تستعد الولاياتالمتحدةوالعراق للبدء في مفاوضات لتنظيم وجود القوات المتعددة الجنسية في هذا البلد، قبل انتهاء تفويض الأممالمتحدة بعد خمسة شهور. وجاءت قضية اغتصاب جنود أميركيين فتاة عراقية، وفضائح أخرى ارتكبوها لتزيد هذه المفاوضات تعقيداً، إذ أكد رئيس الوزراء نوري المالكي أن الحصانة التي منحت للقوات الأميركية شجعتها على ارتكاب جرائم"بدم بارد"، فيما طالب وزير العدل هاشم الشبلي بالغاء قوانين أقرها الحاكم الأميركي السابق بول بريمر وبعضها"يمنح الجندي الأميركي حصانة غير محدودة". الى ذلك، اتهم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي "الحزب الاسلامي" جهة حكومية بالضلوع في خطف النائب السنية تيسير نجاح عواد المشهداني. وقال المالكي خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في الكويت، رداً على سؤال عن اغتصاب الفتاة العراقية، إنه لا يقبل أي انتهاك"لشرف الشعب العراقي"، مُعرباً عن اعتقاده بأن الحصانة التي منحت الى القوات الدولية شجعتها على ارتكاب مثل هذه الجرائم في"دم بارد". وأضاف:"نؤكد ضرورة أن يكون لنا حضور في عمليات التحقيق في الجرائم المرتكبة في حق الشعب العراقي"، متعهداً"مناقشة هذه الأمور مع قيادة القوات المتعددة الجنسية لإيجاد الحلول المناسبة". وختم تصريحاته قائلاً:"يبدو أن هناك جرائم أخرى". وجاء تصريح المالكي، في حين كشف وزير العدل هاشم الشبلي أن وزارته تدرس بالتنسيق مع مجلس النواب إلغاء قوانين أقرها بريمر، خصوصاً الأمر الاداري رقم"7"الذي يمنح حصانة غير محدودة إلى الجندي الأميركي في العراق. وقال الشبلي ل"الحياة"إن وزارته"تعتزم بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى تطبيق القوانين العراقية السارية على العراقيين وغير العراقيين". وأضاف أن"ليس من حق الحكومة العراقية حالياً تقديم دعاوى ضد القوات المتعددة الجنسية على رغم الانتهاكات التي ارتكبها جنودها". وكانت محكمة أميركية وجهت الاثنين الماضي تهمة الاغتصاب والقتل الى جندي أميركي سابق يشتبه في أنه اغتصب عراقية وقتلها مع ثلاثة من أفراد عائلتها، قرب مدينة المحمودية جنوببغداد. وأفادت وثائق مكتب التحقيقات الفيديرالي أف بي آي أن الجندي ستيفن غرين 21 عاماً كان يعمل في مركز عسكري في المحمودية، وعُين على حاجز قرب المدينة في 11 و12 آذار مارس. ويُتهم غرين باغتصاب الفتاة بعد رصدها في منزلها، وبقتلها مع ثلاثة من أفراد عائلتها كانوا في المنزل، وبالتخطيط لجريمته قبل أسبوع من ارتكابها. وطالب الشبلي أمس، واشنطن ومجلس الأمن والأممالمتحدة بالعمل"لوضع حد للانتهاكات الانسانية في العراق". واعتبر أنه"لو كان في الامكان محاكمة مرتكبي جريمة المحمودية بحسب القانون العراقي، لكانت نهاية الجناة الاعدام". وأوضح ان جريمة الاغتصاب وقتل فتاة غير بالغة وإحراقها لإخفاء الجريمة وقتل عائلتها"جريمة قتل من الدرجة الأولى مع سبق الاصرار والترصد"، بحسب قانون العقوبات العراقي واصول المحاكمات الجزائية. وتابع أن القوات الاميركية اخفت الجريمة ثلاثة شهور"ولو كانت الحكومة العراقية مسؤولة عنه لبدأنا التحقيق في وقت مبكر"، لافتاً الى"وجوب اعادة النظر في طبيعة الوجود الأجنبي ومهماته وحقوقه وواجباته". من جهته قال الناطق باسم الجيش الأميركي الميجر جنرال وليام كالدويل أمس"ليس هناك جندي واحد محصن". وأضاف:"سنواجه كل موقف بأمانة. سنسعى بكل السبل للتوصل الى الحقائق وسنحاسب جنودنا على اي تجاوز يرتكبونه عندما تثبت ادانتهم". وقضية الاغتصاب والقتل هي الخامسة في سلسلة من التحقيقات الاميركية التي حظيت بتغطية اعلامية واسعة في قتل مدنيين عراقيين خلال الشهور القليلة الماضية. وتأتي في وقت يواجه المالكي وواشنطن مفاوضات دقيقة على اتفاقية تنظم وجود القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة فور انتهاء تفويض الاممالمتحدة. على صعيد آخر، تضاربت الروايات أمس حول هوية خاطفي النائب عن"جبهة التوافق"السنية تيسير نجاح عواد المشهداني، اذ أعلن الهاشمي ان الخاطفين الذين اتصلوا بفرع الحزب في ديالى وضعوا ثلاثة مطالب لإطلاقها محددين مهلة ثلاثة ايام لتلبيتها، واتهم الخاطفين ب"الانتماء الى جهة حكومية"في اشارة، على ما يبدو، الى التيار الصدري، لكن القيادي في"الحزب الاسلامي"اياد السامرائي نفى ذلك، فيما انتقد التيار الصدري التلميحات الى مسؤوليته عن عملية الخطف، مشيراً الى"مسؤولية عصابات او ارهابيين عن مثل هذه العمليات"، ولفت الى ان"انصار الزرقاوي سبق وهددوا السنة المشاركين في العملية السياسية بالقتل". وما زاد الأمر غموضاً تأكيد الهاشمي ان مطالب الخاطفين"متطابقة"مع مواقف"جبهة التوافق"التي ينتمي اليها، وهي:"جدولة انسحاب القوات الاجنبية من العراق واطلاق عدد من المعتقلين ووقف الهجوم على الحسينيات". واللافت أيضاً اعتراف وزارة الدفاع العراقية ب"بعض الهفوات في الخطة الامنية لبغداد"وتحذيرها أعضاء مجلس النواب والحكومة من التحرك في المناطق الساخنة في ظل الظروف الأمنية الحالية"ما يجعلهم فريسة سهلة للعناصر الإرهابية التي طورت خططها وبدأت تنصب نقاط تفتيش وهمية لاصطياد ضحاياها من الاهالي والشخصيات الحكومية مستغلة الثغرات في الخطة الأمنية".