استضافت فيينا أمس ما سمي"لقاء الفرصة الأخيرة"، قبل إحالة الملف النووي الإيراني على مجلس الأمن مجدداً. إذ اجتمع في العاصمة النمسوية الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الايراني علي لاريجاني. واعلن الجانبان بعد اللقاء انهما اجريا محادثات بناءة، وانهما سيعاودان الاجتماع اليوم. وكانت مصادر إيرانية ابلغت"الحياة"أن لاريجاني سيلمّح أمام سولانا إلى إمكان استجابة طهران مطلب مجلس الأمن بوقف تخصيب اليورانيوم، في حال أدرج الموضوع على جدول أعمال المفاوضات المقبلة بين طهران والدول الست الكبرى، بالتالي يؤدي الى معادلة جديدة تساعد كلا الطرفين على تحقيق النقاط التي يسعى اليها... بحيث تتمكن ايران من الحفاظ على موقعها ويضمن الغرب الأهداف التي يريدها، فضلاً عن التوصل الى توافق حول التدرج الزمني والمسائل الأخرى العالقة، من خلال مفاوضات قد تستغرق سنة. وأوضحت المصادر أن طهران تود ضمان حقها في العودة إلى نشاطات التخصيب، وتسعى الى أن يكون أي تجميد لهذه العمليات مرهوناً بجدول زمني يحظى بموافقة كل الأطراف. وواضح أن الطرفين الايراني والاوروبي لا يرغبان في فشل المفاوضات، وبالتالي فإن أوروبا لا ترغب في إعادة الملف الى مجلس الأمن قبل استنفاد وسائل الحوار. ولاحظت مصادر أخرى أن حظوظ هذا المسعى الإيراني باتت كبيرة، لا سيما مع التباين في المواقف الذي ظهر جلياً في اليومين الماضيين بين الولاياتالمتحدة وبقية الأطراف المعنية بالملف. وأشارت إلى أن أهم دلائل هذا التباين تكمن في تصريح سولانا الذي أطلقه أول من أمس مستبعداً فرض أي عقوبات على إيران ما دامت المحادثات معها مستمرة. وأثار الموقف الأخير لسولانا الذي واكبته تلميحات فرنسية إلى احتمال قبول الخوض في مفاوضات مع طهران، استياء واشنطن الساعية إلى استصدار قرار دولي يتضمن إجراءات عقابية"سريعة"ضد طهران. وفسر مصدر قريب من اجتماع فيينا تأخر عقده أمس إلى ما بعد الظهر، إلى ترتيبات إعداد جدول أعمال محدد حرصاً من الجانبين على استثمار"الفرصة الأخيرة"للخروج بنتيجة إيجابية. في طهران، اعتبرت مصادر مأذون لها أن الأوروبيين يعانون"ضغوطاً نفسية كبيرة"من أميركا، بسبب الملف، إضافة الى اعتقادهم بأن المحادثات التي أجراها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان في طهران لم تكن موفقة أو إيجابية في الشكل المطلوب، ما يؤثر سلباً على التعاطي مع الملف الايراني وأجواء المفاوضات. واضافت المصادر ان"المعادلة الجديدة"التي قد يخرج بها لقاء لاريجاني - سولانا ستسمح لايران باعتبار هذا اللقاء انطلاقاً للمفاوضات بين طهران والدول الست، ما يسمح لها لاحقاً بإعلان وقف تخصيب اليورانيوم واعتبار انها حققت تقدماً في اسقاط الشرط المسبق بوقفه قبل بدء المفاوضات. ويجهد الطرف الاوروبي للوصول الى نقطة تمكنه من اعلان تحقيق تقدم لبدء المفاوضات اللاحقة ووضع جدول زمني وترتيب الاتفاقات الثنائية. ولفتت المصادر الى ضرورة اعتماد الطرفين اساليب وتكتيكات في منح الامتيازات والحصول عليها للحفاظ على الاجواء"الإيجابية"لإجراء المفاوضات واستمرار الحوار. وزادت ان على طهران التي تسعى الى اعتراف الأوروبيين بحقها في امتلاك تكنولوجيا لأهداف علمية، عدم الإيحاء بإضاعة الوقت، ووضع سقف زمني لعملية لوقف التخصيب الصناعي لاحقاً، واعادة بناء الثقة الدولية بالطابع السلمي للبرنامج النووي. الى ذلك، اعتبر الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد لدى استقباله السفير الهولندي بوريان سريس أن في إمكان الدول الأوروبية"لعب دور مؤثر في المسائل الدولية". وشدد على ان بلاده مستعدة"لتوسيع علاقاتها مع هذه الدول على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة".