أعلنت الحكومة المغربية خطة عاجلة لتحسين الأوضاع الاجتماعية لسكان القرى وضواحي المدن تشمل مجالات الإسكان والصحة والتعليم والنقل والتنمية الريفية وتهدف الى معالجة ظاهرة الفقر الذي يمس حوالى ستة ملايين مغربي ويعتقد انه من الاسباب غير المباشرة للتطرف الذي أدى الى التفجيرات التي هزت الدار البيضاء في 16 أيار مايو الماضي. قال رئيس الحكومة المغربية ادريس جطو، في جلسة عقدها البرلمان امس للبحث في أسباب التطرف، ان العجز المتراكم في القطاعات الاجتماعية الحساسة جاء نتيجة عدم مسايرة النمو الاقتصادي للنمو الديموغرافي الذي يبلغ 1,58 في المئة 500 الف شخص سنوياً، لافتاً الى ان عدد سكان المدن يزيد بنسبة 2,85 في المئة سنوياً بسبب الهجرة الريفية التي تزيد على 217 الف شخص سنوياً والتي جاءت نتيجة أعوام متتالية من الجفاف. واضاف جطو في خطاب مكتوب ان زيادة وتيرة النمو الاقتصادي، الذي يبلغ ستة في المئة حالياً، هو الكفيل بتحقيق تنمية دائمة تؤدي الى تحسين معيشة السكان القرويين بالاعتماد على سياسة ليبرالية تقوم على تحرير المبادرة الاقتصادية ومواصلة سياسة التخصيص وتفويض تأمين الخدمات وهو ما يتطلب من الدولة العمل على ضمان التوزان الاجتماعي ومعالجة مكامن الخلل. وزاد ان الحكومة ارتأت تصنيف قطاعات السكن والصحة والتعليم والتنمية الريفية ضمن اولوياتها وقررت معالجتها بصفة عاجلة لكونها تشكل الاهتمامات الاساسية للمواطنين. وستتولى الحكومة بناء 100 الف مسكن جديد سنوياً على امتداد العقد الجاري مخصصة للفئات الفقيرة في المدن والارياف ولإزالة الأحياء الهامشية التي تنامت طيلة العقدين الماضيين حول اهم المدن الكبرى. ويبني المغرب سنوياً نحو 80 الف مسكن جديد. وقال جطو ان عدد الاسر التي تشكو من ظاهرة السكن غير اللائق تقدر بحوالى 1.25 مليون اسرة تقطن في احياء غير قانونية تنقصها التجهيزات والخدمات، منها 700 الف مسكن من الصفيح. وسيتولى القطاع الخاص انجاز الجانب الأكبر من مشاريع الاسكان التي تقدر كلفتها الاجمالية بنحو ثلاثة بلايين دولار، في حين سيقتصر دور القطاع العام على تعبئة الاراضي العقارية وتجهيزها وعرضها بأسعار تفضيلية وتأسيس صندوق ضمان لتشجيع وتسهيل الاستفادة من القروض المصرفية، خصوصاً بالنسبة للفئات الاجتماعية الأضعف في المجتمع. وأعلن جطو عن تدابير اجتماعيي اخرى في مجالات الصحة والتعليم والطرق ومياه الشرب تخص سكان القرى الذين يقدر عددهم بحوالى 13 مليون شخص في المغرب ويعانون من عجز اجتماعي واقتصادي وظروف مناخية تزيد من انتشار الفقر وتفاقم الهجرة الى المدن وتفرز انعكاسات سلبية بشرية وبيئية. وستخصص الحكومة مبالغ اضافية لتأمين الكهرباء للقرى ولمدّها بمياه الشرب ولفك عزلتها عبر تشييد نحو 2000 كلم من الطرق، ما يساهم في تحسين ظروف معيشة سكان الارياف المغربية وزيادة عائدات المزارعين وإثنائهم عن التفكير في الانتقال الى المدن. كما ستسعى الحكومة الى تحسين اوضاع الشباب، والمرأة في الارياف التي تعاني من الامية بنسبة 60 في المئة. وكانت جماعات سياسية في البرلمان المغربي اعتبرت ان الظروف الاجتماعية التي يعيشها بعض المناطق الفقيرة في الارياف وحول المدن تمتل حقولاً خصبة لتنامي ظاهرة التطرف الديني والانحلال الخلقي بسبب انسداد الآفاق في وجه الشباب وغياب برامج تأهيل كفيلة بادماجهم في النسيج الاقتصادي والافادة من عولمة التجارة والاقتصاد. وكان مستوى الفقر في المغرب ارتفع من 13 الى 20 في المئة في عقد التسعينات نتيجة برامج التقويم الهيكلي مع البنك الدولي وتقليص الاعتمادات الموجهة للتعليم والصحة والتوظيف وتسخيرها لتسديد ديون المغرب الخارجية التي تراجعت من 22 الى 14 بليون دولار.