خرجت حالات الاحتقان السياسي المتنقلة عن حدودها في لبنان امس. اذ سقط قتيل وخمسة جرحى من أنصار الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، بعد تلاسن واطلاق نار من أنصار رئيس"تيار التوحيد"وئام وهاب الحليف لسورية، في قرية الاخير في منطقة الشوف، ما أدى الى تدخل الجيش اللبناني لتطويق المضاعفات وتوقيف المطلوبين. وشن الوزير السابق سليمان فرنجية هجوماً شخصياً عنيفاً على زعيم كتلة"المستقبل"النيابية النائب سعد الحريري واصفاً اياه بالغلام، ومعتبراً ان"كرامتنا اهم من سعد الحريري وكل نسله وسلالته وقبله وقبل الرئيس الراحل رفيق الحريري"، على خلفية دعوى قدح وذم قرر الحريري إقامتها ضد فرنجية. راجع ص 7 ودعا جنبلاط الذي يزور السعودية حيث استقبله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جدة، الى التهدئة في منطقة الشوف. وحضر مقابلة جنبلاط للملك عبدالله الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة والأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين. وتزامنت هذه التطورات مع توقع مصادر مطلعة في بيروت ان تشهد قضية"الشاهد الملك"في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري محمد زهير الصديق الموجود في فرنسا تطورات خلال الأيام المقبلة، بحيث يبدي استعداداً للادلاء بمعلوماته أمام القضاء اللبناني، لكن في فرنسا. وقال وكيل الصديق المحامي الفرنسي غيوم سلفيت، ل"الحياة"، ان موكله لا يزال بتصرف القضاء اللبناني، شرط ان يقر القضاء اللبناني له بصفة الشاهد وشرط الغاء مذكرة التوقيف الصادرة بحقه. وأوضح أن في امكان السلطات القضائية اللبنانية اذا ارادت ان تأتي الى فرنسا للقائه، ولكن"نحن الآن على وشك القيام بمسعى قضائي لرفع مذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن السلطات القضائية اللبنانية"، مشيرا الى أن لجنة التحقيق الدولية التقت الصديق منذ ان افرج عنه في فرنسا. ونفى سلفيت حصول أي اتصال بينه وبين القضاء اللبناني معتبراً ان هذا لا يشكل"لا مؤشراً سيئاً ولا جيداً"، وان مثل هذا الاتصال"بدأ يصبح وشيكاً". وفي بيروت، توقعت المصادر المطلعة التي تتابع قضية الضباط الاربعة الموقوفين وتطالب بالاستماع الى افادة الصديق مجدداً لأن توقيفهم تم بناء عليها، ان يحصل تحرك لوكلاء هؤلاء الضباط في اتجاه القضاء اللبناني، لطلب الاستماع الى افادة الصديق بناء على التطورات المنتظرة في شأن اعادة استجوابه. وبالفعل تقدم وكيل مدير المخابرات السابق العميد ريمون عازار وقائد الحرس الجمهوري السابق العميد مصطفى حمدان، المحامي ناجي البستاني، بطلب استرداد مذكرة التوقيف في حقهما وإخلاء سبيلهما. ورفضت الناطقة باسم لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري في اتصال أجرته"الحياة"معها التعليق على الانباء المتعلقة بالصديق، مشيرة الى انها تتعلق بالقضاء اللبناني. وبالعودة الى الاحتقانات اللبنانية الداخلية فقد أفاد شهود عيان عن حادث بلدة الجاهلية الشوفية ان شباناً تابعين للحزب السوري القومي الاجتماعي الحليف لدمشق كانوا يعلقون صوراً لزعيم الحزب انطون سعادة لمناسبة الاحتفال بذكراه، قرب منزل احد مناصري الحزب الاشتراكي، فحصل تلاسن بين احد ابناء المنزل وهؤلاء وتدخل مناصرو وهاب فصدموه بسيارتهم ثم ظهروا بالسلاح وجرى اطلاق نار فقتل الشاب مؤيد العياص وجرح خمسة آخرون من الحزب التقدمي. وفيما اصدر الحزب القومي بياناً تحدث عن تعرض مسؤوله في القرية"للاعتداء من مجموعة معروفة"، اذاع الحزب الاشتراكي اسماء المتهمين باطلاق النار وبقتل العياص. وافاد بيان لقيادة الجيش - مديرية التوجيه ان قوة من الجيش تدخلت و"اوقفت احد المشاركين بالإشكال في حين سلم آخر نفسه الى قوى الامن الداخلي". وتابع جنبلاط من السعودية جهود التهدئة وأجرى اتصالات بقيادات الحزب وبعدد من الوزراء ونواب"اللقاء الديموقراطي"الذين انتقلوا الى البلدة سعياً الى اعادة الهدوء. وشدد جنبلاط في اتصالاته على ضرورة عدم الانجرار وراء الفتنة المتنقلة لضرب الاستقرار بغية خلق حال من الفوضى والاضطراب السياسي. ونقلت مصادر الحزب عن جنبلاط قوله ان القانون والقضاء هما الملجأ الاول والاخير للاقتصاص من الجناة. وانتقل وزير الاتصالات مروان حمادة مع عدد من قادة الاشتراكي ونوابه الى المنطقة حيث عمل معهم على التهدئة. وناشد حمادة السلطة توقيف المجرمين. وفيما نفى أمين سر الحزب الاشتراكي ان تكون للحزب القومي علاقة بما جرى، دعا وهاب الى التهدئة متهماً بعض العناصر من الاشتراكي بتمزيق الصور. وقال ان"أحداً يجب ألا يكسب على حساب دماء الناس". وعلى صعيد موقف فرنجية من الحريري، اصدر المكتب الاعلامي للأخير بياناً اكد"اننا لن ننجر الى ردود الفعل"لكنه وصف كلام فرنجية بالشتائم وبالتطاول على روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وعاد فرنجية ورد مساء بعد اجتماعه مع الامين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله، فقال انه لن يسكت على أي سباب سيتعرض له من"تيار المستقبل"، مشيراً الى ان أي شخص يطاوله من هذا التيار سيرد مباشرة على النائب الحريري، وقال:"نحن لن نميز بين الشيخ سعد وبين الجوقة "تيار المستقبل" وحتى أي قلم من جريدة"المستقبل"نعتبره الشيخ سعد الحريري".