سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صدقية الحكومة ضعيفة في ما يخص نزع سلاح "حزب الله" ... بعد حل قضيتي المزارع والأسرى . واشنطن تخشى على الهدنة من خطر تهريب السلاح أكثر من خوفها على الوضع الميداني في الجنوب
تربط الدوائر الدولية التي تتلقى الاتصالات الضاغطة والملحة من أجل رفع الحصار الذي تفرضه اسرائيل على لبنان، إمكان نجاح جهودها في ازالة هذه الظلامة التي تطاول الشعب اللبناني ككل، بصفتها أحد مظاهر استمرار الحرب الاسرائيلية عليه، بالاجراءات التي يفترض ان تأخذها الحكومة اللبنانية لضمان عدم تهريب اسلحة من ايران وسورية الى"حزب الله"او جهات اخرى، في وقت ترى الاوساط الرسمية اللبنانية ان هذه الحجة لا تستقيم، لأن الحكومة بدأت اخذ الاجراءات التي تستطيع للحؤول دون تهريب الاسلحة. وأثيرت هذه الامور مرات عدة في الاتصالات التي اجراها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، التي كانت تحدثت عن صعوبة رفع الحصار، مشيرة بذلك الى تشدد الموقف الاسرائيلي في هذا الشأن. ويبدو الموقف الاميركي محرجاً في صدد استمرار الحصار وخصوصاً ابقاءه على المطار والمرفأ، لأن استمرار منع الطائرات والسفن من المجيء الى لبنان يناقض الفقرة السادسة من القرار 1701 ويوحي بأن واشنطن تمارس ضغوطاً على اسرائيل لفك الحصار بسبب الوضع الانساني الذي تشهد سفارتها في بيروت على المعاناة التي يتسبب بها استمراره وتأثيره السلبي في تأمين المواد الاساسية للبنانيين وتنقلاتهم واستعادة حركتهم التجارية. وتقر الجهات الدولية المعنية بالاتصالات لرفع الحصار بالحجة القائلة ان تهريب الاسلحة اذا حصل من الآن فصاعداً يتم من البر وليس من المطار او المرفأ في شكل لا يبرر ابقاءهما شبه مقفلين، ويفهم من هذه الاتصالات ان الموقف الاميركي"يمارس ضغطاً على اسرائيل خلافاً لما يفترضه البعض... لكن اسرائيل لن تقف متفرجة على عملية اعادة تسليح"حزب الله"من جانب ايران او سورية اذا استؤنف هذا التسليح". ويستنتج بعض المواكبين للاتصالات الجارية ان واشنطن لم تعد تعتبر ان الخطر على صمود وقف الاعمال العدائية التي ينص عليها القرار 1701، سيأتي من الوضع في الجنوب، بل ان الخطر الاساس قد يأتي من عملية تهريب الاسلحة التي قد تقود الى انهيار الاتفاق على وقف الاعمال العدائية، خصوصاً ان الجميع يقر بأن عمليات تهريب حصلت سابقاً وتم ذكرها في تقارير الأممالمتحدة. وتشير اوساط مطلعة في هذا السياق الى الاسلحة التي تكدست في أنفاق الناعمة او هرّبت الى قوى اخرى... ويفهم في هذا المجال ان واشنطن تتساءل كيف تكون حجة المسؤولين في لبنان ان الجيش ضعيف ولا معدات او اسلحة لديه لكي يتمكن من الحؤول دون تهريب الاسلحة، ثم يكون الرد على اقتراح مساعدة"يونيفيل"للجيش في الانتشار على الحدود مع سورية لمنع التهريب ان الجيش قادر لوحده على القيام بالمهمة، وكيف يتحول السعي الدولي الى ضمان سلامة الحدود الدولية لمصلحة السيادة اللبنانية، الى خطوة مناقضة لهذه السيادة؟ ومن الواضح ان الادارة الاميركية كانت تفضل ان يصدر القرار 1701 تحت الفصل السابع الذي يتيح العقوبات واستخدام القوة لمعالجة مسألة السلاح لاعتقادها ان نقل السلاح الى"حزب الله"حصل سابقاً في شكل كثيف، وانها"لم تتفاجأ"بقدرته على التعاطي بقوة في مواجهة القوة الاسرائيلية ولم تكن تشك في ان لديه كمية كبيرة من هذه الاسلحة، على رغم اعتقادها بأن حجة الحزب للاحتفاظ بها، كقوة رادعة في وجه اسرائيل تسمح بتوازن رعب معها، قد سقطت لأنها أسلحة لم تمنع اسرائيل من تنفيذ هجماتها على لبنان فجاءت الكلفة عالية. وفي نظر المراقبين للموقف الاميركي ان ثمة خلافاً او تبايناً مع الموقف اللبناني الرسمي، في السجال حول طرق ضبط تهريب السلاح وغيرها من النقاط، على رغم ان الخطوات التي أقدمت عليها واشنطن تسمح لها بالقول انها اتخذت خطوات لمصلحة لبنان بدءاً برفع مساعداتها له الى 230 مليون دولار اميركي كرد مالي على ما تعرض له لبنان، وبأنها مارست ضغوطاً على اسرائيل لجعل الامور مختلفة عما كان يمكن ان تكون عليه عملياتها العسكرية منذ 12 تموز يوليو الماضي. الا أن مظاهر التباين والخلاف قد تكون واضحة اكثر في مواضيع مهمة وحساسة اكثر واردة في القرار 1701 الذي ترى الدوائر الاميركية ان فيه نقاطاً تشكل نصراً للبنان منها نصه على ان يعالج الامين العام للأمم المتحدة مسألة مزارع شبعا، باعتبارها نقطة تعيد النظر بقرار مجلس الامن الصادر العام 2000 الذي لم يتضمن شيئاً عن مزارع شبعا. فمن النادر ان يعيد مجلس الامن النظر في قرارات اتخذها فقبل باعتبار المزارع منطقة نزاع ليسعى الى حل لها. وعلى رغم ان واشنطن تعتقد ان ليس من حق"حزب الله"ان يسعى الى حل نزاع حدودي في مزارع شبعا حتى لو كانت محتلة، فإنها تطرح السؤال تكراراً:"اذا وجدت الأممالمتحدة حلاً، استناداً الى الوثائق اللبنانية والى آلية معينة وحددت مساحة المزارع التي يفترض ان تعود الى السيادة اللبنانية. فهل سيقبل اللبنانيون بها؟". والذين يعرفون بالموقف الاميركي يميلون الى شرحه بالقول ان صدقية الحكومة اللبنانية ضعيفة حين تقول وفقاً للنقاط السبع أعطونا مزارع شبعا والأسرى وسنسعى بعدها الى حل لقضية سلاح الحزب، بالاستناد الى تجربة الحوار اللبناني والى"القليل"الذي فعلته حتى الآن في ما يخص الاوضاع الداخلية. فهي تأخذ في الاعتبار الحجة الاسرائيلية القائلة ان وضع رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت سيكون صعباً اذا أعطى المزارع للبنان، مقابل الحجة اللبنانية بأن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة سيكون وضعها صعباً في حال سعت الى نزع سلاح"حزب الله"قبل ذلك... وان التوازن الطائفي اللبناني يحول دون القيام ببعض الخطوات. ويبدو انه على وقع السؤال الاميركي ماذا بعد حل قضية مزارع شبعا والأسرى، فإن واشنطن تراقب الوضع الاقليمي الذي لديها سياسة خاصة به ولا بد من ان يتأثر الوضع اللبناني بها. فإذا كانت الحرب التي شهدها لبنان يفترض ان تكون الاخيرة فإن الجانب الاميركي لا يثق بما تنويه ايران وسورية فيه ولا بموقفهما حيال امكانات اسغلال فرصة تحريك عملية السلام بعد هذه الحرب، في ظل التركيز الاميركي والدولي على معالجة الملف النووي الايراني، الذي يُعطى الأولوية على ملف السلام العربي - الاسرائيلي في هذه المرحلة.