واصلت موفدة الرئيس الأميركي مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الافريقية جينداي فريزر محادثاتها مع المسؤولين السودانيين أمس، في شأن نشر قوات دولية في دارفور، قبل أن تلتقي الرئيس السوداني عمر البشير اليوم. وبدا واضحاً أن الخرطوم ستتمسك بموقفها الرافض للقوة الدولية، إذ استبق البشير اجتماع اليوم مؤكداً أن محاولات المسؤولة الأميركية ستقابل برفض قاطع. وأكدت مصادر مطلعة ل"الحياة"أن هناك اتجاهاً قوياً داخل الحكومة السودانية للتفاوض مع رافضي اتفاق أبوجا للسلام في دارفور، تحت إشراف اريتري، فيما يستعد الفريق سلفاكير ميارديت، النائب الأول للرئيس، للتوجه إلى أسمرا للقاء المتمردين. والتقت فريزر في الخرطوم أمس مستشاري البشير الدكتور مصطفى اسماعيل والدكتور مجذوب الخليفة، إضافة إلى وزير الخارجية الدكتور لام أكول. وركزت خلال المحادثات على التطورات في دارفور واستمرار عمليات العنف والمواجهات المستمرة وتدهور الاحوال الامنية في الإقليم، وإمكان انتقال مهمات القوات الافريقية إلى الاممالمتحدة، وكذلك العلاقات بين الخرطوم وواشنطن. وعُلم أن الموفدة الأميركية حاولت إقناع المسؤولين السودانيين بأن"الاوضاع الامنية والانسانية المتدهورة وانتشار العنف والانتهاكات والاغتصاب وتعريض حياة عمال الاغاثة للخطر في دارفور، لا يمكن معالجتها إلا بنشر قوات دولية بصلاحيات محددة". وسعت كذلك إلى"طمأنتهم أن تلك القوات ليست لها أجندة سرية أو أطماع، وستكون محددة المهمات والصلاحيات، بما لا يؤدي الى انتهاك سيادة السودان أو التدخل في شؤونه الداخلية، كما ذكرت بعجز القوات الافريقية عن حماية نفسها، على رغم أنها أدت مهمات جيدة". ويُنتظر أن تنقل فريزر إلى البشير اليوم رسالة من الرئيس الأميركي جورج بوش. غير أن الرئيس السوداني استبق الاجتماع مكرراً بلهجة حاسمة رفضه نشر أي قوات دولية في دارفور. وقال أول من أمس:"إذا كانت فريزر تعودت أن تجد كلمة نعم في بعض المناطق، فهنا ستجد كلمة لا"، لافتاً إلى ان حكومتة أمام خيارين فقط"إما أن نستعمر بإرادتنا ونوقع على ذلك، أو يفرض علينا الاستعمار". وفي السياق نفسه، اعتبر الخليفة عقب لقائه فريزر أن زيارتها"فرصة لحفظ ماء وجه اميركا"، مشيراً إلى أن السودان"ليس لديه مايخشاه ولا حرج عليه". وقال إن"الشعب السوداني وبرلمانه اتخذا قراراً بحماية اتفاق السلام وعدم اتاحة الفرصة لاختراقه"، مؤكداً وجود"خيارات كثيرة أمام السودان اذا اتخذ مجلس الامن قراراً بنشر قوات دولية". لكنه شدد على أن حكومته"لن تكون طرفاً في نقض الاتفاق". غير أن كبير مساعدي البشير رئيس السلطة الانتقالية في دارفور مني أركو مناوي أكد تأييد"حركة تحرير السودان"التي يتزعمها نشر قوات دولية في الاقليم. واعتبر أن موقف البشير لا يمثل الحكومة السودانية"وإنما يمثل حزب المؤتمر الوطني الذي يرأسه". وأضاف أن"فريزر تسعى إلى اقناع حزب المؤتمر الوطني الحاكم وليس الحكومة"، مشيراً إلى أن حركته و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"ايدتا نشر هذه القوات، واستبعد التوصل إلى"نتيجة ايجابية فورية من هذه الزيارة". وتظاهر عشرات من أنصار الحزب الحاكم أمام مقر السفارة الاميركية في الخرطوم أمس، احتجاجاً على زيارة فريزر. ورددوا هتافات مناهضة لواشنطن وطالبوا بإبعاد المسؤولة الأميركية من البلاد. وهددوا بمقاومة أي قوات اجنبية تنشر في دارفور. وكان عشرات المتظاهرين استقبلوا فريزر لدى وصولها إلى الخرطوم ليل السبت - الاحد. ورفعوا لافتات مناهضة للولايات المتحدة. وهتفوا:"عودي إلى بلادك"،"تريدين الحرب ونريد السلام"، كما حاولوا قطع الطريق أمام موكب الموفدة الأميركية قبل ان تتدخل الشرطة. وفي غضون ذلك، كشفت مصادر مطلعة عن"اتجاه داخل الحكومة السودانية للتفاوض مع متمردي دارفور الرافضين لاتفاق ابوجا تحت إشراف اريتري، لتدارك خطر التدخل الدولي في الاقليم". وعلمت"الحياة"أن الحكومة بدأت في وضع"خطط بديلة"لسيناريو نشر قوات دولية في دارفور. وأشارت مصادر مطلعة إلى"وجود اتجاه قوي يتبناه قطاع كبير داخل الحكومة للتوصل إلى اتفاق مع رافضي أبوجا من متمردي جبهة الخلاص الوطني وحركة تحرير السودان فصيلي عبدالواحد نور واحمد عبد الشافع". ويُتوقع وصول النائب الاول للرئيس الفريق سلفاكير ميارديت إلى أسمرا اليوم. لكن مسؤولين اريتريين نفوا علمهم بموعد قاطع لوصول المسؤول السوداني. وأنهى الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني نائب رئيس المؤتمر الوطني الحاكم زيارة إلى أسمرا على رأس وفد من الحزب الحاكم، سلم خلالها رسالة خطية من البشير لنظيره الاريتري اسياسي أفورقي.