في تقاطع منطقة الكرادة، وسط بغداد علقت مديرية المرور العامة صور الملازم علي صابر عبدالله، الذي قضى بانفجار سيارة مفخخة هز الحي قبل اسبوعين، على أعمدة الإشارات الضوئية النائمة منذ بداية الاحتلال. وزينت اشارات المرور في أحياء بغداد بصور العقيد طالب فاضل عسكر، والمقدم طه العباس، والمفوض احمد نصيف، ورئيس العرفاء عماد نجم عبدالله، وآخرين قتلوا في ما كانوا يؤدون واجبهم. ومديرية المرور العامة في العراق احدى الدوائر التابعة لوزارة الداخلية ولها فروع في عموم المحافظات، وتضم في هيكلها الاداري اقسام المخابرة والسيطرة والمرور والاليات والتسجيل واجازات السوق وشؤون السير، والادارة والهندسة والمالية. ولم تستثن العمليات الارهابية عناصر المرور، سواء بتفجيرات الشوارع والأسواق أو عن طريق الاستهداف الشخصي. ويقول الرائد خالد نجم، من شرطة المرور في الكرادة الذي اصيب خلال انفجارات هزت المنطقة وأسفرت عن مئات القتلى والجرحى قبل اسبوعين ل"الحياة""قتل ثلاثة من زملائي بشظايا صاروخ أطلق على إحدى البنايات التجارية وأصبت انا"، ويضيف"لكن إصابتي لن تحل دون العودة الى عملي الذي أحبه حالما امثل للشفاء رغم يقيني بان الشارع ليس آمناً بعد". ويوضح"نحن شرطة المرور لا نعرف غير عملنا، قضينا سنوات عمرنا في شوارع بغداد، أنا مثلاً اعمل في تقاطع مرور منذ سبع سنوات حتى ان الجميع يعرفني وانا أعرفهم"، لافتاً الى ان وضع صور القتلى من رجال المرور على الإشارات التي عملوا الى جانبها وسيلة ليعلم أعداء العراق ان"أبطاله لن يمضوا دون خلود". وعادةً ما تعلق لافتات سوداء تنعى الموتى في بغداد على جدران المنازل. ويستدرك"لقد ضاعف الوضع الأمني اتعاب العمل على رغم الارتفاع الجيد في الأجور الوظيفية، كما عطل غياب القضاء الرادع تطبيق قوانين السير العامة فلا أحد يبالي بنا وبتوجيهاتنا". وتشير إحصاءات مديرية المرور العامة في بغداد الى مقتل 25 شرطياً من مختلف الطوائف والرتب في قاطعي الكرخ والرصافة، بين 2003 و2006، معظمهم قتل بتفجيرات في"الاحياء والشوارع والجسور التي يعملون فيها". ويلفت المفوض احمد سالم، من شرطة المرور في الاعظمية الى ان احد زملائه قتل برصاص مسلحين بداية العام الجاري، ويقول:"يبدو انه كان انتقاماً عشائرياً او استهدافاً طائفياً لانه قتل من بين عناصر كانوا مجتمعين في تقاطع المرور في الاعظمية"، ويضيف:"لا احد يأبه بخطورة عملنا ولسنا مسلحين بشكل جيد، حتى ان بعضنا يخشى التحدث الى السائقين اثناء مخالفتهم قواعد السير". ويحكي قصة زميله الذي تعرض للضرب من مجموعة من الشباب، بعدما اعترض سيارتهم التي تحمل أرقاماً مزدوجة في اليوم المخصص للأرقام الفردية، لافتاً الى نشوب عراك وضرب ومشادات مماثلة اذا اعترض الشرطي على عدم وقوف إحدى السيارات عند الإشارة الضوئية او السير بعكس الاتجاه او عدم امتلاك السائق إجازة السوق. ويضيف:"نحن نقدر الحالات الإنسانية والوضع الراهن ونعلم ان غالبية الطرق مغلقة ولكن عدم الامتثال للأوامر يضاعف الخناق المروري". ويؤكد الملازم نجيب عبد الاله من شرطة المرور في بغداد الجديدة ان رجاله"يؤدون واجبهم بتفان وهم لا يهددون احداً ولا يبغون سوى السلامة العامة". ويوضح:"نحن شرطة بصفارة من دون سلاح، فضلاً عن عدم قدرتنا على ممارسة صلاحياتنا في حل الأزمات المرورية ما دفعنا الى استخدام لغة الحوار وأحيانا التوسل الى الناس ليطبقوا القانون والحيلولة دون الفوضى". وكانت سيارة مفخخة انفجرت العام الماضي استهدفت موكب العقيد سجاد مهدي صالح، مدير دائرة المرور السابق وأدت الى مقتله مع المفوض هادي صالح وجرح ثلاثة آخرين، كما شهدت مدينة كركوك اصابة مدير المرور العميد تالار عبدالله بانفجار سيارة ملغومة استهدفت موكبه ايضاً. وأصيب ثلاثة من حراسه، فضلاً عن مقتل عدد كبير من عناصر المرور في الانبار والموصل وديالى وبابل.