يعزو باحثون كثر خروج أزواج وزوجات عن عهد الزواج، والتزامه الاقتصار على العلاقة الداخلية، الى سلطة الأم. فالأمهات يطالبن أولادهن بالسبق، ويقدمن الأزواج الآباء على أنفسهن، ويحملن أولادهن على السعي المرير في تجديد حبهم، وهم راشدون، لهن، والبحث عن"صور"عنهن في النساء. وتبدو المسألة عاجلة. ويرى أطباء الأطفال والأولاد أن الخروج عن عهد الزواج ينتشر ويفشو، ويتهدد العائلة والمجتمع بالتصدع. والمختصون في علوم النفس يلقون على الأمهات التبعة عن الطريقة التي يختبر فيها الرجال الحب، بعد أن يبلغوا رشدهم. فالمرء، قبل انفجار أزمة سلطة الأب، وقبل بلوغ تساهل الأمهات الحد الذي بلغه ووَلَد الأولاد الطغاة والمستبدين، تحدوه رغبة حادة في استراق النظر، واستراق المواضع الخفية. ويزعم أطباء أمراضٍ نفسية ألمان أن الخيانة الخيانة، أو الخروج عن العهد الزوجي، مدونة في الجينات المتوارثة والطباع. والرجال متقلبون، وينزعون الى نشر بذرتهم. ويقل في الكائنات الطبيعية، والمتروكة الى طبائعها، الاقتصار على شريك جنسي واحد. فأقل من 5 في المئة من الحيوانات اللبونة تقتصر على هذا الشريك. والقردة، على سبيل المثال، تأنف من الانفراد هذا. والحياة جماعات أو زرافات لا تدعو الى"الزواج". ولم يكن الذكور يربطون بين أصلابهم وبين الأولاد من هذه الأصلاب. فهم كانوا يروحون الى الصيد، بينما تبقى النساء، ومعهن الأولاد، في الكهوف والملاجئ. وحين عزم أحدهم على"مِلك"امرأة، ووقفها على نفسه، عمد الى سبيها من جماعة غريبة. وقد يكون ذلك حدث قبل 10 آلاف سنة أو خمسة آلاف سنة أي بين هذين"التاريخين". ومذ ذاك، تدريجاً، تشددت المجتمعات في إلزام المرأة الإقامة على"عهد"الرجل، والتقيد باحتسابها في"ذمته". فهي، المرأة، دون الرجل، على حسبان المجتمعات والمعتقدات المتفرقة، في وسعها"الغدر"أو"الخيانة"، أي تزوير الأنساب، وحرفها عن استقامتها التي تحملها على الآباء الرجال، وتصلها بهم. والخوف من النساء تكاد لا تخلو مدنية من المدنيات منه. وهو خوف من أن يتمكّن الجنس الغامض من ذرّ نار الفتنة والشبهة بين الرجال، وجرهم الى التنازع والاقتتال على ذراريهم. وبعد قرون من هذه الحال، أقرت بعض المجتمعات لنسائها بالحق في قيامهن بأنفسهن، والتصرف بأجسادهن ومتعتهن. وهذا الانقلاب في السنن والعادات لم تنجم عنه، على خلاف ما كان متوقعاً، علاقات جماعية، ولا إباحة مشتركة ومتبادلة. وكان على أفراد الجنسين، ذكوراً وإناثاً، إرساء العهد أو العقل الزوجي على الحب. والحق أن إفضاء زواج من اثنين الى الانفصال والطلاق، قد يكون دليلاً على وهم الحب. فالحياة المشتركة بين شخصين تقوم على مساومات وتسويات وكبت، وعلى القدرة على ضبط الرغبات. وهذه أمور عسيرة على ناس مجتمعات توصي أهلها بتقديم متعتهم على ما عداها. والرغبة والحب أمران لا يتفقان. ففي طبع الحب ان ينزع الى الحصرية. والاقتصار على قرين واحد مدعاة غم. والرغبة متبدلة ومتقلبة، و"عينها"على الجديد والمجهول. والزواج يفترض العزوف عن مثل هذه الحال. وبينما ينزه الحب المحبوب، تشرك الرغبة فيه. وهذا يتناقض. وقد تفضي الحصرية الى علاقة حميمة راقية. لكن عموم الناس يلدون أكثر من طفل واحد، ويعقدون أكثر من صداقة، ويقرأون أكثر من كتاب. عن صوفي دو ديزير، "لو نوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية، 14 - 20 / 9 / 2006