قد يكون نفوذ ادارة الرئيس جورج بوش في الشرق الاوسط احدى خسائر الحرب في لبنان الامر الذي يعطي ايران الفرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة. ويقول محللون انه على رغم الهدنة، التي تدعمها الولاياتالمتحدة والتي بدأ سريانها بين اسرائيل وحزب الله امس، تواجه واشنطن تراجعا في صدقيتها في المنطقة فضلاً عن توتر علاقاتها مع المعتدلين من العرب وهو ما قد يقوض مسعاها الذي بدأ بعد أحداث 11 ايلول سبتمبر لنشر الديموقراطية في المنطقة. ويغلي العالم العربي بالغضب ازاء عدم قيام بوش، الذي شجع اجراء انتخابات حرة في لبنان، بأي جهد لمنع اسرائيل من إضعاف الحكومة اللبنانية الجديدة بتدمير جزء كبير من البنية التحتية للبلاد في محاولة لشل حركة"حزب الله". لكن حالة من عدم الارتياح تنتشر أيضا بين الاسرائيليين بسبب جدل محتدم في واشنطن في شأن قيمة الدولة اليهودية كحليف استراتيجي ضد ايران نظراً لفشل جيشها المزود بأحدث الاسلحة والمعدات الاميركية في محاولته قهر جماعة مسلحة تدعمها ايران بعد شهر من القتال. وقالت جوديث كيبر، خبيرة شؤون الشرق الاوسط في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن،"ايران ستخرج من هذا أكثر قوة بفضل المجد الذي حققه أداء حزب الله". وقال محللون ان رد فعل بوش الاولي"الاعرج"ازاء الصراع كان رد فعل ادارة منهكة بالفعل بسبب مشاكل السياسة الخارجية التي تعانيها التي تتنوع بين حرب في العراق لا تحظى بتأييد وتحديين نوويين من قبل ايران وكوريا الشمالية. وقالت كيبر"الادارة لا تؤدي أداء ديبلوماسيا جيداً". وأوضح مسؤولون اميركيون منذ البداية أن بوش"يريد أن يمنح إسرائيل اطول مدة ممكنة للإضرار بحزب الله"الذي كان تسبب في اندلاع هذه الحرب حين أسر جنديين اسرائيليين في غارة في 12 تموز يوليو الماضي. وحين شنت اسرائيل هجمات جوية وبرية ورد"حزب الله"بإمطار شمال اسرائيل بالصواريخ سارع بوش الى وضع المعركة في سياق"صراع الخير ضد الشر"في اطار الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد الارهاب وأنحى باللائمة على ايران وسورية اللتين تدعمان الحزب. وكان المسؤولون الاميركيون يأملون في أن يكون تسديد ضربة ساحقة ل"حزب الله"بمثابة رسالة قاسية لطهران التي تنكر على اسرائيل حقها في الوجود والتي تحدت الجهود الدولية التي قادتها الولاياتالمتحدة لكبح جماح البرنامج النووي الايراني. لكن بوش والاسرائيليين لم يتوقعوا صمود"حزب الله"، وتبنى المسؤولون الاميركيون وجهة نظر اكثر واقعية حيث اضطروا الى التخلي عن المطالبة بوضع جدول زمني لنزع سلاح الحزب بشكل كامل في قرار وافق عليه مجلس الامن التابع للامم المتحدة الجمعة. وأدى اصرار الولاياتالمتحدة على السماح للقوات الاسرائيلية بالاستمرار في مواقعها حتى وصول قوات حفظ السلام الى تعزيز رؤية العالم العربي بانحياز واشنطن لاسرائيل التي تتلقى مساعدات عسكرية اميركية قيمتها بليونا دولار سنوياً. وقال معين رباني، المحلل في المجموعة الدولية لمعالجة الازمات مقره عمان،"ايا كانت الصدقية التي كانت باقية للولايات المتحدة في المنطقة فقد قلت بدرجة كبيرة". وأثارت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس غضباً عربياً جماً الشهر الماضي حين تحدثت عن الحرب واصفة اياها بأنها"آلام المخاض لميلاد شرق اوسط جديد"خلال جولة ديبلوماسية في المنطقة. وكانت ردود الفعل على تصريحاتها انعكاساً للشكوك المتزايدة بشأن الغرض الاساسي لسياسة الادارة الاميركية لنشر الديموقراطية في المنطقة وهو الامر الذي لا يزال كثيرون ينظرون اليه بارتياب بعد اكثر من ثلاثة أعوام من الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للعراق. ولا يزال العراق فريسة صراع طائفي بعد الانتخابات التي شهدها فيما جاءت الانتخابات العامة الفلسطينية التي ضغطت واشنطن من أجل اجرائها بحركة المقاومة الاسلامية"حماس"الى رئاسة الحكومة الفلسطينية ورسخت انتخابات لبنان"حزب الله"كشريك صغير في الحكومة اللبنانية. وطغت حرب لبنان على الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين وحتى اذا صمد وقف اطلاق النار بين اسرائيل و"حزب الله"من المستبعد الى حد كبير أن تستأنف ادارة بوش جهودها المتوقفة منذ فترة طويلة من أجل السلام بين اسرائيل والفلسطينيين التي تعتقد أنها لن تأتي بنتيجة تذكر. وعلى رغم هذا فان المحلل الاسرائيلي يوسي الفر يقول"ان الخطوات الخاطئة التي اتخذتها الولاياتالمتحدة تفتح الطريق امام دور ايراني اكبر في المنطقة كما أن رفض واشنطن أي اتصالات ديبلوماسية مع طهران يحد من قدرتها على الرد". ويعتقد أن ايران تنظر الى لبنان على أنه"وسيلة لتذكير واشنطن بمدى تعرض مصالحها للخطر"اذا سعت الادارة الى فرض عقوبات من الاممالمتحدة على طهران بسبب طموحاتها النووية. وأثار هذا جدلاً بين بعض المنتقدين في واشنطن، الذين عبروا عن خيبة أملهم لفشل اسرائيل في تسديد لطمة أقوى ل"حزب الله"، حيث أشاروا الى أن هذا أضر بقدرة الدولة اليهودية على لعب دور الرادع الاستراتيجي لايران. لكن البريغادير جنرال الاسرائيلي يوسي كوبرواسر دافع عن أداء الجيش بقائمة تحت عنوان"ما قدمته اسرائيل للولايات المتحدة في الآونة الاخيرة"يشمل ما قال انه"أدلة على حصول حزب الله على شحنات من الصواريخ من سورية وايران".