عاد موضوع الملف الاجتماعي إلى واجهة الأحداث في المغرب، بالتزامن مع مناقشة البرلمان بيان الحكومة المتعلق بالخدمات الاجتماعية. وأظهرت المناقشات التي امتدت على مدى يومين عمق الخلاف بين الغالبية الحكومية والمعارضة البرلمانية، حول عدد الفقراء في المغرب وكيفية استفادتهم من البرامج الاجتماعية التي تقدمها الحكومة. وجدد رئيس الحكومة إدريس جطو في كلمته أمام البرلمان الحديث عن"النجاحات"التي حققتها حكومته في مجال مكافحة الفقر والبطالة والتهميش, وإدماج الشباب وبناء مئات آلاف الشقق للعائلات ذات الدخل المحدود, وتراجع معدلات الفقر إلى 14.2 في المئة, اقل من خمسة ملايين شخص, فيما قال معارضون للحكومة، ان الفقر يتسع في مناطق عدة في المغرب، بخاصة في القرى والأرياف النائية, وهو يمثل نحو 60 في المئة من سكان بعض المناطق بحسب البنك الدولي. واعتبر نواب المعارضة ان الاحتجاجات الاجتماعية، وطرد العمال من وظائفهم, وزيادة معاناة العاطلين من العمل، يتخذ أشكالاً وأبعاداً خطيرة، تفسرها ظاهرة إقصاء بعض شرائح المجتمع، وانتشار الجريمة والتهميش. وشكك بعض البرلمانيين في الأرقام التي أعلنتها الحكومة، واعتبروها مبالغاً فيها، ولها أهداف انتخابية, وقالوا ان المناطق التي يمثلونها تعيش وضعاً يختلف عما جاء في خطاب الوزير الاول رئيس الحكومة، في إشارة إلى تحسن المؤشرات الاجتماعية في المغرب. ودافع جطو عن أداء حكومته في المجال الاجتماعي، وقال ان البطالة تراجعت للمرة الأولى في المغرب عن سقف 10 في المئة، وبلغت 9.8 في المئة في النصف الاول من السنة, أي حوالى 1.2 مليون عاطل من العمل, وكان المعدل يفوق 16 في المئة في مطلع الألفية الثالثة. وقال جطو ان برامج تشغيل الشباب الخريجين تسير بوتيرة أسرع من المتوقع، وتم توفير 26 ألف وظيفة جديدة في إطار عقود الإدماج. مشيراً إلى نجاحات في مجال تعميم تعليم الأطفال، ومد شبكتي مياه الشفة والكهرباء إلى الأرياف, وبناء مدن جديدة لاسكان العائلات التي لا تملك منازل بمواصفاة مقبولة, لافتاً إلى استفادة 220 ألف أسرة من هذا البرنامج، الذي شمل 52 مدينة مغربية. وقال جطو،"ان ما حققته الحكومة من نتائج ومكتسبات في كل المجالات، يجعلنا واثقين من قدرة المغرب على رفع رهان القدرة التنافسية للاقتصاد وتدارك العجز الاجتماعي". واعتبر البنك الدولي ومؤسسات مماثلة، ان فئات واسعة من المجتمع المغربي، تفتقر إلى الخدمات الضرورية في مجال التعليم والصحة والإسكان والدخل الفردي, ويقدر عدد هذه الفئة بين خمسة وستة ملايين شخص. ونصح البنك الدولي بتسريع وتيرة التنمية في الأرياف لامتصاص أعداد الفقراء, وتوفير فرص عمل كافية في المدن للشباب الحاصلين على شهادات جامعية. وأطلق الملك محمد السادس خطة التنمية البشرية العام الماضي، من اجل تقليص أعداد الفقراء، ودعم برامج التنمية في المناطق النائية والمهمشة, وتقدر كلفة البرنامج بنحو عشرة بلايين درهم. ويتوقع محللون ان يتواصل النقاش حول الملف الاجتماعي في المغرب، إلى حين الاستحقاق الانتخابي المقرر الصيف المقبل.