بدأ وفد"حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية"حماس برئاسة خالد مشعل في القاهرة التداول مع مسؤولين مصريين، على رأسهم مدير الاستخبارات الوزير عمر سليمان، في رؤية الحركة وخططها نحو تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة وتوزيع الاختصاصات بينها وبين الرئيس محمود عباس ابو مازن، اضافة الى قضية الاعتراف باسرائيل والاتفاقات الموقعة بينها وبين السلطة الفلسطينية. وأوضحت مصادر سياسية في القاهرة ل"الحياة"أن مصر تطرح على طاولة المحادثات التي قد تمتد ليومين، الدعوة الى تطبيق برنامج"أبو مازن"الذي انتخب على أساسه، مشيرة الى أن قبول"حماس"سيترتب عليه تفعيل الدور المصري في دعم الحركة. ويضم وفد"حماس"الدكتور محمود الزهار واسماعيل هنية وموسى ابو مرزوق ومحمد نزال وسعيد صيام ومحمد شمة ونزار عوض الله وعماد العلمي، في حين لم تتمكن قيادات الضفة الغربية من المشاركة في المحادثات. ورغم الالتباس الذي احاط بتصريحات مسؤولين مصريين الاسبوع الماضي في شأن المطلوب من الحركة، فإن الخطوط العريضة المتفق عليها بين القاهرة والسلطة تتناول ضرورة نبذ"حماس"العنف عن طريق اعلان هدنة مفتوحة ونهائية، والقبول بالتزامات السلطة التي تم التوقيع عليها كما تقتضي قواعد الحكم، وإلغاء كل ما يشير إلى"تدمير"اسرائيل من وثائق الحركة وأدبياتها. وتطرح القاهرة على الحركة اهمية الانخراط في العمل السياسي، ويعتقد مسؤولون مصريون أن"حماس"اقرب الى الواقعية وانها قادرة على ايجاد مخرج. وكان مشعل اعلن في مقابلة مع مجلة"دير شبيغل"الالمانية امس ان"حماس"ستحترم الاتفاقات الموقعة بين السلطة واسرائيل على اساس انها باتت"امرا واقعا، وسنتصرف بطريقة براغماتية، لكننا لن نضحي بحقوق الشعب الفلسطيني". اما بالنسبة الى مسألة وقف العنف، فاقترح هنية"هدنة طويلة لمدة تراوح بين 10 و15 سنة وتوحيد فصائل المقاومة في جيش موحد. وفي مسألة الاعتراف باسرائيل، قال ابو مرزوق ان"اسرائيل موجودة بحكم الواقع، ولا احد ينكرها ... لكننا نقول انها غير شرعية لانها تغتصب حقوق الاخرين". وقبل بدء المشاورات، صرح مشعل بأن زيارة وفد الحركة لمصر تأتي من أجل التشاور مع القيادة المصرية على المرحلة المقبلة والراهنة. وكشف نائبه أبو مرزوق أن"حماس"ستشكل حكومة وحدة وطنية قائمة على قاعدة الشراكة، بمعنى حكومة تشارك فيها كل قوى البرلمان وفي مقدمها حركة"فتح"، اضافة الى قوى من خارج المجلس التشريعي. وشدد على ضرورة أن يكون برنامج هذه الحكومة برنامج اجماع وطني يتناول كل القضايا المتعلقة بتحرير الاراضي الفلسطينية وإقامة الدولة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. وأشار الى امكان إسناد صلاحيات لمنظمة التحرير وفق اللوائح والنظم، مذكراً باتفاق القاهرة في نيسان ابريل الماضي الذي نص على إعلان الهدنة واجراء الانتخابات وإعادة بناء المنظمة. وأكد في نقابة الاطباء المصريين أن الحركة لن تتخلى عن حدودها الجغرافية، وأن عقيدتها ومرجعيتها هي الاسلام، وان المقاومة هي الوسيلة الوحيدة لديها لتحقيق اهدافها. وأكد أن قرار الرئيس جورج بوش بتخفيف الاموال المانحة والتبرعات للحركة اثار حماسة الشعوب العربية والاسلامية، وأن رجل أعمال سعودياً اعلن عقب هذا القرار انه سيرسل مليون دولار شهرياً، فيما اعلن رجل أعمال مصري انه سيرسل مليون دولار كل 3 أشهر. واضاف:"لن نحرق دفاتر السلطة ولن نستطيع أن نقول لا للالتزمات، ولن نمزق الاتفاقات الموقعة مع الصهاينة، لكن هناك التزامات لن تُمس، وهي حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني". واعتبر ان اكبر مشكلة تواجه"حماس"هي الاعتراف بالعدو الصهيوني والتعهدات التي كانت موجودة عند السلطة ولم تقابلها تعهدات اسرائيلية، وقال:"لا يمكن أن يكون هناك تنسيق امني مع اسرائيل أو تقوم حماس بتسليم مواطن فلسطيني اطلق صاروخاً على اسرائيل". وكان وفد"حماس"في الداخل والخارج عقد اجتماعا بعد ظهر امس برئاسة مشعل تم خلاله تبادل وجهات النظر في شأن تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة ومجمل الاوضاع في الاراضي المحتلة. وصرح القيادي في الحركة اسماعيل هنية عقب الاجتماع بأن الحركة قررت القيام بأوسع حملة مشاورات سواء داخل مؤسسات الحركة او داخل الاراضي الفلسطينية مع القوى الفلسطينية الاخرى، وكذلك مع المحيط العربي والاسلامي. واضاف:"بدأنا هذه المشاورات من مصر الشقيقة، والهدف منها التوصل الى افضل صيغة تقدمها الحركة للحكومة الفلسطينية المقبلة التي ستتحمل مسؤوليات الشعب الفلسطيني في أبعادها السياسية وكذلك ابعادها الداخلية. وأكد عضو المكتب السياسي ل"حماس"محمود نزال إن الحركة ستنتهج نهجاً ديموقراطياً في عملها وفي اسلوب ادارتها للحكم، مضيفا إن زيارة الوفد لمصر تأتي في اطار التشاور في شأن المرحلة المستقبلية من أجل تشكيل الحكومة الفلسطينية.