رمضان هذا العام على المحطات التلفزيونية الإماراتية مصري وسوري وخليجي مع تنامي حضور الأعمال الدرامية لا سيما من الكويت والإمارات. ففي حين يُكرس تلفزيون"دبي"شراكته الإنتاجية مع مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة، من خلال أربعة مسلسلات مصرية تُقابلها أربعة أخرى خليجية،"يختل"التوازن قليلاً على تلفزيون"أبو ظبي"حيث تواجه أربعة مسلسلات خليجية خمسةً"عربية"، ثلاثة منها سورية واثنان مصريان، علماً أن سبباً ما، ليس قطرياً بمقدار ما يتعلق بالسوق والعلاقات، كاد وفي اللحظات الأخيرة، أن يطيِّر غيرَ عملٍ"عربي"، ما يرجح كفة التعادل بين الخليجي من جهة والمصري السوري من الجهة الأخرى، وربما يتقدم الخليجي على هذه الشاشة التي تتحسن نسبة مشاهدتها في رمضان. مشهد"أبو ظبي"ذاته يتكرر على شاشة"انفينيتي"، مع أرجحية سورية على حساب المصري والخليجي في آن. فإضافة إلى أربعة مسلسلات سورية وبرنامج"الكاميرا الخفية"المصري، وقّع المخرج السوري مأمون البني الذي سبق له أن أنجز أعمالاً خارج سورية أبرزها"نورا"اللبناني، أحد المسلسلات الدرامية الخليجية الثلاثة، وعنوانه"بين الهدب دمعة". ولا غرابة في أن يكون من إنتاج شركة"الريف"شقيقة تلفزيون"انفينيتي"، بينما تم شراء العملين الخليجيين الآخرين من مؤسستين لا صلة قربى تربطهما بالمحطة. وليس أمراً عابراً أن تحظى الأعمال الخليجية بهذا الحضور الذي يغدو معه"العدد"أمراً شكلياً، خصوصاً أن انتشارها، سواء في رمضان أم في الأشهر الأخرى، قد وصل إلى محطات عربية خارج الخليج، يرتبط حضورها في هذه المنطقة الواسعة وسوقها المتمركزة في المملكة السعودية، بالعديد من المفاتيح، ومنها المسلسلات الخليجية التي بدأت بنسب متفاوتة تقترب من مجتمعاتها وتقارب قضايا إنسانها وشؤونه المعيشية، على رغم أنها ما زالت تكرر نفسها وتبالغ في"الديكور"الاجتماعي، ومسرحها ما زال داخل البيوت الفارهة. فبعد تجربة المسلسل الإماراتي"حاير طاير"الذي عالج قضايا الفساد عرض على شاشة"أبو ظبي" ينفتح في هذه الدورة الرمضانية مسلسل"الرحى"لحبيب غلوم أيضاً، تشاركه هبة الدري وسعاد عبدالله- تلفزيون"دبي" على مسائل اجتماعية لا تقل أهميةً، ومنها السلطة الذكورية العمياء من خلال عناوين كاختلاف الأجيال والاستبداد العائلي تحت حجة الدعوة إلى الاحتشام ورفض التبرج وما إلى ذلك. وعلى رغم تقاطع مسلسل"الفرية"الكويتي تلفزيون دبي -بطولة حياة الفهد- مع الطريق العام للدراما الخليجية، يبقى نقدياً وجريئاً في معالجته موضوع العلاقات الاجتماعية، وينحاز إلى حرية التربية داخل الأسرة ويرفض فكرة التعميم أو النسخ. ولعله في هذه النقطة، أي"الجرأة في الطرح والاعتدال في الخطاب، يلتقي مع المسلسل الكويتي أيضاً،"بين الهدب دمعة"انفينيتي الذي تتشعب حبكته وتعالج مجموعة من مشكلات الأسرة العربية في شكل عام والخليجية في شكل خاص، مثل تعدد الزوجات والطلاق، الإرث، ظلم ذوي القربى، استغلال الرجال للنساء الثريات المتقدمات في السن وميل بعضهن إلى السيطرة على الأبناء، التفكك الأسري، الرشوة وتجاهل القوانين، النظرة الدونية إلى الأعمال البسيطة، وأخيراً وليس آخراً... الدعارة. وفي إطار الشفافية الاجتماعية يندرج العمل السعودي"بيوت نادمة"حصراً على"انفينيتي" الذي يفتح الباب على موضوعات كانت محرمة، كانتشار المخدرات، على رغم أن ما يميزه هو ضخامة الانتاج، إذ يشارك فيه نحو 116 ممثلاً بإدارة المخرج الأردني سالم الكردي. وإذا كانت الجرأة والنقدية سمتين دراميتين خليجيتين تُلاحظان بسرعة، فإن الأعمال المصرية الحالية تتوخى أن توصف بذلك، كأن يراهن مسلسل"سكة الهلالي"تلفزيون"دبي" الذي يجتمع فيه الممثل يحيى الفخراني والمخرج محمد فاضل، على مشهد اعترضت عليه الرقابة المصرية لكونه يتعرض ل"الاخوان المسلمين". هذا في حين يروج لمسلسل"حضرة المتهم أبي"تلفزيون"دبي" باعتباره العمل الذي استطاع أن يُعيد نور الشريف إلى الشاشة الرمضانية الصغيرة بعد غياب عام اثر فشل مسلسله"عيش أيامك"، علماً أنه يسعى إلى تغيير الصورة التي روجها نور الشريف عن نفسه في الأعوام الماضية كمزواج وكممثل لا يقارب إلا المواضيع الاستهلاكية الرمضانية. فهو في هذا العمل مدرس مادة اللغة العربية يعيد إلى الأذهان صورة القدوة، إلا أنه ينساق في شكل أو آخر الى مناخ يخالف مبادئه. وفي مقابل الرهان السوري على مسلسل"حسيبة"المأخوذ من ثلاثية الأديب خيري الدهبي وإخراج عزمي مصطفى، ومسلسل"أسياد المال"لهاني السعدي إخراج يوسف رزق، و"الهشيم"للمخرج بسام سعد وتأليف عبد المجيد حيدر انفينيتي، يأتي الرهان مصرياً على مسلسل"حارة العوانس"دبي، والسبب وراء ذلك موضوعه العنوسة وبطلته ماجدة زكي التي تلتقي مع زوجها كمال أبو ريه، وسط أحداث يتداخل فيها الخاص والعام، الكوميدي والدرامي. علماً أن هناك أعمالاً لا تقل عنه، مثل"أحلام لا تنام"و"حارة الزعفران"مصر، إضافة إلى الأعمال العربية الأخرى، ومنها"الوزير وسعادة حرمه"و"أحقاد خفيفة"سورية على تلفزيون"أبو ظبي"، و"مرايا"مع ياسر العظمة، على"انفينيتي". ثمة سمة رمضانية جديدة قديمة تتكرر، وهي أن تلفزيون"دبي"يكرس منهجه"الحصري"في إنتاج أعماله وعرضها ومنها"أولاد الشوارع"لحنان الترك و"قيود الزمن"للمخرج أحمد المقلوة بطولة هيفاء حسين وعبير أحمد وشيماء سبت ولطيفه المجرن وعبد الله عبد العزيز، والمسلسل الكوميدي السعودي"ماكو فكه"الذي يضم مجموعة من الممثلين في مقدمهم محمد عيسى. وفي مقابل هذه السمة"الحصرية"في تلفزيون"دبي"، هناك سمة تشابه المزاج التلفزيوني الخليجي عموماً والإماراتي خصوصاً، لا سيما في اختيار الأعمال الخليجية. كأن تعرض ثلاث قنوات على الأقل مسلسل"حبل المودة"للمخرج فاروق القيسي وعبد الحسين عبد الرضا تأليفاً وتمثيلاً، والتلفزيونات الثلاثة هي"الكويت"،"أبو ظبي"و"انفينيتي". أخيراً، من السمات الرمضانية تكرس الغياب اللبناني عن الشاشات الخليجية عموماً والإماراتية خصوصاً، إذ يقتصر"الحضور"اللبناني على تقديم دانيا الخطيب برنامج طبخ على شاشة تلفزيون"أبو ظبي"، ويطل طوني خليفة عبر شاشة"انفينيتي"في برنامج حواري وثائقي يحاول كشف الأسرار أو إعادة صوغ معلومات معينة بطريقة ساخنة بعض الشيء، تحت عنوان"دمعة وابتسامة".