اكتسحت المعارضة نتائج الانتخابات الكويتية على نحو فاق كل التوقعات، اذ حصد الاسلاميون 18 مقعداً من أصل 50، وعاد أقطاب"تكتل ال29"الى مجلس الأمة بشعبية مجددة ومضاعفة. وفيما كانت المعارضة تأمل بحذر بفوز 33 مرشحاً من تيارها، إذا بها تحصل على مقعد أو اثنين اضافيين. راجع ص3 وحفل هذا التصويت ونتائجه بالرسائل، إذ ان الحكم حل مجلس الأمة السابق باعثاً رسالة الى الناخبين بأنه غير راض عن تصرفات المعارضة. لكن رسالة الرد جاءت بليغة، فعدا ان أقطاب المعارضة أعيدوا معززين، كان لافتاً سقوط عدد مهم من المرشحين"الحكوميين". وأما الفائزون القريبون من الحكم فوجهت عبرهم رسائل أيضاً، إذ جاؤوا في المرتبة الثانية في دوائرهم، وكان ابرز هؤلاء رئيس المجلس السابق جاسم الخرافي الذي حل ثانياً بعد محمد جاسم الصقر الذي يعتبر من أقطاب"تكتل ال29". ومنذ أمس بدأت الأوساط السياسية تترقب الرد الذي سيأتي من الحكم على نتائج الاقتراع. وقال أحد المحللين ان الأمر يتوقف الآن على"قراءة عقلانية رشيدة"لما حصل، فمما لا شك فيه ان"هذه النتائج لا تعجب الحكم، لكنه دق الباب فسمع الجواب، ليس فقط من رجال الكويت، بل من رجالها ونسائها معاً"، وبالتالي فإن"أمام الحكم فرصة كي يبادر، وإذا تقدم لملاقاة مطالب المعارضة فإنه سيجد تجاوباً شعبياً رائعاً، لأن البلد ليس في حال خصام مع الدولة وانما في حال حوار، والناس قالت كلمتها". والمتوقع ان يقدم اليوم رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد استقالة حكومته الى الأمير الشيخ صباح الأحمد، وذلك وفقاً للاصول. ويلتقي الأمير تقليدياً مع الرؤساء السابقين لمجلس الأمة على سبيل التشاور في من يترأس الحكومة المقبلة. وفيما استمر الشيخ ناصر المحمد أبرز المرشحين لهذه المهمة، بالنظر الى خبرته وقدرته على التحاور والتواصل مع مختلف الأطراف، وكذلك لأن لديه بُعداً اصلاحياً يستحسن تمكينه من تفعيله، إلا ان سيناريوات ما قبل النتائج رشحت آخرين لتشكيل الحكومة، وذلك حسب القراءة التي تجريها أوساط الحكم لدروس الانتخابات وما تستخلصه من خيارات بالنسبة الى الحكم. لكن المشكلة لا تتمثل برئيس الوزراء، وانما ببعض الوجوه التي ركزت الحملة الانتخابية عليها واعتبرتها من"رموز الفساد". وإذ نشرت الصحف خلال الأيام الماضية أخباراً عن رحيل اختياري لواحد أو اثنين من هؤلاء، فإن وجود الآخرين في التشكيلة الحكومية سيعتبر"مشروع مواجهة"مع مجلس الأمة. وتؤكد مصادر مطلعة أن المعارضة ابلغت المعنيين في الحكم بأمرين: الأول أنها لن تقبل بأي من"الرموز"اياها في الحكومة، والثاني أنها لن تقبل بتأجيل موضوع الدوائر. وكان أكثر من مرشح أكد خلال الحملة الانتخابية أن تعديل الدوائر يجب أن يعطى الأولوية في المجلس المقبل. في الوقت نفسه تتداول الديوانيات إمكان حصول تغيير على مستوى رئاسة المجلس، وفي العادة ترتسم المنافسة بين جاسم الخرافي وأحمد السعدون الذي قد يكون هذه المرة رئيس السن في جلسة افتتاح أعمال المجلس، إلا أن الوسط النيابي ناقش في الأيام الأخيرة احتمال اختيار مشاري العنجري للرئاسة. والعنجري من"تكتل المعارضة"ومعروف بتوجهاته الاصلاحية واعتدال اطروحاته. لكن المشاورات عادت ففتحت"الترشيحات"لتشمل الى العنجري، كلاً من محمد الصقر وصالح الفضالة وطلال العيار. وأشارت مصادر مطلعة الى أن الخرافي لم يحسم بعد أمر الترشيح أو عدمه، لكنها لفتت الى أن مجلساً معارضاً كهذا سيكون صعب الإدارة. لذلك يجري البحث في"صفقة"توافقية تعيد الخرافي الى الرئاسة، على أن يكون نائبه من الإسلاميين وطرح اسم ناصر الصانع للمنصب في حال اعتماد هذا السيناريو.