سارت موسكو خطوة جديدة نحو التخلص من تأثير الجمهوريات السوفياتية السابقة الموالية للغرب على سياساتها، وافتتحت ممراً بحرياً يصل إلى إقليم كاليننغراد الروسي المنعزل، من دون المرور بأراضي الاتحاد الأوروبي في مسعى لإيجاد حل لمشكلة مستعصية في العلاقات الروسية - الأوروبية . ومثلما حدث خلال أزمة الغاز مع أوكرانيا قبل شهور عندما لوحت موسكو باحتمال وقف صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، وتحدثت عن سبل أخرى لمواصلة تزويد الأوروبيين بالغاز الروسي، لجأت روسيا أخيراً إلى إيجاد حل لمشكلة طرق المواصلات إلى جيب كاليننغراد الروسي الذي تفصله عن الوطن الأم أراضى ليتوانيا التي تميزت سياساتها خلال السنوات الماضية بالعداء لموسكو. وافتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الممر الجديد الذي ستقطعه عبارات ضخمة ويصل إلى الإقليم عابراً بحر البلطيق وملتفاً حول الأراضي الليتوانية. واعتبر بوتين أن الممر الجديد سيوفر حلاً لواحدة من اعقد"مشكلات الأمن القومي الروسي .. ويلعب دوراً مهماً في تطوير الإقليم"الذي وجد نفسه معزولاً عن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. ولفت بوتين إلى أن الممر البحري توفر أساساً لتعزيز التعاون مع جارات روسيا الأوروبية، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية منه يمكن أن تصل إلى سواحل ألمانيا . ويشكل إقليم كاليننغراد أهمية خاصة بالنسبة لموسكو فهو يقع على الخط الأمامي في مواجهة مساعي حلف الأطلسي للتمدد شرقاً بحسب خبراء روس. وتحتفظ موسكو في الإقليم النائي بحامية عسكرية كبيرة. وكان الانتقال عبر ليتوانيا مصدراً للخلافات مع روسيا على مدار سنوات. ووضع الليتوانيون شروطاً على روسيا لتسهيل التنقل من الإقليم وإليه اعتبرها الروس"مهينة". وتصل خطوط سكك حديد الإقليم حالياً لكن التوتر المتواصل حول هذا الطريق يزيد من صعوبة استخدامه خصوصاً بعدما ألمحت ليتوانيا أخيراً إلى احتمال إغلاقه لإجراء إصلاحات وردت الخارجية الروسية بغضب على هذا التطور، واعتبرته انتقاماً لقيام روسيا بإغلاق خط أنابيب يزود مصفاة"مازيكيو"الليتوانية بالنفط لغرض إجراء إصلاحات. وقال متعاملون في النفط إن روسيا أغلقت خط أنابيب النفط عن عمد بسبب شعور موسكو بالغضب إزاء بيع الحكومة الليتوانية أسهمها في"مازيكيو"إلى شركة"بي كي أن اورلين"، البولندية ورفضها عروضاً من شركات نفط روسية. واعتبر مراقبون روس أن فتح الممر البحري يحرم جيران روسيا الموالين للغرب من أداة ضغط مهمة ويوفر مجالات اكثر حرية لموسكو على صعيد سياساتها الخارجية، خصوصا أن ملف طرق المواصلات إلى الإقليم الروسي كانت مشكلة دائمة الحضور خلال الاجتماعات الروسية - الأوروبية. ويستطيع الخط الجديد نقل 1.5 مليون طن من البضائع إلى كاليننغراد من روسيا سنوياً، ما يشكل حلاً لمشكلة تزويد الإقليم بالبضائع ، كما انه يسهل مسألة الإمدادات العسكرية للحامية المتمركزة في الإقليم، لكن مصادر في موسكو رأت أن الممر البحري لن يوفر حلاً لمشكلة تنقل المواطنين كونه طويلاً جداً. وكانت كاليننغراد ، مثلها مثل كينغزبيرغ، عاصمة لإقليم بروسياالشرقية شرق ألمانيا. وفي نهاية الحرب العالمية الثانية ضمها الاتحاد السوفياتي وأعاد توطين متحدثين بالروسية فيها.