سواء في ملاعب كوريا الجنوبية أو اليابان، تظهر مباريات المونديال الاول في القرن ال 21 في ملاعب تحوطها لوحات إعلانات الشركات العملاقة التي ترعى الفيفا ومسابقاتها. ليس الامر شيئًا جديدًا، إذ ألف جمهور كرة القدم في العالم أن يرى الملاعب محاطة بإعلانات مصالح الشركات، خصوصًا منذ بدء صعود التلفزيون كوسيلة إعلام عام. وفي تاريخ اللعبة إن ولادة بعض أساطيرها تزامن تمامًا مع بدء عصر الصورة في كرة القدم. ففي مونديال 1958، كان أول بث عام متلفز لكأس الكرة. ورأت أعين البشر لاعب احتياط برازيلي يسجل هدفًا "استعراضيًا" في مرمى بلغاريا، ويلعب نصف شوط في المباراة النهائية أمام السويد، ليقلب النتيجة رأسًا على عقب. وهكذا، أمام التكنولوجيا الاعلامية الجديدة ولدت أسطورة بيليه و"سحرة السامبا". ومنذ عامذاك، لم تكف مصالح الشركات عن الحضور بقوة في صورة المونديال. ويرى البعض أنها أمسكت بزمام اللعبة تمامًا. هل هي مصادفة أن تكون كرة القدم أول من طبَّق نظام الاحتراف الذي حوَّل الملاعب الخضر الى "بنوك" متحركة تركض عليها أقدام تساوي الملايين والملايين؟ والحال أن "الساحرة المستديرة" كانت المكان الذي نفذت منه الاموال الى الرياضة كافة. فعندما تسنَّمَ أنطونيو سامارانش رئاسة اللجنة الدولية الاولمبية عام 1980، نَقَلَ نظام الاحتراف إلى تلك الالعاب، التي كانت تتباهى بالهواية. وللانصاف فإن تلك "الهواية" لم تكن هي أيضًا سوى أسطورة زائفة! ماذا بعد التلفزيون؟ على أي حال، فمنذ أن صارت تكنولوجيا الاعلام المرئي - المسموع محلاً لكرة القدم، صارت السوق أساسًا في هذه الرياضة. وفي المونديال، ترى الاعين دومًا اللعبة مسورة تمامًا بمصالح الشركات الراعية. والكلمات فيها "لعبة" لا تخفى. والجديد في أسماء الشركات التي تطوق ملاعب أول مونديال في هذا القرن، هي شركات المعلوماتية والاتصالات المتطورة. وتحديدًا، أضيف اسم موقع "ياهوو" الاميركي الشهير، الذي يشرف على الموقع الرسمي للبطولة الحالية، وشركة "أن تي تي دوكومو" اليابانية، التي تقود ثورة الاتصالات المتطورة عبر هواتف الانترنت، وشركة "آفايا" الاميركية التي تقدم وسائل اندماج شبكات المعلوماتية مع نظم الاتصالات. وكما في السوق، كذلك في الكرة. هكذا تكاملت عناصر السوق التي تحيط بالملاعب إحاطة السوار بالمعصم. وأضيفت التكنولوجيا الرقمية الى الادوات الرياضية "أديداس"، وشفرات الحلاقة "جيليت"، وأفلام التصوير "فوجي"، وناسخات "زيروكس" وسيارات "هيونداي"، ومشروب "بادوايزر" وهامبرغر "ماكدونالد" وغيرها. واهتم الرعاة الجدد بتحويل المونديال محلاً للاستعراض. وتعاقد "ياهوو" مع الفيفا، فأنشأ الموقع الرسمي للدورة الحالية. وصمم الموقع حيث يلبي رغبات الجمهور في معرفة نتائج المباريات والمنتخبات وتاريخ اللعبة وأول نشيد في تاريخ الكأس، وصور اللاعبين وما الى ذلك. واكتفت "أن تي تي دوكومو" بوضع عنوان موقعها على الانترنت. وبرز لدى "آفايا" ميل الى تحويل الكأس الى مناسبة لعرض تقنياتها في تكنولوجيا الشبكات المتطورة للاتصالات العالمية. وتشرف الشركة على الشبكات لدى "محطات" الكومبيوتر التي تربط الملاعب والمراكز الرسمية والصحافية في كوريا واليابان، والتي وصل عددها الى عشرين. والطريف أن الشركة أدارتها من بعد من الولاياتالمتحدة. وهي أوضحت أن حجم المعلومات التي تداولتها الفيفا عبر الشبكات بلغ حتى منتصف المسابقة، 4 تيرابايت، أي 4 ملايين وحدة معلومات. وتتوقع أن يرتفع الرقم الى عشرة تيرابايت في ختام المونديال. كم يساوي ذلك؟ ست سنوات وسبعة أشهرمن البث الموسيقي المتواصل. وأيضًا كل ما تحتويه مكتبة الكونغرس من كتب وملفات وأشرطة أفلام وتسجيلات صوتية وخرائط...الخ. ترى كم تساوي أموال المونديال؟