أصبحت كرة القدم محور الحديث الذي يدور على الألسن في الآونة الأخيرة. وفي حين أن قلة محظوظة ستتاح لها فرصة حضور المباريات في المانيا، فإن الملايين سيتابعونها عبر شاشات التلفزيون. ولكن ربما يكون من الأسهل مواكبة مجريات البطولة من خلال الإنترنت، خصوصاً في ظل وجود مواقع تتولى تغطية هذا الحدث لحظة بلحظة من خلال نشر تعليقات وتقارير وخلفيات مفصلة. وهذا الأمر يتعلق بصفقات الاتحاد الدولي لكرة القدم مع شركات التلفزة العملاقة. ففي حين ينصّب اهتمام ملايين المشجعين على ما يدور فوق مساحة الملعب، تُعقد صفقات ببلايين الدولارات في كواليس المناسبة الأبرز عالمياً، لأنها تستقطب جمهوراً كبيراً. ويعتبر المونديال بالنسبة الى البعض تلك اللحظة التي تأتي أخيراً لتتوج بطلاً عبر مهارات شخصية لا تلعب التقنية دوراً فيها، لكنه بالنسبة الى البعض الآخر منجم ذهب، يستغل أحداثه بكل الاساليب والوسائل لمشاركة"الفيفا"في الأرباح الهائلة التي يحققها كل موسم. والحال ان مباريات كأس العالم هذه السنة تشكل حقل تجارب لوسائل تكنولوجية متعددة في ظل تطور وسائل الاتصالات. وتراهن شركات على استغلال الحدث للترويج لخدماتها التقنية. ويتجلى هذا الأمر من خلال الصفقات العالمية التي عقدت لتقديم المعلومة بالصوت والصورة للمتلقي الذي لا يهمه من كل هذه الصفقات سوى الهدف الذي سيسجله منتخبه المفضل في مرمى الخصم، فيعتبره أغلى من أي صفقة قد تعقد على أكتاف هذا الهدف! وفي سابقة هي الأولى من نوعها وظّف متصفح الانترنت الشهير"ياهوو" Yahoo 40 مليون دولار، لوضع مجموعة من أشرطة الفيديو القصيرة على القسم المخصص للمونديال فيه. وأعلن ان الامر يمثّل مبادرة لاختبار مدى تفاعل الشبكة العنكبوتية مع مشجعي المنتخبات المشاركة في المونديال. ورأى"ياهوو"أن هذا الاستثمار قد يُثمر أرباحاً خيالية من الإعلانات، ذلك أن الشريحة الاكبر من متصفحي الموقع تتراوح أعمارهم بين16 وپ34 عاماً. ففي بريطانيا، مثلاً، هناك 15.5 مليون شخص يتصفحون الانترنت، ويتابع ثلثهم موقع"ياهوو"دائماً، ما يشكل الأرضية المفضلّة للمعلنين. في هذا السياق لا يبدو ان هناك أي معارضة من محطات التلفزة البريطانية لنقل المباراة على الانترنت، خصوصاً أن مباريات المونديال تجرى في أوقات يفضّل فيها الأوروبيون عادة مشاهدة التلفزيون، وليس تصفح الانترنت. وفي ألمانيا، لاحظت احدى جمعيات المستهلكين"ان حمّى كرة القدم تجتاح الإنترنت، خصوصاً في ظل وجود ثلاثة آلاف موقع إلكتروني على الأقل لتغطية البطولة باللغة الألمانية وحدها"، وبات الموقع الرسمي للبطولة الذي يديره"الفيفا"في بؤرة الضوء. وفي إمكان زوّاره العثور على معلومات جمّة عن البطولة، فضلاً عن مواد بصرية - مسموعة مصنوعة بتقنيات الوسائط المتعددة"ميلتي ميديا"مثل أشرطة فيديو عن النجوم الحاليين، وعن أحداث البطولات السابقة، وأبرز اللحظات في تاريخ المونديال. العالم العربي ليس ببعيد في الحمى"الانترنتية"المتصاعدة مع الاقتراب من انطلاقة المونديال. فقد وقّعت شبكة"أيه ار تي"بروتوكول تعاون مع إحدى شركات الاتصالات العملاقة من أجل البدء في تنفيذ التكنولوجيا الجديدة التي تتيح لمستخدمي الإنترنت مشاهدة المباريات على شاشة الكومبيوتر. ويمثل توقيع هذا العقد نقلة نوعية، إذ يتيح أيضاً الاستفادة من خصائص"الفيديو عند الطلب" Video on demand التي تسمح للعملاء بإعادة المباراة في الوقت الذي يناسب المُستخدم، وللجمهور بمشاهدة الأهداف التي ينتفيها، أو الأحداث التي يود التركيز عليها. كما يمكّنه من مشاهدة مباريات فريقه المفضل في أي مكان سواء في المكتب أو في المنزل. ومع تصاعد مظاهر الاحتكار في المونديال، يتوقع ان يلجأ جمهور الشبكة العنكبوتية الى المواقع المجانية، بما فيها تلك المواقع التي تُقرصّن المباريات. ويبدو ان الجمهور العربي في صدد الانتقال الى تلك الممارسة، بعد احتكار فضائية"ايه ار تي"حقوق البث التلفزيوني. ولم يتردد موقع"قصيمي نت"السعودي في إعلان رغبته بكسر ذلك الاحتكار، من خلال البث الحي لقنوات رياضية من البرازيل وإيطاليا وفرنسا. يذكر ان مونديال 2002 استهوى مشجعين عرباً كثراً، فجدوا في البحث اليومي الصبور عن المواقع المجانية للاستفادة من المشاهدة وإبلاغ الأصدقاء والأقارب. ومثّل الامر تجربة حيّة، يستفيد الجمهور راهناً من خبراتها. ويبدو كأنه رد فعل على الشركات التي اشترت حقوق البث الحي واحتكرت تلك المباريات لتحقيق الأموال الطائلة، سواء من الاشتراك أم من الإعلانات.