف كل زميل عليه ان يسجل لدى الامين العام للمجلس عدنان ضاهر اسمه للنوم لكي يكون ذلك مداورة بين النواب. ولفت الى ضرورة ان يكون هناك جلسات شبيهة بجلسة أمس، تبدأ الساعة الحادية عشرة وتستمر قرابة ساعتين، مؤكداً"ان وجودنا هنا يشكل تحدياً كبيراً لاسرائيل من خلال وحدتنا". وسجل الوزراء والنواب الذين باتوا ليلة أمس في المجلس اسماءهم لدى الامانة العامة، فضلا عن الرئيس بري على الشكل الاتي: الوزيران مروان حمادة وجان اوغاسبيان، النواب: اكرم شهيب، هنري حلو، نوار الساحلي، ابراهيم كنعان، عبدالله فرحات، بيار دكاش، بطرس حرب، عاطف مجدلاني وجورج عدوان. ولليوم الاحد: الوزير احمد فتفت، النواب: محمد الحجار، عزام دندشي، عبد اللطيف الزين، هادي حبيش، ياسين جابر، مصطفى هاشم، غسان مخيبر، محمد قباني وغازي زعيتر. على ان تسجل اسماء النواب الذين يودون الاعتصام والمكوث في المجلس تباعاً اليوم وغداً الاثنين.