سحبت الحكومة المصرية اقتراحات تضمنها مشروع قانون لجرائم النشر كانت أحالته على البرلمان، بعد اعتراض نقابة الصحافيين التي اعتبرت التعديلات الحكومية"انتكاسة لحرية التعبير". وفيما أعلن رؤساء تحرير صحف حزبية ومستقلة احتجابها الأحد المقبل احتجاجاً على المشروع، فاجأت الحكومة أعضاء مجلس الشورى في جلسته الصباحية أمس باقتراح إلغاء التعديلات الإضافية الخاصة بتجريم"التعرض للذمة المالية للأشخاص، وخدش سمعة العائلات"، كما طلبت إلغاء وجوب عقوبة الحبس وترك سلطة تقديرها للقاضي والإبقاء على الغرامة المالية. ومن شأن هذا الموقف الحكومي أن يخفف حدة الأزمة مع الصحافيين، على رغم أن الحكومة لم تستجب طلبهم إلغاء عقوبة الحبس. وتقدم وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية الدكتور مفيد شهاب بالاقتراح في بداية الجلسة. وطلب إدخال تعديلات على المادة الرقم 303 تقضي بأن يعاقب الصحافيون على تهمة القدح بغرامات مالية مرتفعة في الحالات العادية. لكنه اقترح إضافة عقوبة الحبس"جوازياً"لمدة لا تزيد على سنتين، في حال تضمن القدح طعناً في الذمة المالية في ما يتعلق بأعمال"موظف عام، أو شخص عادي ذي صفة نيابية عامة، أو مكلف خدمة عامة بسبب أداء مهماته". وأكد شهاب أن"الحكومة حريصة على دعم حرية النقد وتعزيز حرية الرأي، ومؤمنة برسالة الصحافة السامية المعبِّرة عن الرأي العام والحفاظ على الحريات، وكذلك احترام الحريات الخاصة للمواطنين طبقاً للدستور". وبعد التعديلات الجديدة التي تقدمت بها الحكومة، دعا رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف إلى رفع الجلسة، وعقد اجتماع عاجل للجنة الدستورية والتشريعية في المجلس، للبحث في تلك التعديلات التي تم إقرارها بعد حوالي نصف ساعة من المناقشات، قبل أن يواصل المجلس الموافقة على مواد مشروع قانون العقوبات. وكان رؤساء تحرير الصحف الحزبية والمستقلة قرروا حجب صحفهم عن الصدور الأحد المقبل احتجاجاً على مشروع القانون. وأعرب رؤساء التحرير بعد اجتماع عقدوه مع مجلس نقابة الصحافيين عن"انزعاجهم للصور المؤسفة لانتهاك حرية الصحافة في مصر". واعتبروا أن المشروع"أسقط وعد الرئيس حسني مبارك بمنع الحبس في قضايا النشر، إضافة إلى مضاعفته الغرامات". وعقد الاجتماع قبل تراجع الحكومة عن التعديلات. واعتبر المشاركون في الاجتماع أن التعديلات الحكومية"تهدف إلى حماية الفساد والمفسدين وتحصين أوضاعهم في مجال نهب المال العام، بعيداً عن أي رقابة". وأكدوا أن"الامتناع عن الصدور هو الخطوة الأولى في سلسلة خطوات احتجاجية ستبدأ اعتباراً من الأحد المقبل". وطالبوا الجمعية العامة لنقابة الصحافيين باتخاذ"قرار إلزامي باحتجاب شامل للصحافة المصرية بجميع أنواعها، قومية وحزبية ومستقلة، إذا لم تلتزم الحكومة لنداء الجمعية وتتبنى القانون الصحيح المناسب لإطلاق الحريات الصحافية". وأكد نقيب الصحافيين جلال عارف أن"وحدة الصحافيين هي السلاح الأساسي لمواجهة أي هجوم ضد الصحافة"، مؤكداً أن"المعركة الآن هي من أجل الحرية والاستقلال الحقيقي للصحافة المصرية". الى ذلك، أعلنت جماعة"الإخوان المسلمين"عزمها خوض انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى الغرفة الثانية في البرلمان التي تجرى في نيسان أبريل المقبل. وقال المرشد العام للجماعة محمد مهدي عاكف ل"الحياة"إن"مبدأ عمل الإخوان يقوم على خوض كل الانتخابات على مختلف المستويات، بما فيها انتخابات الشورى المقبلة"، مشدداً على"عدم التفات الجماعة إلى التصعيد المرتقب من جانب السلطات المصرية". وتكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة، لا سيما أنها قد تعزز حظوظ"الإخوان"في طرح مرشح لرئاسة الجمهورية، إذا فازوا ب25 مقعداً في الشورى. وينص الدستور على ضرورة حصول أي مرشح مستقل للرئاسة على تأييد 65 من نواب مجلس الشعب و25 من الشورى، إضافة إلى 190 من أعضاء المجالس المحلية. وأرجأت الحكومة الانتخابات المحلية في شباط فبراير الماضي لمدة عامين، بعد الفوز التاريخي ل"الإخوان"في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة. واعتبر عاكف أن"التصعيد الحكومي ظهرت ملامحه في انتخابات اتحاد الناشرين والغرف التجارية التي شارك فيها الإخوان أخيراً". ورأى أن هذا التصعيد"يحظى برضا الولاياتالمتحدة". ويتوقع مراقبون أن تؤدي مشاركة"الإخوان"في انتخابات الشورى إلى مزيد من المواجهة بين الحكومة والجماعة، على غرار ما جرى في انتخابات مجلس الشعب التي حصد فيها"الإخوان"88 مقعداً. كذلك، فإن تعهد رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف البحث في"إجراءات"لمنع الجماعة من تشكيل كتلة برلمانية، يعزز هذه التوقعات.